استطاع الفنّان "أحمد حاج أحمد" بإتقانه فنّ الرسم الحواري ورسومات القصص أن يقدّم للطفل منظومةً فنيةً بلغةٍ بصريةٍ عالية المستوى وأسلوب سهل الفهم.

مدوّنةُ وطن"eSyria" تواصلت مع الفنان "أحمد حاج أحمد" بتاريخ 18 أيار 2020 وعن موهبته يقول: «كانت بداية الموهبة بتعلقي بالمواد الفنية بغرض تجسيد أحداث من واقع البيئة المحيطة بي، بالإضافة إلى قصص مغامرات مرتجلة باستخدام مادة المعجون، كنت أقوم بتصميم كلّ عناصر الحدث المتخيل ثمّ توزيعها في الفضاء الذي أحدده، وبعدها أبدأ لعبتي بتحريك تلك العناصر، واختراع الحوار فيما بينها، واستدرجت إليها أصدقائي المقربين، كان هذا في المرحلة الابتدائية، وفي الإعدادية أصبحت أميل لتجسيد الأحداث بالرسم، وكان اهتمامي منصباً أكثر على تجسيد اللقطات المثيرة في القصة التي أتمنى تحقيقها، وهكذا وجدت متعتي في اختلاق أحداث وتجسيدها بالرسم، وفي مرحلة انجذابي للعبة كرة القدم كنت أقيم مباريات مجسداً اللقطات الهامة والأهداف بالرسم، وكل هذا كنت أمارسه خلسةً دون أن يدري بي أحد حيث كانت الأوامر العائلية لا تحبذ إلا الاهتمام بالواجبات المدرسية فقط، هذا ما ترك لاحقاً في نفسي تساؤلاً حول مبدأ التربية الحقيقية وكيفية تنمية الموهبة».

بالإضافة إلى رسوماتي في مجلة "أسامة"، رسمت في الكتب والمجلات التابعة لوزارة الثقافة، ومجلة "توتة وأحمد" اللبنانية، كتب ومناهج رياض الأطفال، كما تعاونت مع بعض دور النشر المحلية، وأعتقد بأننا جميعاً مقصرون بشكل مبالغ فيه تجاه المرحلة الطفولية فيما نقدمه لهم، وهذا برأيي خطأ مجتمعي كبير جداً

وعن بداية طريقه في المجال الفني يتابع بقوله: «كانت تجذبني اختصاصات مختلفة يساندني في ذلك طموح كبير إلا أن مشكلةً صحيةً ألمت بي في بداية العام الدراسي للثانوية العامة جعلت من جميع الأهداف المستقبلية مسألة يصعب تحقيقها، لأعود لهوايتي الطفولية وهي تجسيد الأحداث عن طريق الرسم فأحببت الأسطورة وفضاء المغامرات فيها، ورحت استجمع العناصر التي يمكنها أن تساعدني من قوة ودقة خطوط الرسم بالإضافة للتعبيرات الحركية معتمداً على أي مصدر يغنيني وبالتدرب المستمر دون وجود أي معين تابعت السير في هذا المجال، وكان أول عمل عام 1987 وهي مجموعة رسوم كاريكاتيرية طلبها مني أحد الأصدقاء».

من رسوماته

ويتابع: «كنت أحب الأعمال التشكيلية وأزور المعارض دون أن يرافقني أحد، رغم ميلي الداخلي للرسوم المخصصة للأطفال، وعندما قررت أن أتخذ موقفاً محدداً بين المجالين عقدت بينهما مقارنة مثلاً: الأعمال التشكيلية تحمل رؤية الفنان، فلسفته، وصفاته الشخصية التي يريد تصديرها، أما الأعمال المخصصة للأطفال فتتسم بوضوح التعابير أكثر وحضور الأحداث المثيرة، المغامرات، والخيال الجامح، وهي من الأمور التي تسترعي انتباه جميع الأطفال، كما أنني أعدُّ الطفولة هي المرحلة التي يتشكل فيها الإنسان وهو بحاجة للكثير من كل شيء، ومن الضروري أن تتركز جلّ الطاقة الموجودة في المجتمع نحو الاهتمام بالطفل خلال المراحل الدراسية كلها وما زلت مؤمناً بهذه الفكرة وأعمل عليها جاهداً ليس في مجال الرسم فحسب وإنما مجال الأنشطة الموجهة للطفل وكان هذا منذ عام 1999».

