لا تكاد تذكر الرياضة النسائية في "ديرالزور" إلا ويأتي اسمها في بداية الحديث، قضت في الملاعب جل طفولتها وشبابها، وحتى حين اعتزلت اللعب أخذت الرياضة إلى منزلها لتقدم "لدير الزور" أسرة رياضية بكل ما في الكلمة من معنى، إنها لاعبة كرة اليد "هند حمادي" التي التقيناها في منزلها، وبين أسرتها المكونة من شابين وفتاة.

عن أهم محطات حياتها بدءاً من ظهور أول بوادر الموهبة الرياضية لديها تحدثت إلينا بالقول: «لا أذكر بالتحديد متى بدأ عشقي للرياضة لكني أذكر أنني ومنذ المرحلة الابتدائية كنت أحب كل ما يتعلق بها، وتحديداً كرة اليد، وما ساهم في تعزيز هذه الموهبة لدي معلمة الرياضة "فوزية شلاش" والتي لن أنسى فضلها ما حييت لما قدمته لي من دعم وتشجيع واهتمام، وبدأت هنا بالمشاركة ببطولات المدارس داخل المحافظة، إلى أن انخرطت في صفوف نادي اليقظة ولم أترك صفوفه إلى أن اعتزلت اللعب سنة 1998 وقد أهلتني علاماتي حين حصلت على الثانوية العامة لدخول أي فرع أتمناه إلا أنني اخترت المعهد الرياضي، ولم تكن كلية التربية الرياضية موجودة على أيامنا».

أنا أعرف "هند" منذ 10 سنوات لديها روح رياضية وطيبة وإخلاص، ولو لم يكن لها من فضل علي سوى أنها جعلتني أحب الرياضة فهذا يكفيها، أنا أمارس الرياضة بشكل يومي منذ عرفتها

وحول تجربة الزواج التي تبعد أغلب رياضياتنا عن الملاعب وتأثير هذه التجربة على استمرارها أضافت: «تزوجت عام 1989 من رجل يكن احتراماً كبيراً للمرأة العاملة وحباً كبيراً للرياضة بل وإعجاباً بكل سيدة استطاعت أن تصمد في ميدانها حتى أن شهر العسل قضيته مع زوجي في "دمشق" أثنا ء مشاركتي في بطولة الأندية عام 1989، حيث كان زواجنا قبل أيام قليلة من بدء البطولة، أنجبنا ثلاثة أبناء "طارق" يدرس العلاج الفيزيائي وهو لاعب كرة سلة، "صبا" طالبة في الثانوية، تمارس رياضة كرة السلة والحواجز وهي لاعبة أيضاً في منتخب سورية للسيدات، "محمد" في الصف التاسع لاعب كرة سلة وكرة حديدية، أي أنني تركت الملاعب فرداً وعدت إليها بشكل جماعي متمثلاً بأسرتي وأبنائي، وبإمكاني أن أقول بكل فخر أن أولادي كبروا في الملاعب، أذكر أنني في إحدى البطولات لعبت وأنا في الشهر الرابع من الحمل، وحتى اعتزالي كان أبنائي وزوجي دائماً معي في الملعب وكثيراً ما كنت أضطر لإرضاع أحد أبنائي بين الشوطين، تلك ذكريات لا تنسى، كانت المعاناة حقيقية في تلك الفترة لكن الإرادة أكبر من أي معاناة وهذا ما جعلني أخطو قدماً».

السيد راكان العبد الرجب

وفيما يتعلق بالمعارضة الاجتماعية التي يمكن أن تلقاها المرأة على هذا الصعيد أضافت : «بالتأكيد إن أي عمل يجعل المرأة تحت الضوء سيؤدي بالتالي إلى وضعها ضمن دائرة النقد أكثر من بقية النساء، ولكن ولله الحمد كان والدي أهم داعم لي في هذا المجال، بالإضافة أخي الأكبر، وأعتقد أن ثقة الأهل بالمدرب الذي كان يدربني كان له دور كبير في درجة التقبل، وعلى كل حال على عكس ما يتخيل الجميع فإن القيود الاجتماعية اليوم أكثر بكثير منها على أيامنا في مجال الرياضة، لقد كانت الثقة بين الناس أكبر وهذا سبب من أسباب تراجع الرياضة النسائية عموماً في "دير الزور"».

أما عن المشاعر التي انتابتها في آخر مباراة لها قبل الاعتزال فقد تابعت: «آخر مباراة خضتها كان لدي 3 أطفال، وكنت قد هيأت نفسي لهذا اليوم، هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد انتقلت من الرياضة في الملاعب إلى افتتاح نادٍ لللياقة البدنية ما جعلني على تواصل دائم مع عالم الرياضة، ولكن إن أردت أن أكون صادقة أكثر فبعد الاعتزال انتابتني مشاعر مؤلمة ويحز في نفسي كثيراً حال الرياضيين بعد الاعتزال، وأنا واحدة منهم فنحن نملأ الملاعب حركة وانجازات وحين نهجرها لا أحد يتذكرنا».

في دورة أنترمينا- ايطاليا

زوجها السيد "راكان العبد الرجب" تحدث عن علاقته بها بالقول: «إن مجرد استمرار "هند" في هذا المجال في "دير الزور" كان بالنسبة لي دليلاً على قوة شخصيتها وعلى حبها للرياضة، وهذا ما دفعني إلى الإصرار على الارتباط بها رغم معارضة الوسط الاجتماعي، وأنا اليوم أشعر بعد هذه السنوات بالفخر بها وبالعائلة التي كونتها معها».

أما صديقتها السيدة "غادة المصطفى" فقد حدثتنا عن تأثير السيدة "هند" فيمن حولها انطلاقاً من علاقتها بها: «أنا أعرف "هند" منذ 10 سنوات لديها روح رياضية وطيبة وإخلاص، ولو لم يكن لها من فضل علي سوى أنها جعلتني أحب الرياضة فهذا يكفيها، أنا أمارس الرياضة بشكل يومي منذ عرفتها».

مع زميلاتها في نادي اليقظة

ومن الجدير بالذكر أن الرياضية "هند حمادي" كانت: كابتن منتخب سورية لكرة اليد في دورة المتوسط، وضمن تشكيلة المنتخب في بطولة سيدات العرب بتونس عام 1982، ونالت فيها لقب أفضل حارسة، بطولة سيدات العرب في الأردن عام 1984، بطولة سيدات العرب التي أقيمت في سورية عام 1985، كابتن منتخب سورية في البطولة التي أجريت في ايطاليا عام 1986، كابتن منتخب سورية في بطولة آسيا التي أقيمت في الأردن عام 1986، كابتن منتخب سورية في دورة أزمير بتركيا 1988.