على الرغم من دخول الأواني الحديثة من الألمنيوم والستانلس ستيل، إلا أن مهنة تبييض النحاس لا تزال تستخدم في شوارع "دير الزور" خاصة في البيوت والمطاعم التي لا تزال تستخدم الأواني النحاسية، فقد أصبحت مهنة تراثية تدل على إرثٍ لا يزال يناضل حفاظاً على بقائه، كما قد اكتسب مبيضو النحاس في الدير شهرة واسعة على الرغم من قلتهم.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 4/3/2013 الحاج "حمادي العبود" الذي تحدث بالقول: «لا يزال "المبيض" كما يسميه أهل "الدير"، يحمل أدواته البسيطة على دراجته الهوائية يدور ويجوب شوارع "الدير" يلتقط رزقه من الانام الذين يحتفظون ببعض الأواني النحاسية للذكرى أو للطهو خاصة أصحاب المطاعم التي تطبخ بالقدور النحاسية الكبيرة، ويريد (تجديدها) من خلال عملية تبييضها التي ما زالت تحتفظ بالأسلوب القديم نفسه الذي عرفه أجدادنا في عملية التبييض، حيث يسخن الوعاء على النار ومن ثم يفرك بالرمل وسيف الألمنيوم بواسطة قطعة قماش قطنية حتى ينظف من الأوساخ ويتخلص من الزنجار الأخضر الذي يعد مادة سامة إذا تفاعلت مع الطعام، أما في المرحلة الثانية فتذاب مادة القصدير مع النشادر ويفرك داخل الوعاء بواسطة قطعة من القطن، حتى تبيض الآنية ومن ثم تفرك بالرمل وبعدها تغسل بالماء».

زبائني هم كل من يستعمل الأواني النحاسية، وبالدرجة الأولى هم صانعو الحلويات، وطباخو المطاعم، فهم يعرفون لماذا يستخدمون مادة النحاس بالاعتماد عليه في عملية الطهو أو الطبخ، إضافة إلى الأواني النحاسية المستخدمة في المنازل والبيوت، فهناك عائلات لا تستخدم إلا الأواني النحاسية في طبخها وتعتمد عليها بالدرجة الأولى، وهناك الكثير من المحال لبيع الجبن والحليب لا تزال تستخدم القدور النحاسية في عملية صنع الجبن المشلل، والكريكشة، واللبا والجبن المقطع

وأشار مبيض النحاس المتجول "ياسر شعبان" حول زبائن التبييض بالقول: «زبائني هم كل من يستعمل الأواني النحاسية، وبالدرجة الأولى هم صانعو الحلويات، وطباخو المطاعم، فهم يعرفون لماذا يستخدمون مادة النحاس بالاعتماد عليه في عملية الطهو أو الطبخ، إضافة إلى الأواني النحاسية المستخدمة في المنازل والبيوت، فهناك عائلات لا تستخدم إلا الأواني النحاسية في طبخها وتعتمد عليها بالدرجة الأولى، وهناك الكثير من المحال لبيع الجبن والحليب لا تزال تستخدم القدور النحاسية في عملية صنع الجبن المشلل، والكريكشة، واللبا والجبن المقطع».

وعن مراحل التبييض أضاف: «تعتبر مهنة "المبيض" إحدى المهن التقليدية القديمة التي حافظت بشكل كلي على نسقها والتزامها بأدواتها على الرغم من التطور البسيط الذي طرأ عليها كدخول النار بالدرجة الأولى والمواد المنظفة القوية كـ"الأسيد" وغيره، يتم احضار الوعاء النحاسي المراد تبييضه فيسخن أولاً على النار، ثم يقوم المبيِّض بفركه بالرمل وسيف الألمنيوم وذلك بواسطة قطعة من قماش القطن مثبتة وممسوكة برأس سيخ معدني ينظف بها قلب الوعاء، وبعد عملية الفرك بالقصدير يُنظَّف القدر بخرقة نظيفة ثم يُفرَك بالرمل النبكي ويُغسل بالماء ويوضع تحت أشعة الشمس ليجف وبذلك تنتهي عملية تبييض النحاس، وتتأتى جودة التبييض كلما كانت مادة القصدير نقية لا يدخلها شوائب أو خليط، فالمدة الزمنية التي يستغرقها تبييض وعاء عادي نصف ساعة، وإن كان أكبر فقد يصل الزمن إلى ساعة ونصف الساعة.

كما أن كثيراً من العائلات في "دير الزور" يحتفظون بأباريق النحاس والدلال النحاسية التي أصبحت تشكل إرثاً حضارياً وقد يبلغ بعضها من العمر مئة سنة أو يزيد يقدم بعض الأهالي إلى تبييضها حفاظاً على رونقها وجمالها».

وأشار الباحث الاجتماعي "عامر النجم" حول مهنة تبييض النحاس بالقول: «مهنة تبييض النحاس من مهن أيام زمان حين كانت أكثر أدوات الطبخ المنزلية من معدن النحاس من قدور وصوانٍ وصحون وشوك وسكاكين وحتى ركوة القهوة وإبريق الشاي، على أن جميع هذه الأدوات قد اختفت تقريباً من مطابخ اليوم، إلا أن هناك كثير من البيوت والمطاعم القديمة تعتمد على النحاس، خاصة تلك التي تطبخ "الخراف المحشوة" مع الرز والفريكة وذلك لكبر حجمها، أو التي تطبخ الثرود أوقات الولائم الكبيرة، فالنحاس كان يحتاج إلى تبييض كل فترة زمنيةٍ أدناها سنة وأقصاها ثلاث سنوات، وذلك نظراً لما يعتريه من كمخ وكمود في بياضه وتحسباً من أن يتشكل زنجار النحاس وهو مادة سامة تشكل خطورة على حياة الإنسان».