وعن مشاركاته يقول: «منذ اهتمامي بالفنون لفت انتباهي عدم وجود معارض فنية خاصة بفن الطفل على الرغم من وجود هكذا معارض في العالم، وفي عام 2003 عندما رغبت السفارة السلوفاكية بـ "دمشق" بإقامة معرض لفناني رسوم الأطفال اقترحت - وكنت أعمل في مديرية ثقافة الطفل - أن يكون المعرض مشتركاً مع فنانين سوريين وكنت ضمن المشاركين، وللاستمرار في هذا المضمار كنت أقيم معرضاً لرسامي كتب الأطفال الخاصة بمنشورات وزارة الثقافة على هامش جميع الاحتفاليات التي كانت تقيمها المديرية على أمل أن تنتشر هذه الظاهرة، كما شاركت بـ"الملتقى الفني الأول لرسامي الأطفال" عام 2013 الذي أقامته وزارة الثقافة في "قلعة دمشق" حيث تمّ تكريمي فيه، ومؤخراً معرض رسامي مجلة "أسامة" عام 2019 في مكتبة "الأسد"».

استخدام الألوان في رسوماته

وفيما يتعلق بعمله يقول: «بالإضافة إلى رسوماتي في مجلة "أسامة"، رسمت في الكتب والمجلات التابعة لوزارة الثقافة، ومجلة "توتة وأحمد" اللبنانية، كتب ومناهج رياض الأطفال، كما تعاونت مع بعض دور النشر المحلية، وأعتقد بأننا جميعاً مقصرون بشكل مبالغ فيه تجاه المرحلة الطفولية فيما نقدمه لهم، وهذا برأيي خطأ مجتمعي كبير جداً».

وعن مراحل رسم القصة الموجهة للطفل والعوامل المؤثرة فيها يقول: «بداية أتأمل النص، الموضوع أو الحدث الذي أريد رسمه، مع استيضاح حد النص الملزم والمساحة التي تمكن الرسام من التحرك فيها لإضافة رؤيته، طابعه وأسلوبه الخاص، ثم تحديد الجو العام للعمل مثل المرحلة العمرية التي يتعامل معها، زمن الحكاية أهي تاريخية، حديثة، خيالية، كما أن الجنس الأدبي له دور، إضافةً إلى ميلها للجدية أو للفكاهة، وحركة العناصر داخل الحكاية أهي بطيئة أم متسارعة، ولاحقاً يتم تصميم الشخصيات والبيئة بحسب ما سبق وهذا ضروري، ويساعد الرسام في تطوير أسلوبه الفني بحيث يتعامل مع كل نص جديد بنظرة فنية جديدة، وفي المرحلة ما قبل الأخيرة تتم دراسة تكوين اللوحة، توزيع العناصر، زاوية الرؤية فيها أي الإخراج الفني للعمل، وأخيراً البدء في التنفيذ».

من أنشطته

وعن ميزات الرسم للطفل يقول: «من الأفضل تعريف الطفل على جميع الممكنات اللونية واستخدامها مترافقة مع أحداث القصة أي أن يكون اللون من وسائل التعبير المرافقة التي تساعد الطفل على زيادة قدراته الحدسية من خلال التقاطه العفوي للحركة اللونية داخل اللوحة مترافقاً مع كيفية الحدث، فضلاً عن أن الألوان جاذبة للطفل يستمتع بها، فلها دور في التنشئة على الفنان أخذها بالحسبان، وفيما يتعلق بالأفكار لا يجب أن يخلو عمل فني للطفل من غزارة الأفكار فيها فالطفل إنسان في طور النمو، وعلى من يعمل في حقل الطفولة ألا يحدد سلفاً ما يحتاجه الطفل فلا يدفعه دفعاً مباشراً باتجاهات محددة، أعتقد بأن الطفل ينمو للحياة ويساهم بفعالية في المجتمع على عكس ما يحدث».

