يعود بناء قرية "بصير" إلى أحقاب تاريخية بعيدة، حيث كانت حامية زراعية عسكرية، بني فيها عدد من المراصد لمراقبة اللصوص الذين كانوا يقومون بقطع طريق القوافل على خط (دمشق - بصرى الشام)، وأكثر ما يميزها حديثاً شبابها الطامح إلى المعرفة والعلم، فكانت مثالاً في التفوق العلمي.

مدونة وطن "eSyria" التقت "عهد بدوي" رئيس مجلس بلدة "خبب"، التي تتبع لها بلدة "بصير"، بتاريخ 22 أيار 2018، حيث تحدث لنا عن البلدة بالقول: «هي قرية تقع في سهل "حوران"، وتبعد عن مدينة "درعا" نحو 50كم باتجاه الشمال، وتقع إلى الشرق من مدينة "الصنمين" بنحو 5كم، وتتوسط المسافة الفاصلة بين "دمشق" و"درعا"، وعلى بعد 50كم من كل منهما، وتمتاز بأراضيها المنبسطة، وتربتها الخصبة، وهوائها العليل. تحدها من الغرب مدينة "الصنمين"، ومن الشرق بلدتا "خبب" و"المسمية"، ومن الجنوب بلدة "إزرع"، ومن الشمال بلدة "جباب"، وهي مركز إشعاع علمي وأنموذج يحتذى به في العمل التطوعي، ويصل عدد سكانها إلى 3700 نسمة».

القيمة الحقيقية لـ"بصير" وأهلها التعليم، حيث كان خلال فترة الخمسينات والستينات والسبعينات سكانها ومثقفوها يغذون المحافظة بالإمكانات العلمية والثقافية، ومنهم الراحلون: "هاني السالم"، و"شكري فلوح"، و"صالح فلوح"، و"زهدي خليل"، الذي أصدر أول ديوان شعري مطبوع في المحافظة، وكان يحمل عنوان: "شمس في كانون"، إضافة إلى الشاعر "هاجم عيازرة"

أصول سكان القرية حدثنا عنها مختارها "غازي فيصل المهنا"، الذي قال: «سكان البلدة من المسيحيين السوريين الذين يتبعون طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، كما جيرانها من القرى المحيطة بها كقرى "خبب"، و"تبنة" و"المسمية" وغيرها، وعمر سكانها الحاليين يعود إلى 250-300 سنة فقط، وهم الذين أسموها "بصير"، علماً أن اسمها القديم "باثيرا"، وهي كلمة آرامية تعني الجدار المنيع أو المائدة المقدسة، يسكنها عدد كبير من العائلات، منها: "مهنا، فلوح، السالم، ناصر، العيازرة، العيد، المياله، القائد، الشاهين، الخليل، الحلوة، الحموي، اللمع، السلامة، الموسى، العجوري، الماهر، كناني، الزحم، الغياث، الرعدية، نصر، جرادة، عواد"، وهي من القرى القليلة في "سورية" التي لا يوجد فيها أي أميّ، ومستوى الحاصلين على شهادات عليا كبير، وأغلب عائلاتها جاءت من "بصرى"، و"جبل العرب"، وبعضهم سكنوا في قرية "خبب" بادئ الأمر، ثم رحلوا إلى "بصير" ليبنوا فيها قريتهم».

كنيسة البلدة

وعن أهم أنواع الزراعات التي تشتهر بها القرية، يقول "غسان بشارة" رئيس الوحدة الإرشادية: «تشتهر بالزراعة، منها القمح وغيرها من الحبوب، وإلى جانبها زراعة الزيتون والخضراوات، وتمثل الزراعة مصدراً إضافياً للدخل بعد الوظيفة. وقد تراجع اعتماد السكان عليها تراجعاً ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية؛ بسبب الاعتماد على الزراعة البعلية، أما المحاصيل المروية، فتمثل نسبة صغيرة من المساحة المزروعة بوجه عام، وهو ما يعني انخفاض الإنتاج لكون مساحات الأراضي الزراعية التابعة للبلدة تخضع لنسبة منخفضة من الأمطار، لأنها منطقة استقرار ثالثة، وبدأ التصحر يزحف سنة بعد أخرى».

"أيهم مهنا" أحد سكان القرية ورئيس البلدية السابق، يقول عن تاريخها: «يعود تاريخ سكنى "بصير" إلى العام التاسع قبل الميلاد، حيث جعلها "هيرودس" حامية زراعية عسكرية، وبنى فيها عدداً من المراصد لمراقبة اللصوص الذين كانوا يقومون بقطع طريق القوافل على خط (دمشق – مسمية – اللجاة – بصرى الشام)، وقد وصل عدد سكانها في العام السادس قبل الميلاد إلى ألفي نسمة. أما في المرحلة الحديثة، فقد سكنتها عائلة من آل "الزعبي"، ثم هجرتها قبل قدوم آل "مهنا، وآل فلوح" وأقربائهم.

"بصير" على الخريطة

وشهدت القرية هجرة واسعة إلى "دمشق"، و"لبنان" في الخمسينات من القرن العشرين، إلا أنه بعد عام 1972، بدأت تشهد الهجرة المعاكسة، فبعد أن كان عدد منازل القرية 150 منزلاً في عام 1972، وصل في عام 1980 إلى 300 منزل بعد أن توفرت الخدمات، وكانت باكورة هذه الخدمات شبكة مياه الشرب مع خزان وثلاثة آبار ارتوازية في عام 1972، وشبكة الكهرباء عام 1976، وشبكة الهاتف عام 1985، وغيرها من الخدمات الأساسية».

الشاعر "زهدي خليل" أحد سكان القرية، يقول: «القيمة الحقيقية لـ"بصير" وأهلها التعليم، حيث كان خلال فترة الخمسينات والستينات والسبعينات سكانها ومثقفوها يغذون المحافظة بالإمكانات العلمية والثقافية، ومنهم الراحلون: "هاني السالم"، و"شكري فلوح"، و"صالح فلوح"، و"زهدي خليل"، الذي أصدر أول ديوان شعري مطبوع في المحافظة، وكان يحمل عنوان: "شمس في كانون"، إضافة إلى الشاعر "هاجم عيازرة"».

وسط البلدة