مسيرة طويلة قطعتها "عبير الأسعد"، وقدمت خلالها الأعمال التطوعية والخيرية والاجتماعية على ساحة المحافظة، من دون غاية ترجوها وبدوافع إنسانية بحتة. فلا دروب طويلة أو مسافات بعيدة، وحتى مخاطر كانت تحول بينها وبين تحقيق غايتها في رسم الابتسامة على وجوه الكثيرين.

أندية اجتماعية، حملات توعوية، نشاطات تطوعية بيئية، وفنية، وثقافية، ورياضية، وإبداعية، عملت "عبير الأسعد" عليها، وتحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 آب 2018، عن نشاطاتها المجانية بغية الارتقاء بالمجتمع المحلي، والحفاظ على الطاقات الإبداعية لدى أبناء المحافظة، الغاية من دراستها في معهد "الخدمات الاجتماعية" الذي تخرجت فيه عام 1990، لتبدأ طريقها في العمل التطوعي، فقالت: «محبتي للعمل التطوعي وتقديم المساعدة للآخرين دفعتني إلى دراسة الخدمات الاجتماعية آنذاك، فدخلت المعهد عن سابق إصرار، وعند تخرجي بدأت العمل المجتمعي والتطوعي، فكانت أولى محطاتي مع مركز "اللقاء الأسري"، وكان الهدف منه متابعة حالة الأطفال الذين يعانون بسبب انفصال الأب والأم، ومنح الطفل حق رؤية أحد الوالدين، الذي لا يتمتع بحق الحضانة ضمن جو مناسب في المركز، وهنا عملت جاهدة على معالجة الكثير من حالات الانفصال بين أزواج كانوا يزورون المركز، ونجحت في الكثير منها، فعادت الأسر إلى الاجتماع من جديد، وإلى اليوم أتواصل مع بعض هذه العائلات، وهي بحالة اجتماعية رائعة ومتميزة».

النشاطات التفاعلية هي من أهم النشاطات التي أسعى إلى إيجادها، كانت لدي تجربة مسابقة أجمل زي فلكلوري للأطفال، حيث تنافس أطفال مدينة "درعا" خلاها على تقديم الزي الأفضل، وكان هناك إقبال جماهيري كبير خلال هذه المسابقة، لأنها تقوم على غرس هذه القيم المجتمعية في عقول أبنائنا، فالتراث هوية يجب الحفاظ عليها

وحول مساهمتها في تفعيل دور المرأة في المجتمع، تقول: «عملت من خلال مشروع "تمكين المرأة" على دمج المرأة الحورانية إلى حد كبير في المجتمع العملي وسوق العمل، فكانت هناك قروض تقدم للمرأة من قبل مشاريع تمكين المرأة في المحافظة، فسعيت إلى تعريف النساء بهذه القروض وتأمينها لهن بهدف إيجاد أعمال ومشاريع صغيرة تساعدهن على تأمين مستلزمات الحياة، وكنت على تواصل دائم مع النساء المسجلات وأتابع مشاريعهن عن قرب لأضمن لهن النجاح في هذه المشاريع. وعملت على إقامة دورات مجانية لهن في الإسعاف الأولي لضمان سلامتهن في العمل، ودورات في الجدوى الاقتصادية لضمان تحقيق البيع والربح الصحيحين، لتستطيع النساء تسديد قروضهن بسهولة. وبالفعل كانت هناك مشاريع متميزة في "درعا"، وأذكر منها مغسل سيارات بإشراف امرأة، ومصانع الألبان والأجبان، والكثير من المشاريع الناجحة».

من أنشطة النادي

وعن مبادرة "سوا بندفا" التطوعية، تقول: «هذه المبادرة كان الهدف منها تقديم العون لإخواننا الذي هم بحاجة إلى المساعدة بأسلوب أنيق ومرتب، وكنت من خلالها أقوم بجمع الألبسة الجديدة أو التي تكون بحالة ممتازة من الأصدقاء وأصحاب الأيادي البيضاء، وترتيبها وتوضيبها، وتوزيعها بسرية تامة على الأسر الفقيرة والمحتاجة والمهجرة بفعل الحرب، وفي فصل الشتاء خاصة».

