ينتمي لواحدة من عائلات "دير الزور" العريقة، عاش شبابه وصباه في "الجزيرة" وتأثر بالحركة الفكرية فيها، درّس الفلسفة لأكثر من ثلاثين عاماً، وألف ثلاثة كتب متداولة وتعد من المراجع الفكرية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3 تشرين الثاني 2014، الكاتب والأديب "وائل حنيش" الذي حدثنا عن بداياته بالقول: «ولدت في مدينة "دير الزور" عام 1953 ولكنني لم أقض فيها إلا سنوات قليلة من عمري، حيث انتقلت مع أهلي إلى محافظة "الحسكة" بسبب نقل عمل والدي رحمه الله إلى هناك؛ حيث كان مفتشاً في مديرية التربية، هناك قضيت أجمل أيام عمري مع مجموعة من أعز الناس على قلبي، وحتى هذه اللحظة أصدقاء طفولة وشباب ورجولة، وحتى الكهولة، وتعلمت من مدينة "الحسكة" الكثير الكثير مما لا أزال أمارسه في الحياة حتى اللحظة، تعلمت فيها المحبة، والألفة والتواضع، والتواصل، ومعنى الصداقة، والهدوء وراحة البال».

تأثرت كثيراً بالحركة الأدبية في "الحسكة" التي كانت مزدهرة آنذاك من أمسيات شعرية وأدبية وندوات، وكنت أحرص دائماً على حضور جميع الفعاليات وقتها

يضيف "حنيش" قائلاً: «تأثرت كثيراً بالحركة الأدبية في "الحسكة" التي كانت مزدهرة آنذاك من أمسيات شعرية وأدبية وندوات، وكنت أحرص دائماً على حضور جميع الفعاليات وقتها».

كتابه حول الرواية النسائية

ويتابع حديثه بالقول: «في المرحلة الابتدائية بدأ ميلي وحبي للقراءة من خلال تشجيع والدي رحمه الله، كان يعطيني النقود ويدفعني لشراء المجلات المناسبة لسني، والاشتراك بها، وأذكر أنه أعطاني مبلغاً من المال اشتركت به في مجلتين، وكنت أنتظر من أسبوع لأسبوع بكل شغف كي أحصل على العدد الجديد منهما، ثم أعطاني والدي مبلغاً إضافياً اشتركت به بمجلتين أيضاً وأصبح لدي ثراء فكري قد لا أكون مبالغاً إن قلت إنه يتجاوز عمري من خلال قراءة هذه المجلات، وكنت أحتفظ بكل الأعداد في درج خشبي في طاولة لدينا كانت موجودة في المطبخ».

ويضيف: «في مرحلة الدراسة الإعدادية تبلور وبوضوح الميل الأدبي لدي للقراءة بنهم وبشغف، وقد كان لدينا في المدينة نظام متبع في المركز الثقافي هو أنه من يداوم على الاستعارة وقراءة الكتب؛ ينال لقب صديق المركز الثقافي، وقد نلت لقب أحد أصدقاء المركز الثقافي العشرة الأوائل، وهذا ما دفعني إلى استمرارية القراءة بنهم كبير، ثم ولحسن حظي كان لدينا مدرس للغة الإنكليزية في مرحلة الإعدادية من مدينة "حماة" شاب دمث الأخلاق لطيف المعشر لا أنسى اسمه أبداً ما حييت، إنه الأستاذ "فايز مارديني" أحبه وأحترمه وأقدر جميله علي، فقد لاحظ أن عندي ميلاً شديداً للقراءة فوجهني لقراءة مجموعة بسيطة من القصص باللغة الإنكليزية القصيرة، وكان يساعدني في فهم الكلمات الصعبة، وكان يشجعني باستمرار، وهذا ما جعلني متفوقاً في اللغة الإنكليزية وحتى اللحظة، أما في مرحلة الثانوية فقد قرأت كل أنواع واتجاهات كل المدارس الشرقية والغربية وكل المؤلفات الأدبية والسياسية والفكرية التي كانت تقع بين يدي، إضافةً إلى كل الكتب التي أمتلكها في مكتبة متواضعة في منزل الأهل».

