عشَق وحَلمَ بالمستديرة وهو ابن الثالثة عشرة من عمرهِ؛ ترك خلفه الكثير من الأشياء وهرْولَ وراء حلمه دون هوادة، يشهد عليه كل شبرٍ من الملاعب التي خاض عليها معارك كروية طوال 26 عاماً من العطاء الكروي؛ لينتهي به المطاف إلى حصوله على كرسيٍ له في إدارة ناديه الذي عشقه، إنه الكابتن "عثمان الوسمي" الذي كان لنا معه وقفة في "البوكمال" ليبوح لنا بما يخبئه في صدره من خلال الحوار التالي:

  • كيف تنظر إلى تجربتك الجديدة بصفتك عضو هيئة في إدارة النادي؟
  • إنه لاعبٌ حقيقي لم يشهد النادي لاعب وسط مثله خلال وجوده في الملاعب، كان يمتلك روحاً قتالية في الملعب وقد أمضينا سوياً أجمل الفترات في النادي

    ** «ربما حبي الشديد للرياضة وللنادي بشكل خاص حالَ دون تركي أو ابتعادي عنه على الرغم من اعتزالي للعب، فتجربتي كإداري هي خطوة مهمة بالنسبة لي لأبرهن للجميع بأنني سأبقى مخلصاً لهذا النادي الذي أعطاني وعلّمني الكثير؛ وبالتأكيد سأفعل ما بوسعي وبتعاونٍ من باقي الزملاء لإعادة الهيبة والسمعة الجيدة لكرة ورياضة "البوكمال" لكن ما أتمناه هو تكاتف جميع الجهود الغيورة على مصلحة هذه المدينة لنحقق سوياً ما نصبوا إليه».

    "الوسمي" ضمن تشكيلة نادي "البوكمال"

  • ماذا أعطت الرياضة للكابتن "عثمان" خلال مسيرته الطويلة في ملاعب كرة القدم؟
  • ** «بالتأكيد هذا سؤال محرجٌ لي وقد سُئلتُ مراتٍ عدة؛ لكني أقولها بصراحة إن الرياضة حرمتني أموراً كثيرة وأهمها مستقبلي الدراسي فبعد أن التحقت بجامعة "بيروت" لدراسة الهندسة المدنية تركتها في غفلةٍ من الأيام، كذلك أثّرت الرياضة على وضعي المادي بشكلٍ عام، فكما هو معروف فإن الرياضة لدينا غير محصّنة مادياً واللاعبون هم من يدفعون الضريبة، لكن مع كل ذلك فالرياضة منحتني أجمل شيء في الكون وهي الشعور والإحساس بمتعة الحياة. فأنا الآن أفتخر بعلاقاتي الاجتماعية الواسعة في مختلف محافظات القطر وهذا أكبر مكسب بالنسبة لي».

    "الوسمي" مع لاعبي نادي "تشرين"

  • هل تقصد بحديثك هذا أن جميع الرياضيين في القطر هم بالنهاية محكومون بالتضحية الشخصية ضريبةً لعشق الكرة؟
  • ** «طبعاً لا أقصد جميع الأندية الرياضية؛ ولكن أغلب اللاعبين عندما يبلغون سن الاعتزال ينتهي مشوارهم الكروي وهم صفر الأيدي بعد أن ضحوا بكل ما من شأنه أن يوفر لهم حياة كريمة، وهذا سببه عدم وجود دعم مادي قوي لتلك الأندية؛ أما النادي المحظوظ هو الذي يجد من يتبرع له بمبالغ طائلة ويسانده باستمرار خلال مشواره الكروي».

    أثناء انضمامه لنادي "النصر" عام /1985/م

  • معروفٌ عنك حبك وعشقك الشديدين لنادي "البوكمال" لدرجة أنك لا تصدق أن تجد نفسك وأنت خارج أسوار النادي؛ برأيك من أين ينبع هذا الإخلاص، وهل هناك مصالح كامنة وراء هذا التعلق بالنادي؟
  • ** «سؤالٌ لطالما سألته لنفسي لكنني لم أعثر على جوابٍ حقيقي له حتى هذه اللحظة، لكن أحب أن أقول بأن "عثمان الوسمي" لا يطمع بأية مكاسبٍ مادية أو مصلحة شخصية أخرى من خلال وجوده ضمن أعضاء الإدارة؛ لكن كل ما هنالك هي الغيرة على هذا النادي الجريح».

  • ما الطموحات المستقبلية التي ترى بأنك ستقدم من خلالها عطاءً حقيقياً لرياضة "البوكمال"؟
  • ** «الطموح حقٌ شرعي لكل إنسان ودون طموح لا يمكن أن يتطور المرء، فأما طموحي فهو استلام إدارة النادي كي أحقق شيئاً لرياضة المدينة لم أستطع تحقيقه وأنا لاعب، وبالتأكيد هذا الكلام لا يعني أنني استخف أو أشك بقدرات الرئيس الحالي المحامي الأستاذ "محمد العلي" بالعكس تماماً فأنا أكنُّ له كل الاحترام بل وأعتبره الأب الروحي للرياضة، لكن مع ذلك من حقي أن أتطلع إلى الأفضل وخاصةً لدي ثقة بأنني سأقدم أفكاراً جديدة للنهوض برياضة المدينة بشكلٍ عام».

