عانق الشعر صغيراً؛ بموهبة متدفقة ظهرت بذورها في مراحل عمره المبكرة، فحظيت بالاستحسان، ونالت الإعجاب ليترافقا بعدها في رحلة عطاء مستمر كانت ثمرتها أن سطرت اسمه واحداً من أبرز الشعراء في محافظة "درعا".

إنه الشاعر "هاجم عيازرة" الذي يذكره صديقه الشاعر "محمد إبراهيم عياش" فيقول: «الشاعر "هاجم عيازرة" من الأسماء والشعراء الذين كتبوا الشعر باكرا واستطاع أن يشق خطاه بسرعة كبيرة وان يشكل حالة منفردة وخاصة بذاتها لم يشابه بها احداً، يكتب بصدق ولنا أن نتلمس تلك الجوانب الإنسانية في كلماته وخير مثال على ذلك ملحمته الشعرية "لقادم لن يأتي" التي تفيض بكل ما هو جميل ويلامس إحساسنا دون مقدمات، الشاعر "هاجم" من الأسماء التي حجزت لها مكانا في المقدمة على مستوى المحافظة فهو صاحب تجربة طويلة وماتزال مستمرة».

أتمنى أن أكون شاعرا فهذا لقب وشرف كبير والقصيدة التي أريد كتابتها لم تأت بعد

موقع eDaraa التقى بتاريخ "15/2/2011" ليتحدث عن بداياته مع الشعر فيقول: «أولى المحاولات الشعرية تعود إلى مرحلة التعليم الابتدائي حين وصفت ساقية ماء كانت موجودة في قريتنا قلت فيها: تلتف كالأفعى.... وتنتهي في المطخ.

الشاعرمحمد إبراهيم عياش

ما أعجب معلمي الذي شجعني وطلب مني إكمالها، هذه البداية المبكرة ما كانت لتتم لولا تظافر مجموعة من الأسباب أهمها والديّ المتعلمين رغم أننا من أسرة ريفية، أيضا كان للمجالس والمضافات التي كان والدي يصطحبني معه إليها دور كبير في تعلم حسن الإصغاء وحسن التكلم الأمر الذي كان له دور في تكويني كما أنني من خلال هذه المجالس تعرفت على النبطي والشعبي الذي كان يقال فيها».

لكل هدف طريق يفضي إليه وسلاح وأدوات تمكن من بلوغه، عن أدواته في امتلاك زمام القصيدة يقول الشاعر "هاجم": «في معركة الشعر لابد للشاعر أن يتسلح جيدا لكي يستطيع أن يثبت نفسه ولابد أن تكون له أدواته لامتلاك ناصية القصيدة وأرى أن أهمها هي القراءة المستفيضة ولاسيما للشعراء دون الاندماج والتقليد لأن كل شاعر لابد أن تكون له بصمته».

الشاعر هاجم عيازرة

ويضيف الشاعر فيقول: «أيضا لابد للشاعر من إتقان بحور الشعر والنسيج وذلك من خلال انتقاء الفكرة والكلمة الحاملة للصورة، وإتقان اللغة شيء مهم فمن يمتلكها أشبه ما يكون بالبناء الماهر في تأسيسه لقاعدة القصيدة والارتفاع بمداميكها مفردة مفردة بحيث يصل إلى نقطة العذوبة، ولا يمكن أن نتجاهل في هذا المجال المرأة التي تعد محرضا قويا لخلق القصيدة».

ولأنها الباعث ولأنها المحرض فقد حجزت المرأة مكانا لها في دواوينه، تناوله للمرأة والمكان يذكره الشاعر "عيازرة" فيقول: «أفردت للمرأة مساحة واسعة في معظم الأعمال التي قدمتها، وقد تناولتها كامرأة بشكلها ومفهومها وكأنثى تشكل عنصرا مهما من خلال ما تقدمه وتقوم به، وأحيانا كانت بالنسبة لي هي الرمز للوطن والأمة، المرأة بالنسبة لي هي استمرار لتجديد الحياة وهو ما قلته في ديوان "نخلة من دمي" والذي أهديته لزوجتي».

اصدقاء الشعر

وعن أهمية المكان يضيف "العيازرة" فيقول: «المكان هو جزء من ذاكرة أي شاعر وقد عبرت عنه كثيرا في ديوان "جارة الشمس" وهو ملحمة شعرية تتحدث عن حياة الريف البسيط ومدى تعلقي بهذا الملعب أو هذا المكان الذي علمني الحياة وعلمني الانتماء للوطن الأكبر».

"لقادم لن يأتي" من أشهر أعمال الشاعر "هاجم عيازرة" وهي ملحمة شعرية تفيض بالحزن والوجدانيات، في هذا السياق وعن هذه القصيدة الديوان يتحدث الشاعر فيقول: «الحزن حالة لابد منها رغم أننا ننشد السعادة التي قد لا تمر إلا على شكل ومضات قصيرة تسجلها حياة الإنسان، والشعر كما قال احدهم يخرج من ثغر باسم أو من جرح دام، وفي كلتا الحالتين هو تسجيل لحالة الشاعر.

لذلك كانت" لقادم لن يأتي" ملحمة تعبيرية عن حالة حزن مستمر وحوار مملوء بالأفكار والتذكر خطوة لخطوة لمسيرة ابني الشاب الذي اختطفه الموت مبكرا، أردتها طويلة ومستمرة لتعبر عن حزن طويل غير مجتزأ وأشبه ما تكون بحالة الموت المفتوحة دوما».

للشعر معنى ورسالة يؤديها، هذا المعنى يتحدث عنه شاعرنا فيقول: «الشعر هو هدم ما تراه وبناؤه من جديد بصيغ ولون جديد ونكهة جديدة، والشعر رسالة متعددة الأغراض والألوان يجب أن يؤديها الشاعر بشكل ينسجم مع ما يمتلكه من أمانة لرفع مستوى الأسرة والمجتمع والوطن وكل ما يدور حوله وتصحيح الخطأ منها، إضافة إلى بوح الانفعالات الايجابية التي تحرض على كل ما هو جميل».

عن وضع الشعر في محافظة "درعا" يقول "العيازرة": «تطور الشعر في "درع" بشكل كبير عن المراحل السابقة التي كان فيها راكدا وفي حالة معاناة طويلة لعدم وجود المرجعية، الآن بدأنا نشهد نوعا من الحراك يبشر بحركة إبداعية وثقافية مطمئنة وأصبحنا نرى مواهب واعدة بمختلف ألوان الأدب من شعر وأدب ورواية وقصة وغيرها من صنوف الأدب».

وفيما يخص قراءته لنفسه كشاعر يقول الشاعر "هاجم عيازرة": «أتمنى أن أكون شاعرا فهذا لقب وشرف كبير والقصيدة التي أريد كتابتها لم تأت بعد».

يذكر أن الشاعر "هاجم ذيب عيازرة" هو من مواليد قرية "بصير" في محافظة "درعا" عام 1945، عمل معلما وموجها تربويا ثم رئيس شعبة التوجيه التربوي في محافظة "درعا"، عضو فرع اتحاد الكتاب العرب، عضو هيئة تحرير مجلة "الموقف الأدبي".

أصدر الشاعر هاجم عيازرة العديد من الدواوين الشعرية مثل "يمانيات؛ قناديل على أبراج الشام؛ غناء العصافير؛ الصحوة؛ قطاف الذاكرة؛ ظلال وحروف؛ حروف يرتديها الوطن؛ نخلة في دمي؛ لقادم لن يأتي؛ جارة الشمس، أغنيات للمدن النائمة"».