محافظة "درعا" غنية بتراثها الغنائي الشعبي نظراً لتعدد أنواعه كغناء "المسير والزفة والهجيني والشروقي والقصيد"، ومن أهم هذه الأنواع الغنائية والشعرية القصيد. الذي يتميز من غيره من الألوان الأخرى بنظمه على شكل قصيدة، وبتنوع مواضيعه في القصيدة الواحدة.

الباحث في التراث الحوراني ومدير التراث الشعبي في المحافظة سابقاً "إبراهيم الشعابين" يقول لموقع eDaraa بتاريخ 5/3/2012 عن القصيد ومعانيه لدى أبناء "حوران": «القصيد مصدر ثقافي جيد للكبار والصغار لأنه يكرس معاني الإباء والشجاعة والكرم والنجدة، ويحض على الأخلاق الكريمة والعبادات، وليس ثمة معنى في الشعر الفصيح، إلا ويقابله معنى في الشعر الشعبي، وما يميز القصيد الشعبي عمق المعاني والطول، وهذا النوع يفرض احترامه على المستمع، ويتلقاه بكل سلاسة لذلك يتجلى الصمت في المضافة أو الديوان، فالقصيدة الشعبية الحورانية ضرب من الشعر ذي اللغة العالية. ويتلاقى مع الشعر النبطي في قواسم مشتركة أهمها الشيوع والتعميم والمحلية، والقصيد له عدة أنواع منها الشروقي، الحدادي، الهجيني، ويتكلم عن الرثاء والكرم والمروءة والإقدام، والسخاء، والصفات الحميدة ويعالج كافة مناحي الحياة، ومن الأبيات المهمة في القصيد نختار هذا البيت للشاعر "خلف الأذن الشعلان":

ديوان الشعر الشعبي الحوراني كبير جداً، وفيه نماذج قوية، وجيدة المبنى والمعنى والقافية في الغزل والمدح والهجاء والرثاء والنقائض والفخر والحماسة، فإذا ما أنشدنا الشعر الشعبي قطعة شعرية على لحن الربابة، غرقنا في أجواء التراث الشعبي وطربنا، وانتشت أعطافنا، وربما سمعها ساكن المدينة فكأنه يستمع إلى نص شعري مميز، وها هو الشاعر "سليمان الخالد الحوراني" من مدينة "طفس" يشكو الزمن ويفتخر فيقول من قصيدة طويلة: البارحة ما طب عيني ارقادي / عدي بحال معاضد الوقت تعبان وإن كان هذي عيشتي واسوادي / الياصرت عن كل المواجب عجزان يالله يالمعبود حي وغادي / يا رافع بروج السما بغير عمدان أطلبك يا رحمن تقضي امرادي / وترجع أيام الماضية مثل ما كان

صغيرنا لو هو على الديد رضاع / سنه شطير ويكسر العظم نابه

السيد هشام حرفوش

يقابه في الفصحى:

أثناء ترداد القصيد

إذا بلغ الفطام لنا صبيٌّ / تخر له الجبابر ساجدينا».

ويقول السيد "عبدو سليمان" من أهالي مدينة "الحراك": «ديوان الشعر الشعبي الحوراني كبير جداً، وفيه نماذج قوية، وجيدة المبنى والمعنى والقافية في الغزل والمدح والهجاء والرثاء والنقائض والفخر والحماسة، فإذا ما أنشدنا الشعر الشعبي قطعة شعرية على لحن الربابة، غرقنا في أجواء التراث الشعبي وطربنا، وانتشت أعطافنا، وربما سمعها ساكن المدينة فكأنه يستمع إلى نص شعري مميز، وها هو الشاعر "سليمان الخالد الحوراني" من مدينة "طفس" يشكو الزمن ويفتخر فيقول من قصيدة طويلة:

الباحث في التراث تيسير الفقيه

البارحة ما طب عيني ارقادي / عدي بحال معاضد الوقت تعبان

وإن كان هذي عيشتي واسوادي / الياصرت عن كل المواجب عجزان

يالله يالمعبود حي وغادي / يا رافع بروج السما بغير عمدان

أطلبك يا رحمن تقضي امرادي / وترجع أيام الماضية مثل ما كان».

بينما يقول الباحث في التراث "تيسير الفقيه" عن القصيدة وميزاتها: «البحث في القصيد يطول، فهو متنوع بأشكاله ومواضيعه، بيد أنه وإن نظم من أهل الريف يبقى حاملاً مفردات البداوة ولحنها، متميزاً من غيره من الألوان الأخرى بنظمه على شكل قصيدة، وتنوع مواضيعه في القصيدة الواحدة. وهو عذب بصورة رائعة، تدفعنا إلى أن نقف بإجلال أمامه، وهو ينبض صدقاً وبداوةً وعروبة، وسواء استمعنا إلى الشعر الشعبي أم النبطي فالأمر واحد، مع اختلاف بسيط، لان كليهما له صفة المحلية والشمول، يكون شعره غالباً في المدح والفخر والرثاء والوصف والحرب والبطولة، وإن كليهما يغنى على الآلة المحببة الربابة، والشاعر الشعبي مسكون بالربابة ولحنها وبالشعر المغنى عليها، وما أجمل ما يقوله شاعر الفصحى: أتمنى أن أكون الشاعر المبدع، فناً وكتابة، وفي نفسيتي بدوي شاعر يلهب الدنيا ويسمع دائماً لحن الربابة».

تتميز القصيدة الشعبية من غيرها بخصائص عديدة وهنا يقول السيد "هشام حرفوش" أحد المهتمين بالتراث والفلكلور الحوراني: «التعميم والشمولية والمحلية من أهم خصائص القصيدة، والقصيدة الشعبية تعبر عن العواطف والهموم والعادات، والحالات الخاصة والعامة، وهي في حقيقتها قنوات يسكب سكان الريف والبادية فيها أرواحهم، وتتضمن القصيدة كافة المعطيات الخاصة بمعالجة عدة مواضيع سواء أكانت عاطفية أم غزلية أم معاناة، ويراعى في القصيدة الشعبية قضايا الأصول والشكل والوظيفة والانتقال والتدوين، ومن الشواهد على القصيد الشعبي يقول الشاعر الشيخ "محمود مفلح الزعبي" في قصيدة غزلية:

ألف هلا بالترف عطره ترشرش

على جعود امجدلات مصاليب

محابر الحكمة بحفنة ترمش

تفجر ابحور الحب وتفعل تعاجيب

يفج ما بين الشفايف اليا بش

ريح الخزامى والبختري هياهيب

بدر الدجى بالليل ع بيوتهم مريش

ما ظن صوابه يا علي له تطابيب

ولو خيروني دونها الملك والعرش

ما أبغيه أبد من شرقها للمغاريب».