وبالحديث عن الأعمال التطوعية والمبادرات، تتابع القول: «عملت طوال سنوات الحرب على إثبات قوتنا وثباتنا في أرضنا، ورسم الابتسامة على وجوه الجميع، وإبقاء روح المحبة والتعاون بين الجميع، فكنت أجمع أبناء الحي، ونقيم حملة نظافة في الشوارع أو الحدائق العامة أو الساحات وأطراف المدارس، إضافة إلى العمل مع جمعية "البر"، أو الكنيسة لإقامة محاضرات للمواطنين في التوعية الصحية للأطفال والكبار والنساء».

فرقة موسيقية للفرح

وعن "نادي العطاء" الذي لاقى إقبالاً كبيراً من أهالي المحافظة، وغايتها من تكوينه، تقول: «الفكرة منه دمج خبرات كبار السن مع إبداعات الشباب، ونقل هذه الخبرة إلى جيل الشباب فنياً ورياضياً وثقافياً، فكان افتتاح النادي باسم: "نادي العطاء والتسامح"، برعاية كريمة من بطريركية أنطاكية وسائر المشرق، و"رياض شتيوي" عضو مجلس الشعب، الذي قدم كل الدعم لهذا النادي، وبالفعل كانت هناك نشاطات متميزة من حفلات فنية ومسابقات أدبية وبطولات رياضية، وكل هذا بفضل إصرار متطوعي النادي الذين لم يتغيبوا عن التدريبات والتحضيرات والنشاطات حتى في أصعب الظروف التي مرت بها المحافظة. ولدى النادي اليوم فرقة موسيقية متكاملة تضم أكثر من 60 عازفاً وعازفة وكورال من مختلف الفئات العمرية، لديه فرق رياضية في الشطرنج والنرد والألعاب المختلفة، ومواهب في الرسم والخط والشعر والفنون الأدبية، وفرقة من ذوي الاحتياجات الخاصة متميزة في الفنون الشعبية».

وعن النشاطات التفاعلية ومدى الإقبال عليها، قالت: «النشاطات التفاعلية هي من أهم النشاطات التي أسعى إلى إيجادها، كانت لدي تجربة مسابقة أجمل زي فلكلوري للأطفال، حيث تنافس أطفال مدينة "درعا" خلاها على تقديم الزي الأفضل، وكان هناك إقبال جماهيري كبير خلال هذه المسابقة، لأنها تقوم على غرس هذه القيم المجتمعية في عقول أبنائنا، فالتراث هوية يجب الحفاظ عليها».

مع الأطفال

الفنانة الشابة "سارة عرب" تحدثت عن تجربتها مع "عبير"، فقالت: «مدرّبة متميزة جداً، وأسلوبها شيق وممتع، وتتعامل معنا بأسلوب جميل يجعلنا نحب النادي ونستمر معه. عملت جاهدة طوال سنوات الحرب على تفعيل دورنا في المجتمع كشباب مسؤولين عن بلدنا، نحمل الأمانة ونصونها. لقد أحببت العمل معها كثيراً، ووجدت فيها مثالاً يحتذى به في الأخلاق والعمل، فهي الإنسانة المحبة للوطن والغيورة عليه».

ويضيف "حسان الشماس" عن نشاطاتها التطوعية: «قبل كل شيء هي إنسانة مرحة مثقفة، وخلوقة جداً، والجميع يشهد لها بعملها التطوعي الإنساني والأخلاقي والمجاني، فقد عملت من دون أي مقابل للبلد والشباب والمحبة، ونشاطاتها دائماً متميزة ومبتكرة في تقديم كل جديد في العمل الطوعي والإنساني، وسنوات الحرب لم تستطع النيل من عزيمتها، واليوم نحصد نجاحاتها على أرض الواقع».