بشخصيتها العفوية وميلها للعمل التطوعي والإنساني، استطاعت الإعلامية "غالية الطباع" أن تؤسس مبادرة "مجد 2020" لزراعة مليون شجرة سلام وحب، وأن تجعل من صوتها الإذاعي وعملها في تنسيق الموسيقا وسيلةً لإسعاد الآخرين.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الإعلامية "غالية الطباع" بتاريخ 29 حزيران 2020 لتتحدث بداية عن ميلها للعمل الإنساني، فقالت: «أدركت مفهوم العمل الإنساني منذ نعومة أظفاري، حيث علمتنا والدتي "مجد نيازي" في الطفولة مفهوم العطاء، وأنه علينا التبرع بأجمل ألعابنا لمن لا يمتلكها، وزرعت فينا قضية "فلسطين" وروت لنا عن الأطفال الذين هم في عمرنا آنذاك، وما حدث لهم هناك.

أطلقت مبادرة "مجد 2020"، وكانت فكرتها متميزة وأهدتها لروح والدتها الراحلة "مجد نيازي"، ولكل أرواح شهداء الوطن، وكانت تدعو الجميع للخروج وزرع شجرة على أرواح من فقد عزيزاً وغالياً، ما يميزها كمقدمة برامج عدا عن الموهبة اللامعة، البساطة والابتعاد عن التكلف، وهذا ما جعلها تحصد شهرة واسعة داخل "سورية" وخارجها

تطول القائمة التي تربينا فيها على فعل كل شيء بطريقة تقدس الإنسانية، وأنه علينا أن نحب بعضنا البعض بغض النظر عن أي عرق، ومذهب أو بلد، لأن الحب أصل الفطرة الموجود في قلوبنا، وأن مواقفنا تعطي معنى للحياة، فكان العمل الإنساني واجباً، أما العمل التطوعي فدخلته بتأسيس حملة "مجد 2020" لزراعة مليون شجرة سلام وحب في "سورية"، وتعرفت من خلال الحملة على كثير من الجمعيات والمبادرات الفاعلة في المجتمع، وتعاونت مع جمعية "ساعد" في رمضان الماضي، لأن أهدافها الإنسانية تتفق مع عمل فريقنا، وأثناء عملي في الإذاعة تعاونت مع جمعية "بسمة" للأطفال المصابين بالسرطان».

مع أطفال "بسمة" في "مجد 2020"

وعن رسالتها التطوعية ومبادرتها تقول: «رسالتي تقوم على مبدأ "pay it forward"، وأحاول أن أربط المستقبل من خلال ما أصنعه اليوم، وأنه يجب أن نضع أيدينا بأيدي بعضنا بعضاً لنتجاوز الصعوبات، وأسعى لأزرع مليون شجرة وأساعد كل من أصادفه في هذه الحياة، ولذلك أطلقت المبادرة في عيد الحب الرابع عشر من شهر شباط 2020، وهدفها الروحي أن أقدمها لروح والدتي، والواقعي هو زراعة الأرض بالأشجار، أما الهدف الإنساني فهو تجميع شجرة العائلة السورية، إضافةً إلى كسر الحصار عن "سورية" عن طريق دعوة فنانين وناشطين إنسانيين من كل العالم للمشاركة بالحملة من خلال زيارة "سورية"، وزرع شجرة باسمهم في أرضها».

وتتابع: «ساعدني في إطلاقها وزارة الزراعة، ومجموعة "هرشو" للنقل الداخلي، وفريق "مجد" التطوعي عن طريق التخطيط والتجميع للمشاركين والتنظيم، وكذلك الجمعيات التي شاركتنا الزراعة كل أسبوع، إضافةً إلى الدعم الإعلامي من قبل إذاعة "المدينة fm" وغيرها من الإذاعات السورية، والمواقع والصفحات الإلكترونية، والمحطات العامة والخاصة، وأعتقد أن التوفيق كان حليفي بسبب إيمان كل سوري شارك معنا داخلياً بمستقبل أجمل لـ"سورية" ولأطفالها، هؤلاء الأشخاص الإيجابيون فهموا معنى الزرع الحقيقي، وتحقق اليوم من أهدافها زراعة عشرة آلاف ومئتي شجرة، وللأسف أبطأنا في الحملة بسبب أزمة فيروس "كورونا"، ومنع التجمعات اللازمة لزراعة عدد كبير من الأشجار، لكن ذلك لم يوقفنا بل قررنا أن نكمل بزراعة المحبة والتكافل بأن تحولنا لمساعدة العائلات المتضررة بسبب "كورونا"، وعلى قدر استطاعتنا بأن نكون جسر وصل بين المتضررين والمتبرعين».

