قدرتها على صناعة حبكةٍ دراميةٍ مميزةٍ وتوصيف الشخصيات بمهارة وبراعة قلّ نظيرها، جعلتها واحدةً من أبرز كتاب الدراما السورية رغم قلّة أعمالها، حيث أثبتت جدارتها من خلال الأعمال التي حملت الصدق والثقافة والمتعة، وحققت متابعةً جماهيريةً كثيفة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الكاتبة "عنود خالد" بتاريخ 27 أيار 2020، لتحدثنا عن رحلتها في عالم الكتابة، فقالت: «تميزت في طفولتي بكتابة مواضيع إنشاء جميلة، حتى أن إحدى معلماتي في المرحلة الابتدائية كانت تشكك بأني من يكتب هذه المواضيع، أما في المرحلة الإعدادية فبدأت بكتابة بعض الخواطر والقصص القصيرة لكن بشكل سري فقد كنت خجولة لدرجة أنني أستحي أن أخبر أحداً أنني أكتب، رافق ذلك شغف كبير بقراءة الروايات وملاحقة تفاصيل القصص والأحداث».

تميزت في طفولتي بكتابة مواضيع إنشاء جميلة، حتى أن إحدى معلماتي في المرحلة الابتدائية كانت تشكك بأني من يكتب هذه المواضيع، أما في المرحلة الإعدادية فبدأت بكتابة بعض الخواطر والقصص القصيرة لكن بشكل سري فقد كنت خجولة لدرجة أنني أستحي أن أخبر أحداً أنني أكتب، رافق ذلك شغف كبير بقراءة الروايات وملاحقة تفاصيل القصص والأحداث

وتابعت: «بعد الزواج أدمنت قراءة النصوص التي كانت تعرض على زوجي الفنان "عباس النوري"، وكنت أقرأ الجيد منها والسيئ بشكل كامل، وكانت عندي قدرة على نقدها ونقاش زوجي حولها، حتى أنه كان يستغرب من قدرتي هذه، ووصلت ثقته برأيي إلى الاتكال علي في قراءة ما يعرض عليه من مسلسلات والثقة بترشيحي العمل المناسب له ليقرأه، وهنا بدأت محاولات الكتابة الأولى ولكن بشكل سري أيضاً كون الخجل طبع يصعب التخلص منه، ومرت سنوات وأنا أكتب وأرمي ما كتبته لإحساسي أنه دون المستوى الذي أطمح إليه، رأى زوجي إحدى محاولاتي للكتابة مصادفةً وأعجب بها ودأب من يومها على تشجيعي وإعطائي الملاحظات والدروس في فن كتابة السيناريو، وعملت معه في عدة مشاريع إذاعية في البداية، وكان لهذه المشاريع الفضل في كسر حاجز الخجل لدي».

الكاتبة عنود خالد وزوجها الفنان عباس النوري

أما حول بداياتها في التوجه للسيناريست التلفزيوني فقالت: «بعد كتابتي عدة برامج إذاعية، اتخذت قرار المحاولة الأولى في كتابة سيناريو مسلسل تلفزيوني وأثمرت عن أول أعمالي لتكرّ بعدها سُبحة الإنتاج، وكان لدراسة ابني "ميار" الإخراج في "الولايات المتحدة الأمريكية" أثرٌ كبيرٌ في معرفتي وتعلّمي فن الكتابة، فقد كان يدرس من ضمن منهاجه حصصاً عن الكتابة، وكنت أجلس معه كل يوم "أون لاين" ليدرسني ما كان يدرس، وبالحقيقة كانت مادة ممتعة ومفيدة جداً واستفدت منها كثيراً، وكان الداعم الأكبر والوحيد بالنسبة إلي هو زوجي، ولا أعلم لو أني لم أتزوجه إن كنت سأتجه لكتابة السيناريو، لكن بالتأكيد أنني كنت سأعمل بمهنة إبداعية لها علاقة بالكتابة».

