عشق موسيقا الكلمة العربية، فأبحر بالمعنى وطارد الغرام على صهوة الشعر، تأثّر بـ"نزار"، و"أبو ريشة"، فأجاد رسم كلماته ليعبُرَ شطآنَ الإحساس بشراع يدفعه الحبّ، فكان الدبلوماسي الشاعر النابض بحبّ الوطن، والحبيبة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 كانون الأول 2019 الشاعر والدبلوماسي "غسان عنجريني"، ليحدثنا عن نشأته وانطلاقته، قائلاً: «نشأتُ بين ضفتين من الأدب، في منزل دأب على الفكر والقراءة، كان في منزلنا مكتبة واسعة تزخر بالأدب والمعارف، وتعلمنا قراءة الغاية والمحتوى، وتقليم الهدر والتكرار وصولاً إلى الجواهر الأدبية، واللغة العذبة، ولطالما كانت الحقبة الزمنية تورف ظلال الأدب كمتاع روحي يسعى الجميع وراءه، فكنا نتسابق لقراءة الحب في قصائد "نزار"، ونسهر على مضامين واقعية قصائد "عمر الفرا"، ومع الروح الوطنية القومية السورية، كان للشعراء القوميين نصيب غني من الأمسيات المنزلية والحوارات النهارية ارتباطاً بالشخصية القومية السورية».

حصلت على الإجازة في الحقوق عام 1996، ثم دبلوم بالمعهد العالي للإدارة عام 1998 من جامعة "دمشق"، ومن ثم حصلت على ماجستير في إدارة الموارد البشرية في عام 2012، وحصلت على درجة الدكتوراه في علم القيادة عام 2017

وعن كتابته الشعرية قال: «ربما كان لبحور الهوى دور أساسي غلب على بحور الشعر، فنثرت كلماتي قطعاً من الإحساس تنظم نفسها، في مختلف الاتجاهات الشعرية، فكتبت عن الهوى والوطن، المرأة، الأم، الحبيبة، الواقع، المعاناة، الخيبة، الخيانة، التجذر، الانتماء، ولعلّ الاغتراب كان من طبيعة عملي الدبلوماسي، والمغترب عاشق لوطنه، أيّاً كان أسلوب تعبيره، فانطلق الشعر يشيد جسراً يعبر عليه اشتياقي للوطن، فقلت:

اللواء الشاعر محمد حسن العلي

في الأفق البعيد تغفو بصيرتي ويستيقظ الوطن حتى في سباتي

بنيت صروح الحب عـــروشاً وشيدت قلعتي من ذكريـــــاتــي

أحد دواوينه المنشورة

أنا الوطن المسكون بغربتــي يسجد الحنين شوقاً في صلاتــي».

ويتابع: «حصلت على الإجازة في الحقوق عام 1996، ثم دبلوم بالمعهد العالي للإدارة عام 1998 من جامعة "دمشق"، ومن ثم حصلت على ماجستير في إدارة الموارد البشرية في عام 2012، وحصلت على درجة الدكتوراه في علم القيادة عام 2017».

صورة غلاف ديوانه محورها سيرته الذاتية

وتناولَ مؤلفاتِه الشعرية ومضمونها، قائلاً: «منذ عام 2015 كتبت عدة دواوين: "وردة شرفة"، "أرجوحة"، "محكمة الغرام"، "لمسة روح"، "جوهرة البخت"، "إشراقة حب"، و"جمهورية الحب"، وكل ديوان هو مزيج شعري بين قصائد الغزل والوطن والواقع، بحيث توجد اتجاهات بالفصل بين الأنواع الشعرية الثلاثة، لكنني كنت أضع كل قصيدة في قيدها المدني بحسب تولدها في المجموعة الشعرية نفسها».