من مسلسل "حارس القدس"

فيما يتعلق بعملها الإعلامي تتابع: «كان حلمي أن أعمل في مجال الفنون الجميلة أو الإخراج السينمائي، لكن لم يتم قبولي، ودرست في المعهد الهندسي لحين بدء نظام التعليم المفتوح، حيث دخلت قسم الإعلام لأنه الأقرب لطموحاتي، وأحببته بكل مجالاته، وعندما كنت في السنة الثالثة بدأت إذاعة "المدينة إف إم" عملها كأول إذاعة خاصة في "سورية" عام 2004، وهنا شجعتني والدتي للعمل بالإذاعة، وتطورت موهبتي الإعلامية عن طريق ممارسة العمل، وبدأت مع فقرة الأبراج بالبرنامج الصباحي، ثم عملت برنامج "its my life" مع الزميلة "سناء محمود"، وبرنامج "ghalia show"، كما قدمت برنامجاً فنياً من ثلاث حلقات على تلفزيون "الدنيا"، لكن اخترت البقاء بالعمل الإذاعي لأنه أكثر عفوية، ويشبهني أكثر، حتى أواخر عام 2011 عشر حيث توقف البرنامج واضطررت للسفر إلى "الولايات المتحدة الأميركية" لحين عودتي النهائية لـ"سورية" عام 2019، وبدأت مجدداً مع برنامج باللغة الإنكليزية على راديو "ميكس إف إم" واسمه "ghaliashow" من إعدادي وتقديمي، وتوقف بداية عام 2020، لأعود ببرنامج جديد على إذاعة "المدينة fm" من تقديمي وإعدادي بمشاركة الزميل "وهاج عزام"، أفضّلُ تقديم البرامج العفوية الترفيهية التي تقدم أخباراً منوعة، وإيجابية، تغني ثقافة المستمع بطريقة خفيفة لطيفة، بحيث تتخلل يومه ساعة من الأمل، الموسيقا والضحك».

وعن الأثر الذي تركته والدتها والغربة في شخصيتها تقول: «أستمد من والدتي القوة والشخصية المتمردة، الثقة بالنفس والابتسامة، تعلمت منها كامرأة مرت بأقسى الظروف ألا أتوقف عن التفاؤل حتى لو كنت بأشد الألم، عملياً تعلمت منها عدم الخوف من تجارب الحياة، وأن أدخلها بقوة وسعادة، وأن أحول كل شيء حولي للأفضل، تغربت عن بلدي بوقت صعب جداً وذلك عام 2011 بسبب ظروف الحرب حيث قررت والدتي إرسالي إلى "الولايات لمتحدة الأميركية" لمدة شهر ريثما تهدأ الأوضاع، لكنها للأسف ساءت أكثر وبقيت هناك تسع سنوات، كانت تجربة قاسية لكنها أغنتني ذهنياً، وروحياً، وأكسبتني اللغة، وعلمتني كيف أبدأ من الصفر، وحولتني من إعلامية مشهورة بـ"سورية" لبائعة محل ونادلة مطعم، وبما أن "ميامي" مدينة سياحية كانت الموسيقا الإلكترونية من الأشياء التي تنسيني حزني على بلدي وشوقي لأهلي وأصدقائي، وهنا بدأت أتعلم الـ"دي جي"، واختبرت أشياء جديدة، وكنت أعرف أن مصيري العودة لبلدي ويجب أن أنقل إليها كل شيء تعلمته، وفي أحد الأيام طلبتني والدتي، وكانت حالتها الصحية غير جيدة، وتم تخييري بالبقاء والانتظار لشهرين للحصول على "الغريين كارد" أو الخروج مع احتمال خسارة أوراقي، فاخترت العودة للوطن، وكنت بعد أربعة وعشرين ساعة مع والدتي، وبقيت معها لمدة أربعين يوماً حتى رحيلها عن هذا العالم».