  • ما أجمل فترة أمضيتها فوق البساط الأخضر؟
  • ** «أجمل أيامي هي تلك التي قضيتها خلال وجودي ضمن صفوف نادي "الجيش" عام /1985/م حيث كنت أشعر وقتها بأنني لاعبٌ ورياضيٌ حقيقي؛ فكل شيء كان متوفراً لكل لاعب ابتداءً من الميكرو باص المُخصّص لّلاعبين ومروراً بالألبسة والأحذية الرياضية المختلفة وانتهاءً بالغذاء والتمارين المتوازنة. أما في نادي "البوكمال" فأجمل الأيام كانت تلك التي قضيتها خلال السنوات من عام 1988 وحتى عام 1990».

  • أنت كعضو هيئة إدارية للنادي؛ برأيك أين هو نادي "البوكمال" هذه الأيام؟
  • ** «بصراحة النادي يمر بأسوأ حالاته خلال هذه الأيام؛ والسبب هو غياب الإخلاص والانسجام بين جميع أفراده؛ وتفضيل المصلحة الشخصية على مصلحة النادي إن كانوا لاعبين أو حتى إداريين، وهذا الأمر داءٌ لا دواء له سوى محاكمة الضمير في كل خطوة يخطوها الإنسان».

  • من خلال مواكبتك لثلاثة أجيال من لاعبي النادي؛ من هم رفاق دربك الذين ترفع لهم قبعتك احتراماً؟
  • ** «هناك أكثر من لاعب وأرجو ألا يلومني البعض إن خانتني ذاكرتي في عدم ذكر أسمائهم، فأول لاعبٍ أعتبره الصديق والمدرب هو "جاسم المطبخ" الذي كان ضمن فئة الرجال عندما كنت مع الناشئين وقد كان يدربني بين الحين والآخر، كذلك المرحوم "مصطفى المسلوخ" و"حازم غنام" هؤلاء كانوا من الجيل الأول الذين يكبرونني سناً، أما الجيل الثاني والذي أعتبره الجيل الذهبي لأن جميعهم كانوا على سوية واحدة من العمر، وهم اللاعبون "صلاح اليونس" و"إسماعيل العكلة" و"علي الصبحي" و"شحادة رحيم"، أما الجيل الثالث والأخير فاعتبرهم مثل أشقّائي الصغار لأن أعمارهم ربما تتساوى مع عمري الرياضي».

  • ما مدى التفاؤل لديك بنهوض نادي "البوكمال" وخروجه من المستنقع الذي هو فيه الآن؟
  • ** «أنا متفائلٌ بمستقبل هذا النادي وأتوقع له مستقبلاً مزدهراً في قادم الأيام، وتفاؤلي هذا ربما يدعمه المشروع الضخم الذي أعلنته وزارة الإدارة المحلية ببناء منشأة رياضية في "البوكمال" بكلفة تصل إلى نحو /54/ مليون ليرة سورية».

    وقد كان لزملاء الكابتن "عثمان" آراءٌ متعددة فيه:

    فاللاعب "صلاح اليونس" قال فيه: «إنه لاعبٌ حقيقي لم يشهد النادي لاعب وسط مثله خلال وجوده في الملاعب، كان يمتلك روحاً قتالية في الملعب وقد أمضينا سوياً أجمل الفترات في النادي».

    الحارس "إسماعيل العكلة" قال فيه: «كنا نلعب سوياً في نفس الفترة وأعتبره من الأصدقاء القريبين والمخلصين لقميص النادي، كان يمتلك مهارات كروية جيدة واستطاع إثبات نفسه كأفضل لاعب خط وسط خلال تلك الفترة، أتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة كإداري للنادي».

    الحارس "باسل العران" قال فيه: «لم نلعب سوياً ضمن تشكيلة واحدة فأنا من الجيل الذي قبله، ومع ذلك فقد رأيته يلعب خلال سنواته الأخيرة قبل الاعتزال فهو لاعبٌ جيد في الملعب ويستحق أن يحمل لقب كابتن».

    ومن الجدير بالذكر أن الكابتن "عثمان الوسمي" من مواليد مدينة "البوكمال" عام /1969/م، بدأ ممارسة رياضة كرة القدم مع فئة الناشئين لنادي "البوكمال" الرياضي وذلك عام /1983/م لكنه لم يستمر إلا سنتين فقط؛ بعدها اضطر للسفر إلى العاصمة "دمشق" وانضم هناك إلى صفوف نادي "النصر" وبقي معه لمدة ستة أشهر؛ بعدها لعب مع نادي "الجيش" وبعد سنتين عاد إلى مسقط رأسه في مدينة "البوكمال" وانضم إلى صفوف ناديها ضمن فئة الرجال وذلك عام /1988/م ومنذ ذاك التاريخ وحتى اعتزاله لرياضة كرة القدم عام /2009/ لم يلعب مع أيّ ناديٍ آخر؛ لتنتهي بذلك مسيرته الرياضية فوق المستطيل الأخضر وليبدأ مرحلةً جديدة من حياته الرياضية لكن هذه المرة ليس كلاعب وإنما كعضوٍ إداري لهذا النادي.