ويكمل: «تتدرج قوة الخطوط وفصلها بين العناصر حسب المرحلة العمرية ففي مرحلة الطفولة المبكرة يمكن اعتماد الفصل بين العناصر وقوة الخطوط بشكل أكبر من المراحل العمرية اللاحقة حيث يمكن جعل الخطوط من العناصر الداخلة في المعاني التي نقدمها للطفل وليست عبارة عن خطوط للفصل والقطع فقط، ومن الضروري أن تكون اللوحة واضحة لا تعقيدات فيها للوهلة الأولى فهذا مفتاح مهم لجذب الطفل والدخول إلى عالم اللوحة وعدم نفوره منها وليس شرطاً أن الوضوح يعني بساطة في أسلوب الرسم أحياناً التبسيط الشديد ينفر الأطفال الذين ليس لديهم حب المطالعة فيعدون الرسوم ساذجة، كما يجب أن يتكلف الرسام بعض العناء لإبهار جمهوره بنثر عناصر العمل في ثنايا اللوحة وزرع عناصر تحمل الدهشة والغرابة لتثير الطفل، وتجعله يتجول داخل العمل الفني وعدم تركيز كل شيء في بؤرة واحدة».

فيما يتعلق بالفرق بين اللوحة الفنية وتلك الموجهة للطفل يقول: «اللوحة الفنية تتوجه لعالم الكبار وتنحصر في ثقافته سواء المتمثلة في ماضيه، حاضره أو ما يستشرفه بطرق وأساليب متعددة لا نهائية لكنها تنحصر في الثقافة والفن، أما اللوحة الطفلية وهي تستند لموضوع إنما هي وجبة يتقبلها كل الأطفال وهي التي تنقله في بداية حياته من المحيط الضيق الذي يعيش فيه لعوالم تتجاوز ذلك، وأعدُّ نفسي محظوظاً لوجودي ضمن هيئة تحرير مجلة "أسامة" فالاطلاع على جانب مهم من واقع ثقافة الطفل أمر ضروري».

من جهته "رامز حاج حسين" فنان تشكيلي يقول: «هو فنان يمتلك رؤية فنية واضحة تتجلى في رسومه وألوانه المائية الجاذبة للأطفال، وفي مشروعه الخاص لتعليم الناس والأطفال فن الرسم للتعبير عن الذات من خلال خطة واضحة يمتلكها تكاد تقارب حالات العلاج الروحي من خلال الرسم والألوان، "أحمد" الفنان إنساني الطبع ويُجمع على الإقرار بهذه الميزة كل من يعرفه ويتقرب منه ومن خطوطه الرشيقة، تجمعني به زمالة العمل في هيئة تحرير مجلة "أسامة" الحبيبة على قلبنا وكم يطيب لي ولزملاء الهيئة أن نستمع له وهو يناقش لوحة ما أو يطرح وجهة نظره الخاصة في تطوير العمل والتعاون مع الفريق، يميز رسوماته وضوح الخطوط التي تجسد العناصر الموجودة في اللوحة فيسهل بذلك فهمها على الطفل، كما تتميز لوحاته بتلك الحركات المتقنة للشخوص وتلون أدائها البصري في كل كادر يقوم برسمه، هو يتقن فن اللوحة التعبيرية وفن الرسم الحواري (الكوميك) وهذه ميزة تضاف له وتحتاج لثقافة تعب ودراسة معمقة للمجالين، في لوحاته نجد البساطة، سهولة الفهم والتشريح الجيد للعناصر، ما يجعل الطفل أمام منظومة فنية ولغة بصرية عالية المستوى».

يذكر أنّ الفنان "أحمد حاج أحمد" من مواليد محافظة "القنيطرة" عام 1965 حاصل على شهادة معهد زراعي، وهو عضو في هيئة تحرير مجلة "أسامة" منذ عام 2015.