وتابعت: «الكتابة كانت وما زالت لي حاجة وليست هدفاً، لم ولن أكون رائدة في مشاريع كتاباتي لأنني ما زلت وسأبقى في موقع المجرب، والمحاولة أكثر تحفيزاً من الاعتبار أياً كان ذلك الاعتبار، سواءً كنت كاتبة أم لا، وأعدُّ عملي التلفزيوني "طالع الفضة" من أهم المحاولات التي جعلت فيها هاجسي أن تبدو الثقافة شأناً بيئياً مألوفاً، وهذا ما لم يتجرأ النقد على قراءته للأسف، هل فكر النقد لماذا تم تقديم اليهودي بصورة معاكسة لما هو مألوف بالاعتبار الإعلامي؟، وكذلك كانت تجربة "حرائر" تقدم الثقافة في ذات الاعتبار البيئي، لكن رؤية أخرى ناسبت المزاج الإعلامي وتحكمت فيه للأسف أيضاً.

الكاتب والناقد تمام بركات

في كل تجاربي السابقة واللاحقة سأبقى مع الحقيقة والحقائق وسأبقى في خضم التجربة كي أبدو حقيقية وأعير اهتمامي لمدى قدرتي على الصدق والتأثير وحده فقط».

الكاتب والصحفي والناقد الفني "تمام بركات" حدثنا عن الكاتبة "عنود" بالقول: «الأصالة واحدة من سمات الإبداع، وهي عند بعض أهم النقاد في العالم أهم تلك السمات، فهي من تمنح الكاتب الجرأة، الصدق، الرؤية من الزاوية الأكثر وضوحاً للفكرة، أيضاً هي من تصله بحبلٍ ممتد لا متناهٍ بمن كانت الأصالة ناضحة من نتاجهم الأدبي والفكري والفلسفي والفني وغيرها عبر التاريخ، هذا الملمح يبدو جلياً وواضحاً في معظم نتاجها، ويكفي أن نقرأ العناوين التي حملتها الأعمال الدرامية التي ألفتها، ومنها "حرائر"، "طالع الفضة"، "أولاد القيمرية" وبعد توقف يمكن فهم أسبابه وسط الانهيار المدوي الذي تعانيه الدراما المحلية، تعود بعمل جديد بعنوان "زعلي طول أنا وياك"».

وأضاف: «على سبيل المثال يمكن أن نقارب بعضاً من تجربتها في الكتابة الدرامية وطريقة تفكيرها بها من خلال "طالع الفضة"، العمل الذي حقق نجاحاً واسعاً عند الجمهور، وفيه تدخل الكاتبة ضمن النسيج الاجتماعي الفريد لمدينة "دمشق"، لتحكي عن أناس حقيقيين وقصة واقعية وثوار حقيقيين من خلال حي "طالع الفضة"، حيث يسكن في هذا الحي المسلم إلى جانب المسيحي واليهودي، وفيه أيضاً مفردات الحياة الدينية المتسامحة والمتعايشة مع بعضها، ما قامت به على مستوى القصة، الحبكة، الشخصيات، الأحداث، جاء وفق رؤيتها القائمة على المعرفة والإلمام بالتفاصيل الدقيقة لمدينة "دمشق" وأمزجة سكانها على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والدينية والثقافية، وجهدها الكبير كان واضحاً في اشتغالها (الدرامتورجي) الهام بغية البقاء ضمن واقعية الشخصيات، وعدم تحويلها إلى مجرد شخصيات خارج الزمان والمكان الذي يستند هذه العمل على طبيعته العامة، سواء تلك الظاهرة للعيان، أو المختبئة خلف الأبواب والصدور، لتكون أساساً من الأساسات المتينة التي بني عليه هذا العمل الفارق، خصوصاً أنه حمل سمة نوع (البيئة)، لكنه خرج من موضوعاتها (الكليشيه) وذهب نحو حكاية شيّقة وغنية بالتفاصيل والأحداث الدرامية التي تحمل أفكاراً سامية الطرح».

بقي أن نذكر أنّ الكاتبة "عنود محمد ويس خالد" تولد "دمشق" عام 1970، تنحدر عائلتها من محافظة "دير الزور"، وقد تخرجت من جامعة "دمشق" قسم علم الاجتماع.