وتناول تأثير الغربة في إبداعه الشعري، قائلاً: «الغربة هي حالة الشجرة التي سافرت أغصانها خارج الوطن لكن جسدها مازال متجذراً فيه، حيث احتلت القصائد الوطنية جانباً أساسياً في قصائدي، فتناولت التفاؤل والإيمان والثبات والبطولة والانتصار والجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ومرتسمات الحرب على الشارع والوجوه والقلوب».

وتناول عمله الدبلوماسي وتأثيره على إبداعه الشعري، قائلاً: «التحقت بالعمل الدبلوماسي عام 2002، بصفة قنصل في إحدى سفارات "سورية" في "أوروبا"، ثم انتقلت إلى "لبنان"، وأخيراً سافرت إلى "الكويت"، فعشت الغربة لأنني أعتبر الغربة غربة في أي مكان خارج بلادي، فكانت الغربة الباعث الرئيس في دفع هذه القصائد لترى النور، وقد أعجبت كشاعر بالشعر الواقعي لأنه يؤرخ حالة اجتماعية أو وطنية أو شخصية، وقد احتلت القصائد الوطنية مكاناً بارزاً في مجموعاتي الشعرية، وتناولت الأزمة في قصائدي بالتفاؤل والإيمان والثبات وبطولات جيشنا الثابت، وتناولت الرصيف والمقهى، والحالات الاجتماعية كالطلاق والخيانة والغدر».

وتناول تجربة "عنجريني" اللواء الشاعر "محمد حسن العلي" عضو اتحاد الكتاب العرب بالقول: «الشعر هو الحب، وأعتقد جازماً أنه الخلاص، هذا الشاعر وجد خلاصه في العمل الإبداعي، أنه يحاور الآخر على طريقته، بأطيافه الثائرة، بصمت كما العاصفة الصغيرة التي تجول البادية بحثاً عن شجرة تحاورها، وإنسان يستلطف أناته.

يقدم الشاعر الضوء في المعنى والدفء، ضمن أحاسيسه المرهفة الصادقة التي تقف فوق أمواج الثقافة، ويقدم أوزاناً وقوانين إبداعية قد لا أقره في بعضها وأرى أنها بحاجة لرتوش بسيطة لتواكب بحور الخليل، ولكنها صفة من صفاته، وعناصرها تمتلكه وممزوجة به، وهو يخاطب بعوالمه الهائمة الأفئدة، وكأنه يعزف على جدار الزمن قصيدة من قصائد قلبه، تنثر وشوشة وأسراراً وفوضى متباهية بشفافيتها وعذوبة طيف خطوطها ونقاطها المتسامية، فيطلق من داخله طائراً حبيساً متوحداً مع حالة من حالات الإشراق والافتتان».

وأضاف: «قد يكون صوفياً، ولكنه عاشق لا محالة، فالشعر عنده ليس ترفاً، إنه الحاجة لتحقيق المزيد من الواقع بالشعور بالنور، والسلاح اللا مرئي، وحرب من الإرهاصات الداخلية في النفس، حرب على الأفكار الجافة والمبتذلة في سبيل تحقيق اللون الأم الذي يعطي للمعنى ألف لون ولون ضمن مساحات من اللا وعي التي تجتاح خلوة السطر، وتنسج التراكيب لتبني عشها الوردي الصادح بالعنوان، ليترجم معرفته بالطبيعة تارة وبالوجود تارة أخرى لتشكل طبيعة أخرى تؤثر بالقارئ ويصبح جزءاً من تجربته الحسية المضافة للوعي الحسي والإدراك الأغنى بالخيال والأعرف بالواقع، كحالة التناقض بين الأبيض والأسود القادرة على التغيير بينهما وفقاً للحاجة والرؤى، كالحصاة الموجودة في مسيل الماء تتحول بعين الشاعر إلى فيروز وأحجار كريمة لتعبر عما لا يعبر عنه، ويحمل "غسان" في صوته لكنة نزارية وبوحاً لياسمين الشام».

يذكر أنّ الشاعر "غسان عنجريني" من مواليد "دمشق" عام 1972.