من بين بيوت قريته الأثرية خرج بإرادةٍ قويةٍ لتحقيق حلمه الذي يشبه آثارها بأصالته، فأسس معهده الخاص، ودرّب الكثير من الطلاب غناءً وعزفاً على آلاتٍ مختلفة، لحّن وألّف العديد من المقطوعات الغنائية، وكان هدفه الأسمى إحياء الأغاني الطربية والتراث القديم والأصالة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 أيلول 2020 الموسيقي "جهاد الحجار" ليتحدث عن مسيرته الموسيقية فقال: «نشأت في قرية "شنيرة" في محافظة "السويداء" وسط عائلة تحب الفن وتشجع على دراسته، بدأت منذ الصغر بالعزف على العود بمفردي بسبب الظروف الصعبة في القرية وعدم توفر مدرسين، ولكن في عام 1986 تدربت في نقابة الفنانين فرع "السويداء"، وبدأت بتعلم العزف على آلة العود على يد "فايز زهر الدين"، ثم تلقيت هدية كانت عبارة عن آلة الكمان، فبدأت التعلم عليها وإتقانها أيضاً.

لحّنت نحو أربعين لحناً منها الوطني، العاطفي، الاجتماعي، والبيئة، وكانت أبرزها أغنية "وطن الشهداء" والكثير، ولحّنت للعديد من الشعراء في "مصر"

وفي ظل الصعوبات التي واجهتها وحبي للفن وشغفي بالموسيقا كان قراري أن أعلم الموسيقا لكل من يحبها، وبناء على ذلك أسست فرقة موسيقية في القرية كانت عبارة عن مجموعة من العازفين على آلة العود والكمان إضافة إلى مواهب في الغناء، وشاركنا بعدة حفلات، وبالتدريب المتواصل تطوّر أداؤنا وبدأنا نشارك بحفلات معسكرات "طلائع البعث" و"شبيبة الثورة" وبعدها مع نقابة الفنانين، وبسبب ظروف الحياة انتقلت إلى "لبنان" حيث شاركت هناك بالعزف والغناء بعدة حفلات على مسرح "بيسين عاليه".

في معهد "الموسيقار"

بعد عودتي كان حلم الطفولة أن أملك معهداً لتعليم العزف والغناء، فتحقق ذلك عام 2015، وسمي المعهد "الموسيقار" في "دمشق" كتحية وعرفان للفنان الكبير "فريد الأطرش"، حيث بدأت بعشرين طالباً، ثم كبر العمل إلى أن خرّج المعهد وما زال يخرّج الكثير من الطلاب الذين تابعوا طريقهم في المعهد العالي للفنون المسرحية والمعاهد الموسيقية المتوسطة».

وأضاف: «أدرّب في المعهد وما زلت مستمراً في تدريب الغناء والعزف على العود والكمان والقانون والغيتار والأورغ، وشكّلت فرقة موسيقية عبارة عن ثلاثين عازفاً وعازفة، وفرقة كورال، وتم تدريبهم بشكل احترافي، حيث شاركنا بالعديد من الحفلات والمهرجانات».

من فعالية غنائية في جرمانا

وعن الفعاليات التي شارك بها "الحجار" قال: «أول مشاركة كانت مع فرقة معهد "الموسيقار" في مهرجان "جرمانا" الأول للثقافة والفنون عام 2015، وفي عام 2016 شاركنا بمهرجان الطفل السوري الأول، وفزت من خلاله بأغنية "زهر الرمان" من كلماتي وألحاني، إضافة لمشاركتنا باحتفالية عيد "الجيش"، ومشاركات بفعاليات المسرح المدرسي في كل عام الذي توظفت فيه عام 2014 بهدف الاهتمام بالمواهب وتعليم الغناء والموسيقا والمسرح وتقوية شخصية الطفل وترغيبه بالمسرح والمشاركات الفنية، وفي عام 2018 شاركت بمسابقة "الملحنين الواعدين" بإشراف الدكتور "سعد الله آغا القلعة" ونلت المرتبة الثانية على مستوى الوطن العربي بتلحين قصيدة لـ"جبران خليل جبران"، وفي عام 2020 شاركنا بالمهرجان الثقافي الثاني بـ"ريف دمشق"، والعديد من الحفلات والمهرجانات».

يتابع: «لحّنت نحو أربعين لحناً منها الوطني، العاطفي، الاجتماعي، والبيئة، وكانت أبرزها أغنية "وطن الشهداء" والكثير، ولحّنت للعديد من الشعراء في "مصر"».

شهادات تكريم

وختم بالقول: «الموسيقا بالنسبة لي هي غذاء الروح ووسيلة للتواصل مع الآخرين، وإيصال الرسائل بكل محبة وصدق، ومن أكثر الصعوبات التي واجهتني خلال مسيرتي تلحيني لأغانٍ طربية وتراث وأصالة ولكن هذا الزمن لا يتناسب معها، وهذا ما يدفعني لتدريب الأطفال المتدربين على هذا النوع من الأغاني وترسيخها في عقولهم وبناء قاعدة صلبة وذهبية لأنها أصل الموسيقا، فلكي نكوّن فناناً مبدعاً يجب العمل على البذرة الأساسية منذ الصغر والاهتمام والتشجيع».

"نزيه أسعد" مايسترو ومدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، قال عنه: «هو شخص استثنائي يهتم بتفاصيل الموسيقا الشرقية، ويعمم هذا الاهتمام على طلابه وعلى كل من سمع أعماله وألحانه وحضر حفلاته الموسيقية، حالة التذوق العالية التي يمتلكها تقودنا لمتابعته والتفكير بما يقصد حين يعزف أو حين يقود الفرقة أو حتى حين يلحّن، فنصل بعد المتابعة والتفكير إلى خلاصة شخصيته التي تقول إنّه موسيقي يبحث ويستمتع بنتائج بحثه، وبالتالي يُمتّع من يتابعه.

نعلم أنّ طريق الموسيقا شاق ومرهق، والموسيقي "جهاد الحجار" يمضي بين الصعوبات معبراً عن نفسه بالإرادة المستمرة نحو تنشئة جيل ذواق وإظهار الموسيقا بالشكل اللائق، وبالتالي ندرك إيمانه بحمل رسالة الموسيقا بمسؤولية وموضوعية».

يذكر أنّ "جهاد الحجار" من مواليد "لبنان"، والأصل من "السويداء" عام 1969، ويقيم في "جرمانا" بريف "دمشق".