تعد "القصبات" من أهم الأماكن في وادي "الفرات"؛ التي يقصدها التجار لتسويق منتجاتهم وتبادلها ما بين بعضهم بعضا،ً فـ"القصبة" تعتبر سوق للقرى والبلدات المرتبطة بها ولها أهميتها الاقتصادية والاجتماعية وهي خليط سكاني مميز يجمع بين البادية والريف والمدينة.

للتعرف أكثر على "القصبات" في وادي "الفرات" التقت مدونة وطن "eSyria" في 20 تشرين الثاني 2013 البائع "محمد الخلف" الذي يعمل في إحدى "القصبات" القريبة من مدينة "البوكمال"، فأشار بالقول: «في وادي الفرات الكثير من "القصبات" وتبرز أهميتها من الناحية الاقتصادية بأنها ملتقى للتجار من كل القرى والبلدات المجاورة لها ليتبادلون في ما بينهم المنتجات التي يتم إنتاجها في قراهم وبلداتهم من أجبان وألبان وصناعات يدوية كالبسط والسلال وغيرها من الأشياء، أيضاً بعض الخضراوات التي تتم زراعتها في المنطقة فهي مكان لتصريف المنتجات والبيع والشراء وتبادل السلع، أيضاً لها أهميتها من الناحية الاجتماعية حيث يتم التعارف وتبادل الأحاديث في ما بينهم.

لتوفير الوقت والجهد وعدم الذهاب إلى المدينة نأتي للتسوق من "القصبة" القريبة من قريتنا، وليس هناك وقت محدد للتسوق، فالسوق يعمل على مدار الأسبوع وتزداد الحركة فيه أيام العطل، حيث تتوافر فيها المواد الضرورية والأساسية التي نحن بحاجة إليها، وكثيراً ما تتم عملية التبادل بالسلع فيما بيننا فلكل قرية منتجاتها وصناعاتها اليدوية المميزة

وتتميز "القصبة" بكثرة المحلات وتنوعها وتخصصها في أشياء ضرورية يتم شراؤها كملبس ومأكل وأثاث وغيرها من السلع الحياتية الضرورية التي توفر على أهالي القرى المجاورة مشقة الذهاب إلى المدينة لتبضع ما يلزم».

وأضاف: «تتميز "القصبات" عن القرى والبلدات المجاورة لها بوجود بيوت حجر متعددة الغرف في كثير منها ويتوفر فيها الأثاث البسيط، وللبيوت أفنية محاطة بجدران حجرية يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار وأكثر، وتتجمع البيوت في أحياء لها طرق وإن كانت تحمل طابع طرق القرية من حيث وجود التراب والكناسات وغيرها إلا أن هناك فوارق كثيرة بينهما من حيث الخدمات التي تفتقدها هذه "القصبات"».

وعن أهمية "القصبات" بالنسبة إلى القرى المجاورة لها حدثنا السيد "كحيط الفياض" من قرية "الصبحة" بالقول: «لتوفير الوقت والجهد وعدم الذهاب إلى المدينة نأتي للتسوق من "القصبة" القريبة من قريتنا، وليس هناك وقت محدد للتسوق، فالسوق يعمل على مدار الأسبوع وتزداد الحركة فيه أيام العطل، حيث تتوافر فيها المواد الضرورية والأساسية التي نحن بحاجة إليها، وكثيراً ما تتم عملية التبادل بالسلع فيما بيننا فلكل قرية منتجاتها وصناعاتها اليدوية المميزة».

كحيط الفياض

وعن سبب التسمية والخليط السكاني لهذه "القصبات" حدثنا الباحث "كمال الجاسر" بالقول: «"القصبات" جمع "قصبة" وهي بلدة صغيرة بين القرية والبلدة من حيث مساحتها وتعداد سكانها ودرجة حضارتها وعمرانها، و"القصبة" مركز ناحية أو مركز منطقة وترتبط بكل قصبة عدة قرى وتبعد عن مركز المحافظة مسافات متباينة واتصالها مستمر دائماً بمركز المحافظة "دير الزور"، والبعض منها تحول مع مرور الزمن إلى بلدة صغيرة، حيث تتوافر فيها المدارس والمراكز الصحية ومراكز البريد كما يصل إليها الماء والكهرباء وغيرها من الأمور الخدمية الضرورية مثل "قصبة البوكمال"، وتتجمع في "القصبات" أيضاً صفات سكان البادية وسكان القرى وطبائعهم وشيء من خلائق أهل المدينة ومزاياهم، فضلاً عن الصفات الخاصة بأهل كل "قصبة"، وسكانها خليط من سكان القرى وسكان المدينة؛

لذا يجمع البناء فيها بين أشكال السكن الموجودة في البادية وفي الريف والمدينة؛ فتجد فيها بيوتاً من الحجر وبيوتاً من "اللبن" وهناك بيوت عبارة عن خيمة يستخدمها البدو للسكن».

قصبة البوكمال

وفي كتاب "من التراث الشعبي الفراتي" للباحث "عبد القادر عياش" تحدث فيه عن "القصبات" بالقول: «تعتبر "القصبات" أسواقاً للقرى المرتبطة بها وأسواقاً للبادية المتصلة بها وماتزال الفوارق كبيرة بين "القصبات" وبين مراكز المحافظات من حيث العمران والبيوت والطرق والثقافة والنظافة، وإن بيوت "القصبات" متأخرة كثيراً من وجوه عدة لأسباب كثيرة ومنها: قرب عهد "القصبات" بالحضارة، وقرب عهد "سورية" بالاستقلال، لم تكن بين "القصبات" والمدن طرق معبدة، وتنتشر الأمية فيها والروح العشائرية وتغلب البداوة على طبائع السكان».