كتابه عن الأسطورة في الفكر اليوناني

وعن قراءاته يقول "حنيش": «سأحاول أن أتذكر بعض ما قرأته خلال هذه المسيرة الطويلة من الحياة ومن بعض ما قرأت وأنا في المرحلة الإعدادية مؤلفات "ميشال زيفاكو" كاملة، و"أغاثا كريستي" كاملة، والسلسلة الكاملة من أعلام العرب، وراسلت مجموعة من الدور الأدبية والعلمية في هذه السن الصغيرة، ولا أزال أحتفظ بكل اعتزاز بردودهم على مراسلاتي وما زودوني به من بعض الكتيبات والدوريات، وقد تابعت هذه القراءة في المرحلة الثانوية وتطرقت إلى قراءة كل كتاب يقع بين يدي حول الحضارة العربية الإسلامية، وقد قرأت سيرة أكثر الشخصيات العربية الإسلامية التي سطرت تاريخنا الناصع، وقد قرأت القرآن الكريم مرات ومرات، وحفظت قسماً كبيراً منه، كما تطرقت لقراءة قصة الحضارة للكاتب الشهير "ويل ديورانت" وتاريخ ألمانيا الهتلرية، كما قرأت تفسير "الطبري"، و"ابن كثير"، وقرأت جميع مؤلفات "طه حسين"، و"إحسان عبد القدوس"، و"نجيب محفوظ"، و"عبد الرحمن منيف"، و"حنا مينة"، و"حيدر حيدر"، وحفظت الكثير من أشعار "محمود درويش"، "ونزار قباني"، وحفظت قسماً كبيراً من المعلقات، وبعض مؤلفات "لينين"، و"ماركس" وبعض الاشتراكيين، وتكونت لدي الكثير من القناعات حول الكثيرين ممن قرأت لهم، فمنهم من اقتنعت به وآخر رفضته ولا أزال بطروحاته وأفكاره، أما في المرحلة الجامعية فكنت ميالاً لدراسة الأدب الإنكليزي لكن حادثاً عائلياً مهماً غير اتجاه البوصلة لدي من الأدب الإنكليزي إلى الفلسفة، وانكببت على الدراسة الاختصاصية في الجامعة، ودرست "الفلسفة اليونانية" بعمق، كما درست الفلسفات الغربية المختلفة وكذلك الفلسفة الإسلامية، وباقي اتجاهات الدراسات الفلسفية والنفسية، بعد تخرجي عينت مدرساً في مديرية تربية "الحسكة" ثم انتقلت للعمل الإداري في مجال التدريب التربوي حتى إحالتي إلى التقاعد».

وعن كتابه الذي يحمل عنوان "تطور الرواية النسائية" يتحدث "حنيش" قائلاً: «يمكن القول إنني تابعت وباستمرار كل ما كتب من أدب نسائي في مختلف الفترات الزمنية، وكيف أثر التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في هذا الأدب، وحسب الفترات الزمنية التي تنقل فيها، وقد برزت مجموعة من الأسماء الأدبية اللامعة التي تركت أثراً مهماً في الأدب العربي، وأثرت المكتبة العربية، وبالتالي أقول إن هذه الدراسة هي رصد لتطور الرواية النسائية منذ بداياتها الأولى مروراً بمختلف المراحل الزمنية وحتى الحاضر».

وحول كتابه "الأسطورة في الفكر اليوناني" يضيف: «هو تحديد دقيق لمختلف الأساطير التي تناقلتها الأجيال، ليس في اليونان وحده بل في كل دول العالم، وهي الوعاء الأساسي الحامل للفكر الإنساني الطوباوي الذي يحقق طموح الإنسان في اللا معقول أو الخيال، وقد احتوى الكتاب على أشهر الشخصيات التاريخية المهمة في التاريخ اليوناني مع ذكر بطولاتهم».

يقول عنه الفنان "برصوم برصوما": «"وائل حنيش" فيلسوف، عمل على تطوير نفسه باجتهاد بالغ، هو دودة كتب بالمعنى الحرفي للكلمة، يندر أن تراه وليس في يده كتاب، بعد امتلاء جوانبه بما قرأه لسنوات طوال، راحت هذه الجوانب تتفجر حكمة، ويقوم بتدوين ذلك على الورق.. كتب عن السرد النسوي وعن الأسطورة، وما زال في جعبته الكثير».

يذكر أن، "حنيش" له مجموعة من المقالات المنشورة في أكثر من مجلة، ولديه أيضاً كتاب قيد الطبع عن أكاذيب (إسرائيل الكبرى)، ولديه رواية انتهى من كتابتها بعد ثلاث سنوات من الجهد الفكري المضني والمتعب باسم "البرتقال المر"، ويعمل حالياً على تأليف كتاب حول التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية وتأثيرها بالشباب العربي، كما يحمل شهادة الدكتوراة في الفلسفة، وله ثلاثة كتب مطبوعة، وعدد منها مخطوط وبعضها قيد الطبع.