استطاعت الفنانة "لينة المالكي" امتلاك جميع وسائل الصياغة البشرية في لوحاتها؛ للتعبير عن شخصية فنية واضحة على الرغم من صغر سنّها، ولا سيما أنها تقوم بتعليم فنون الرسم منذ سنوات، الذي انعكس على إبداعها ليضيف تميزاً أكبر إلى مجمل الأعمال التي قدمتها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2019، التقت الفنانة "لينة مالكي" لتتحدث عن بداياتها في دخول مجال الرسم، فقالت: «نشأت في محيط عائلة فنية، وما زلت أذكر إلى الآن في طفولتي عندما كان يرسم أبي لوحاته عن حارات مدينة "دمشق" القديمة بأسلوبه الخاص، فهو مهندس معماري اعتمد الاختزال في مساحاته والتعبيرية في ألوانه، ليغني عندي ذائقتي البصرية، كما أثّر بي أخي الموسيقي والفنان التشكيلي "طارق المالكي"، حيث كنت أراقب وأنا في العاشرة من العمر مراحل تكون خطوطه الأولى إلى لحظة انتهائها، وهذا كله كان دافعاً لإثارة فضولي وحبي للفن، لأدرك لاحقاً أنه ملاذ حقيقي للتعبير عن الذات. هذه الظروف المحيطة بي شجعتني بعد دراستي للثانوية على دخول مجال الفن عبر دراستي بقسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"، ليشرف على دراستي عدة فنانين؛ بينهم الفنان "محمد العلبي" الذي كان له فضل كبير في نضج الرؤية وتطوير التحليل اللوني عندي، فأصبح الفن هو البحث المستمر عن الذات، ودفعني باستمرار في الرسم والتعبير بكل صدق، لأن اللوحة تستنفذ فعلياً طاقة الفنان الحسية والذهنية إلى أن تختزن بذلك شيئاً من روحه، فتنقلنا عبرها إلى زمانه ومكانه وذاكرته ومشاعره. وبعد التجربة اكتشفت أن متعتي تكمن في رؤية لوحتي تحديداً بعد مرور مدة على إنجازها تكون أكبر من لحظة انتهائي منها، وفي تلك اللحظة أستطيع رؤية نفسي بوضوح أكبر عن بعد».

كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة، ولفت انتباهي الطرح الأنثوي في لوحاتها، والبحث عن الجوهر الإنساني والشخوص المرسومة، وهي تتفاعل مع مشكلة الإنسان بوجه عام، وتبسط الشخوص التعبيرية ولا تعترف بالتفاصيل المتعبة للشخصية، لأن التعبير والأنثى والإنسان ثلاثي لوحاتها، وهذا بنظري ما يميز تجربة الفنانة "لينة"، لأنه نادراً ما نجد شخصية أنثوية بالفن التشكيلي لا تغرق بالتفاصيل

وتابعت عن تميّز لوحاتها بتقنية الرصاص والفحم: «كل تقنية تعطي الفنان حساً أو تعبيراً معيناً، وعندما أرسم لوحة بالرصاص أو بالفحم، فإنني أنتهي بزمن أقصر من الزمن الذي أستغرقه بالرسم في اللوحات الزيتية، ولا سيما أن الأفكار والمشاعر آنذاك تكون آنية بعكس ما تفرضه تقنية اللوحة الزيتية، التي يتزامن مع إنجازها تبدلات بالمشاعر والمزاج خلال الوقت، ويمكن أن تستغرق أحياناً شهراً كاملاً. أظن أن العمل الفني الناجح هو الذي تتحقق فيه شروط الصدق والشفافية، وعلى الرغم من الصعوبات ألمس تحقيق ذلك بسهولة عند تعليم الأطفال بصفتي معلمة للرسم في مركز "ستيج آرت" للفنون، فجذبتني الفكرة كثيراً، واكتشفت مدى متعة مراقبتهم وهم يخطون على الورق، وجرأتهم في رسم أي خط من دون قلق، أو تفكير مسبق مع عفوية مطلقة، لهذا تابعت الرسم عند الأطفال تطبيقياً من خلال العمل معهم والإشراف على أعمالهم، وتطوير ملكاتهم وأدواتهم بحسب قدراتهم ومخيلتهم التي تكون غنية وخصبة وقادرة على التعبير بكل حرية وجمال.

لوحة مرسومة بتقنية الرصاص والفحم

بالنسبة لمعرض "behind the lines" في مدينة "بنتكتون" في "كندا"، الذي ما زال مستمراً حتى الآن على مدار ثلاث سنوات مروراً بعدة مدن، فهو معرض مشترك لـ18 فناناً سورياً، وأتاح لي فرصة ثمينة لأعبر عن ذاتي خارج بلدي، وكنت سعيدة حقاً بمراسلات الثناء التي تلقيتها من بعض الحاضرين هناك».

الفنانة "نغم ناعسة" مديرة مركز "ستيج آرت" تحدثت عن الصداقة والعمل مع الفنانة "لينة"، وقالت: «تعرفتها منذ سنتين، وعملت على تغييرات جذرية ونقلة نوعية بالنسبة لتدريس وتنمية مواهب الأطفال الفنية، وذلك لامتلاكها تقنيات مختلفة ومتمكنة منها في مجال الرسم والتشكيل، واستطاعت أن تثبت نفسها في أكثر من مكان، وتعمل على تطوير أدائها، وتتفاعل مع تدريس الأطفال من عمر 6 سنوات وما فوق بخبرة ومتابعة عالية، كما أسهمت بتدريب الطلاب ضمن دورات للتقديم على كلية الفنون الجميلة؛ لذلك لمستها موجودة في كل مكان، لأن العمل الذي تقوم به واقعي وتعبيري إلى درجة أنه يمكن أن يراه الإنسان بعينيه مباشرة. لها قدرة كبيرة على تحليل ودراسة اللوحات لتعطيها بعداً آخر وجمالية خاصة، وكتجربة شخصية، لا يكتمل أي عمل في المركز إلا بوجودها بصفتها رئيسة قسم الفنون فيه».

من أجواء تدريب الأطفال على الرسم

"محمد العلبي" محاضر في كلية الفنون الجميلة والمركز البلغاري للفنون، تحدث عن رأيه بالفنانة "لينة المالكي" فنياً بالقول: «كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة، ولفت انتباهي الطرح الأنثوي في لوحاتها، والبحث عن الجوهر الإنساني والشخوص المرسومة، وهي تتفاعل مع مشكلة الإنسان بوجه عام، وتبسط الشخوص التعبيرية ولا تعترف بالتفاصيل المتعبة للشخصية، لأن التعبير والأنثى والإنسان ثلاثي لوحاتها، وهذا بنظري ما يميز تجربة الفنانة "لينة"، لأنه نادراً ما نجد شخصية أنثوية بالفن التشكيلي لا تغرق بالتفاصيل».

من الجدير ذكره، أن الفنانة "لينة المالكي" من مواليد "دمشق" عام 1991، إضافة إلى عملها بالإشراف على تدريب الأطفال على الرسم في الملحقية البلغارية حتى الآن، كذلك تدرس في قسم السينوغرافيا في المعهد العالي للفنون المسرحية، وفي الجامعة "الدولية الخاصة".

من معرض خلف الخطوط المقام في"كندا"