بإرادة قوية وقدرة على تطوير الذات، استطاعت "منى عمقي" على الرغم من الصعوبات أن تتغلّب على الإعاقة الجسدية التي رافقتها منذ الولادة، لتؤسس مشروع "الإعاقة انطلاقة"، الذي يهدف إلى تصحيح الأفكار السلبية حول أصحاب الهمم، ودمجهم في المجتمع، لتنافس الأسوياء بالفكر والعمل، ويتم اختيارها كواحدة من الشباب العشرة الأكثر تميّزاً في "سورية" لعام 2019 عن فئة الريادة في العمل التطوعي والإنساني من قبل "الغرفة الفتية الدولية" "jci".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معها بتاريخ 30 حزيران 2019، وعن دوافعها لدخول العمل التطوعي وإطلاق مبادرة خاصة بذوي الهمم، تقول: «على كل إنسان في هذه الحياة أن يقوم بعمل تطوعي ليعيش حياة كريمة مرضية لنفسه، وشخصياً أحب أن أعطي من دون مقابل، وأرى البسمة على وجوه من حولي، فالعمل التطوعي يدخل الفرح إلى قلوب الأشخاص الذين يحتاجون إليه، ويجعل من يقوم به مملوءاً بالطاقة الإيجابية وحب الحياة والعطاء، ومذ كنت صغيرة شعرت بهذا الميل في داخلي لمساعدة الآخرين، لكن لم أعرف كيف أوجهه حتى عام 2017، حيث بدأت العمل على أرض الواقع وأطلقت مشروعي "الإعاقة انطلاقة" في الخامس من كانون الأول 2017، في يوم "المعوق العالمي"، بجامعة "دمشق"، ولأنني أحد هؤلاء الأشخاص، وأستعمل الكرسي المتحرك، قررت أن أسلط الضوء على نقطة لا يراها معظم الناس في مجتمعنا؛ وهي أن هؤلاء الأشخاص قادرون على عيش حياة طبيعية، ويكونوا فاعلين في المجتمع، إضافة إلى أن هدف المبادرة يقوم على دمجهم بالمجتمع وتأمين فرص عمل مناسبة لكفاءاتهم».

شاركت في مبادرة "خسى الجوع" مع جمعية "ساعد" عام 2018، من خلال إعداد وجبات الإفطار للصائمين، وفي ماراثون "الشام بتجمعنا"، والعديد من المعارض المحلية، إضافة إلى احتفالية "اليوم العالمي لأصحاب الهمم" في فندق "شيراتون دمشق" عام 2018، والمشاركة في افتتاح أول أرجوحة خاصة بأصحاب الهمم مع جمعية "سلوك" في عيد الفطر عام 2019

وعن الخدمات التي تقدمها المبادرة تتابع قائلة: «تقدم المبادرة دورات تدريبية مجانية لمهارات الدخول إلى سوق العمل، ثم تأمين فرص عمل مناسبة للمستفيدين، لا يوجد لدينا مركز معين، ونفذنا المرحلة الأولى من الدورات في مركز الشباب التابع لـ"الأمانة السورية للتنمية"، والمرحلة الثانية ستكون في مركز "بناء القدرات" في "المزة"، وعدد أفراد الفريق أربعة أشخاص؛ ثلاثة منهم من ذوي الهمم، ومن الدورات التي نقدمها (مهارات الحاسوب، التصوير، الدعم النفسي، كتابة السيرة الذاتية، مقابلات العمل)، ويتم ذلك على أرض الواقع؛ فبعد المرحلة الأولى تم تعيين أشخاص في شركة خاصة للاتصالات، وأنا منهم، حيث يتم اختيار المستفيدين حسب المؤهل العلمي لكل منهم، والأفضلية للجامعيين، وبالنسبة لضم المتطوعين يتم تبعاً لتعاملهم من قبل مع ذوي الهمم، ومعرفة هدفهم من الانضمام إلى الفريق».

أثناء التكريم

وفيما يتعلق باختيارها لجائزة الشباب العشرة الأكثر تميّزاً في "سورية" من قبل "الغرفة الفتية الدولية" لعام 2019 وشهادات التقدير الحاصلة عليها، تقول: «رشحتني للمسابقة الصديقة "منى كيوان"، وعند فوزي عن فئة الريادة في العمل التطوعي والإنساني كان شعوري لا يوصف، وشعرت بأنني بدأت الوصول إلى حلمي، وإيصال رسالتي إلى العالم، ونشر ثقافة أصحاب الهمم للعالم أجمع، كما حصلت على عدة شهادات تكريم منها شهادة حضور سلسلة دورات تطوير المهارات القيادية عام 2018 من قبل "الجامعة السورية الخاصة"، وجمعية "إدارة الموارد البشرية"، وشهادة تكريم في معرض "فرص العمل" عام 2018، وأخرى من فريق "الإعاقة انطلاقة" عام 2018، وحصلت على ميدالية ذهبية من ماراثون "الشام بتجمعنا" لفوزي بالمركز الأول فيه عن فئة الإناث عام 2018، إضافة إلى درع تكريمي من معرض "شغلني" عام 2019».

