شغلت دراسة الآثار اهتمامها وتفكيرها، ليتحوّل فيما بعد لتوجّه حقيقي وملموس بهدف المساعدة في عرض وتسجيل ما أمكن من التحف الأثرية السورية القيمة، بغية تحقيق مشاركة وانفتاح أكبر على واقع العمل بهذا المجال الفسيح.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "غدير وهبة" بتاريخ 28 كانون الأول 2019 لتتحدث عن عالم الآثار، وعن سر نجاحها فيه طيلة فترة دراستها بالقول: «قبل قرار دخولي إلى جامعة "دمشق" -قسم الآثار- تزاحمت علي أقسام الدارسات، وكان علي اختيار الأنسب مع ميولي والمجال الذي يعزز موهبتي وطموحي في اكتشاف المجهول والغوص في تفاصيله، وتحقيق حلمي في أن أكون آثارية مهمة تليق بالمجتمع السوري، لم يبق لي خيار سوى الالتحاق بقسم الآثار بعد تشجيع ومناقشة مع عائلتي حول جماليات هذا القسم وتميزه، وفعلاً حتى هذه اللحظة وأنا على أبواب التخرج قد اجتزت مرحلة شيقة جداً وممتعة ضمن مدارات حضارات الإنسان وهو الأهم في صناعتها.

هي طالبة متميزة علماً وخلقاً، وفي حضورها ومداخلاتها أثناء المحاضرات، ما جعلها تتفوق على كافة الأصعدة، تتمتع بشخصية ذكية وفريدة تجلت في البحث الميداني والعملي، وليس في علم الآثار فقط، خاضت العديد من الدورات في علم الآثار ولا تتهاون في البحث عن أيّ مصدر لزيادة خبرتها ومعرفتها الأكاديمية

الآثار منهج قريب من أسلوب تفكيري، ويشبه إلى حد كبير طموحاتي، وأحاول فيه دمج الاستكشاف مع ثقافتي التي اعتبرها متواضعة إلى حد ما، والتي اكتسبتها من البيئة والمجتمع حولي، وفي مدرستي سابقاً، ومنها برز اهتمامي في البحث عن مزايا هذا العلم خصوصاً انني الأولى على الدفعة في السنة التي مضت وما قبلها، وأرى كل مرة دافعاً جديداً ضرورياً للدارسة في كل عناوينه وتفاصيله».

خلال تقديمها فعالية الشباب لمبادرة الوطن لنا

أما عن أسلوبها في توثيق وجمع المعلومات في ما يخص كل تراث أو إرث قديم وانعكاسه على المستوى الحضاري في "سورية" عامة بالقول: «هذا شأن كبير وهام في مجال البحث والمعرفة، ومن خلال خبرتي أجد أنّ كلّ بلد له تاريخ يتجسد ويتراكم عاماً تلو الآخر عبر صون هذه الحضارة بكل ما فيها من تفاصيل هامة وجدت في كل بقعة جغرافية، مع تمكين الاستمرار في تشييد الأماكن المناسبة لعرضها وتوثيقها كصرح أثري وبالشكل الأمثل لها، ساهمت في عدة مشاريع تخص الآثار من ناحية التوثيق والترميم، وهي الحالة المثلى من المسؤولية لأن البلد يستحقها وأكثر، وكوني المسؤول الإعلامي ضمن فريق "أصدقاء المتحف الوطني" بـ"دمشق" جسدت مع زملائي اليد الباحثة عن مكنونات ما درسنا عبر تطبيقه عملياً، وساهمنا في هذه المسؤولية التي اندرجت تحت نطاق التعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف، من أجل تعزيز دورها بالتنسيق والاستفادة من خبرات الطلاب الجديدة الذين يشكلون جزءاً مفيداً في عملها، وشاركت في تنظيم عدة فعاليات ثقافية وتميزنا بحضورنا ككل ضمن فريق متعاون يملك خبرةً واهتماماً فعلياً في تعريف الناس عن حضارتنا وتوثيق بعض القطع الأثرية التي تخصّ القسم الكلاسيكي وترتيبها ضمن صالة المعروضات، والتعريف من خلال البحث مسبقاً عن أهميتها التاريخية بدقة ولأي فترة تعود سابقاً إذ تعتبر من كنوز البلد المكنونة، وليتمكن أكبر عدد من المهتمين من مشاهدتها مع تسليط الضوء على الأشياء التي تخص الآثار من باب الاستكشاف وترتيبها وتصويرها ضمن فيديوهات منظمة ونشرها على أوسع نطاق».

"ماهر جباعي" مدير المعامل الفنية في المتحف الوطني تحدث عن اجتهاد "غدير" في مجال الآثار قائلاً: «من الجدير بها أن تكون مستقبلاً آثارية مهمة، أكاديمياً وعملياً، وحقيقة تعطي من روحها في العمل وفي مجال ترميم الآثار تتميز بأهم ميزات المرمم وهي الصبر والأناة في إنجاز العمل حتى يستطيع الاستمرار به، بالإضافة للثقافة الآثارية مع الاهتمام بالفن وأساسياته، تتعامل مع القطعة الأثرية بكل أحاسيسها كما لو كانت تنظم قطعة شعرية وهي مبدعة في كتابة الشعر، وأعتقد أنّها تميزت بأعمال أخرى في مجال الآثار منها التنقيب وتوثيقه بكل دقة وجودة عالية».

في المنتدى الثقافي العراقي

أما عن شخصية وصفات "غدير" وفرادتها في مجال الاستكشاف والتوثيق الأثري، فتحدثت الدكتورة "ابتسام ديوب" اختصاص وادي النيل في جامعة "دمشق" قائلة: «هي طالبة متميزة علماً وخلقاً، وفي حضورها ومداخلاتها أثناء المحاضرات، ما جعلها تتفوق على كافة الأصعدة، تتمتع بشخصية ذكية وفريدة تجلت في البحث الميداني والعملي، وليس في علم الآثار فقط، خاضت العديد من الدورات في علم الآثار ولا تتهاون في البحث عن أيّ مصدر لزيادة خبرتها ومعرفتها الأكاديمية».

من الجدير بالذكر أنّ "غدير وهبة" من مواليد "دمشق" 1998.

مشاركتها بمبادرة "الوطن لنا" مع الفنان فايز قزق