بوستر حفل "دي جي" الإلكتروني

وعن إطلالتها مؤخراً في مسلسل "حارس القدس" تقول: «دخلت تجربة التمثيل لأن الحياة قصيرة وأؤمن بأن معنى الحياة يتحقق عندما نعيش تجارب جديدة، وكانت مشاركتي في المسلسل فرصة لا تفوت وتجربة أكثر من رائعة، أحببت فيها الحالة التمثيلية، واستمتعت جداً بالدور الذي أديته إلى جانب كبار الممثلين مثل "صباح الجزائري"، و"رشيد عساف" حيث قدما لي الدعم والتشجيع، مع توجيهات المخرج المبدع "باسل الخطيب"».

وعن عملها كمنسقة موسيقا تتابع بقولها: «تعلمت "دي جي" في "الولايات المتحدة الأميركية" وصقلت موهبتي في "دمشق"، لأنه لدي العديد من الأصدقاء الذين يعملون في هذا المجال، ومنهم دي جي "جانو" الذي علمني كل مبادئ تنسيق الموسيقا، وكذلك أخي "رائف" عازف البيانو الذي علمني المفاتيح الموسيقية، وشركة "سيرياتيل" التي أعطتني فرصة تقديم الموسيقا أمام أكتر من ألف شخص، بدأ حلمي يتحقق وبعدها شاركت بمهرجان "أون لاين" مع أهم شركة لبنانية في هذا المجال شركة "أوبر هاوس"، وحصدت الكثير من المشاهدات، وشعرت أن الموسيقا وخاصةً الإلكترونية موسيقا العصر التي تتخطى كل مكان لتوحد الناس لأنه لا توجد فيها كلمات بلغة معينة، بل تتخطى حاجز اللغة وتجعل الإنسان يترجمها بشكل خاص به. كما شاركت في "طرطوس" خلال شهر حزيران الجاري بحفل موسيقي مميز، وكان تفاعل الناس فيه كبيراً وأعطاني جرعة من التفاؤل».

من جهته الإعلامي "جاد أباظة" يقول: «أذكر أول ظهور للإعلامية "غالية الطباع" عبر أثير الإذاعة حيث جعلتني أعشق الإعلام وأحبه، ومن وقت ليس بعيداً تعرفت إليها شخصياً بعد عودتها من "أميركا"، هي إنسانة متواضعة وكتلة من النشاط والإيجابية على الأرض، فهي داعمة للشباب الجدد بالمجال الإعلامي، وأنا من أشد المعجبين ببرنامجها الأخير باللغة الإنجليزية على إذاعة "Mix fm" فهو البرنامج الأول من نوعه في "سورية"، تتميز بحبها لعمل الخير دون مقابل، وتلفتني رغبتها بمساعدة المحتاجين وحبها للعمل التطوعي، فهي كانت تحارب "كورونا"، وتخرج لمساعدة من يحتاج المساعدة، وكنت دائماً أطلب منها الانتباه والحذر من الوضع الصعب بسبب الفيروس، لكنها كانت تخاطر بحياتها لتساعد الآخرين».

ويتابع: «أطلقت مبادرة "مجد 2020"، وكانت فكرتها متميزة وأهدتها لروح والدتها الراحلة "مجد نيازي"، ولكل أرواح شهداء الوطن، وكانت تدعو الجميع للخروج وزرع شجرة على أرواح من فقد عزيزاً وغالياً، ما يميزها كمقدمة برامج عدا عن الموهبة اللامعة، البساطة والابتعاد عن التكلف، وهذا ما جعلها تحصد شهرة واسعة داخل "سورية" وخارجها».

بدورها "منال القاضي" ممثلة مديرية الحراج في وزراة الزراعة تقول: «تعرفت إلى الإعلامية "غالية الطباع" قبل بدء حملة "مجد 2020" بفترة بسيطة، ثم زارتنا في الوزارة بهدف مناقشة موضوع التشجير، كانت متحمسة جداً، وأحببنا الحماس الذي تتمتع به للمبادرة، والتي بدورها كانت ناجحة بكل المقاييس، إضافةً إلى تنظيم الفريق، اجتهاده، وتحمله للمسؤولية، ولم يخرج المتطوعين للتسلية، بل بهدف إنساني، مجتمعي، إضافةً إلى أنها إنسانة لطيفة، كتلة من الطاقة الإيجابية، تحب الأشخاص الذين حولها، وتدخل الفرح إلى قلب كل من تعامل معها».

يذكر أنّ الإعلامية "غالية الطباع" من مواليد "دمشق" 1981.