وعن الفعاليات التي شاركت بها تكمل حديثها قائلةً: «شاركت في مبادرة "خسى الجوع" مع جمعية "ساعد" عام 2018، من خلال إعداد وجبات الإفطار للصائمين، وفي ماراثون "الشام بتجمعنا"، والعديد من المعارض المحلية، إضافة إلى احتفالية "اليوم العالمي لأصحاب الهمم" في فندق "شيراتون دمشق" عام 2018، والمشاركة في افتتاح أول أرجوحة خاصة بأصحاب الهمم مع جمعية "سلوك" في عيد الفطر عام 2019».

في فعالية

وفيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهها أصحاب الهمم، تقول: «تعاني هذه الفئة صعوبات عدة في كل مكان نكون فيه، ومنها نظرة المجتمع إليهم وتعامله معهم، عدم قدرته على استيعابهم، وعدم تجهيز أي مكان عام أو خاص لهم، وصعوبة الوصول إلى الدوائر العامة والخاصة، مع وجود بعض الأهالي غير القادرين على تقبل الشخص من أصحاب الهمم الذي يتنمي إلى عائلتهم؛ وهو ما يؤثر في نفسيته، ويصبح غير قادر على التصالح مع ذاته. وعلى الصعيد الشخصي أكثر الصعوبات تتركز على المواصلات، وصعوبة التنقل، لأنني بحاجة إلى استخدام سيارة حصراً، ولا أستطيع استعمال وسائل النقل الأخرى».

وتكمل "منى" حديثها موجهةً رسالتها إلى المجتمع وأصحاب الهمم قائلةً: «أتمنى من المجتمع أن يغير نظرته إلى هؤلاء الأشخاص ويعدّهم مثل أي شخص آخر، لكن لديه حاجة خاصة تجعله مختلفاً قليلاً عمن حوله، لكن هذا الاختلاف يجعله يتميز ويبدع في أكثر من مجال، وليكن صدر المجتمع رحباً لتقبلهم، ونكون على قلب واحد حتى نستطيع التغيير، وبالنسبة لذوي الهمم أقول لهم لا تيأسوا أبداً، تصالحوا مع أنفسكم على الرغم من الضغوط، الحياة صعبة في هذا المجتمع، لكن كونوا على يقين بأن القادم أفضل، والتغيير يبدأ منا أولاً، بمثابرتنا ومواجهتنا للصعوبات».

شهادة مهارات القيادة

بدوره "بدر الهجامي" شريك مؤسس في مبادرة "الإعاقة انطلاقة"، يقول: «أعرفها منذ المرحلة الإعدادية، تتميز شخصيتها بالجدية، والقيادية، دائماً تطمح إلى الأفضل لتكون مميزة، التقينا في المبادرة التي أطلقتها "الإعاقة انطلاقة" وأحببت فكرتها التي تدعم الأشخاص ذوي الهمم من خلال تمكينهم وإعطائهم خبرات لدخول سوق العمل، فبدأنا تأسيس الفريق إضافةً إلى زميلتين لنا من مؤسسي الفريق، تطورت الفكرة وانضم معنا متطوعون، وتواصلنا مع عدة أشخاص من ذوي الهمم، وقدمنا المبادرة بعيادات العمل في كلية الهندسة، وقمنا بتوزيع المهام، كانت مدرّسة لغة إنكليزية، وأنا كنت مدرّب تصوير وتصميم، وفي البداية كنا نفتقد إلى الدعم المالي حتى نستطيع ضم مدربين لتقديم دورات تدريبية للمستفيدين، وبعضهم قدم -مشكوراً- جلسات تدريبية مجانية لدعم المبادرة، هي إنسانة لبقة، ابتسامتها دائمة، كل من يعرفها يمتدح أخلاقها وإصرارها لتحقيق أهدافها».

من جهته الدكتور "منير عباس" محاضر جامعي ورئيس جمعية "إدارة الموارد البشرية"، يقول: «تعرّفت إلى "منى" عندما كنت ممثلاً لإحدى الجهات الداعمة لاحتفالية "اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة" بعنوان: "الإعاقة انطلاقة" بتاريخ 4 كانون الأول 2017، برعاية رئاسة جامعة "دمشق" بصفتي رئيس جمعية "إدارة الموارد البشرية"، قدمنا الدعم اللازم وتحدثت معها في ذلك اليوم لكونها صاحبة المبادرة من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فهي تفهم احتياجاتهم أكثر من أي أحد آخر، في "الإعاقة انطلاقة" لفتت نظري بقدرتها على التنظيم الرائع بأبسط الإمكانات وشعرت بعجزي أمام ما قدمته في تلك الاحتفالية، وقررت أن أقدم لها كل الدعم الذي أستطيع ضمن الإمكانات المتاحة لأنها شخص متفائل، وناجح وإيجابي، مملوء بالأمل، نفسيتها الإيجابية تنعكس على كل من حولها وتعطيهم الأمل، إضافة إلى أن لديها هدفاً وتعرف أنها ستحققه، وهي ترعى مبادرة تدرّب فيها ذوي الاحتياجات الخاصة وتقدمهم لسوق العمل بسير ذاتية ومهارات أساسية ليكونوا منافسين في الحصول على وظائف لا تعيق احتياجاتهم الخاصة أداءها، أفخر بها، هي شخص نبيل وإيجابي وتستحق كل النجاح والتقدير».

يذكر، أن "منى عمقي" من مواليد "دمشق"، "الميدان" عام 1989، تعمل حالياً في شركة "سيرتيل" بقسم خدمة الزبائن، حاصلة على العديد من الشهادات في اللغة الإنكليزية، وقيادة الحاسوب، ومهارات القيادة.