ستة وعشرون عاماً وهبها من عمره خدمةً للمنطقة الشرقية في تخصصه الطبي، وقبلها أعوام طويلة من البحث والدراسة والجدّ للوصول إلى التميز وهدفه المنشود.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 25 أيلول 2016، الدكتور "محمّد السالم" في مدينة "القامشلي"؛ للتعرف إلى مشواره في عالم الطب خاصة، والاهتمام الأدبي والاجتماعي عامةً، وعن بداياته يقول: «في جميع مراحل دراستي الابتدائية والإعدادية والثانوية كان لي حصة من التتويج بالمنافسة على المراكز الثلاثة الأولى، بناءً عليه حصدت مراراً شهادات تقدير وتكريم من مديرية التربية في "دير الزور"، ومن المدارس التي نهلت العلم فيها أيضاً، حيث حرصت على التفوق والتميز منذ المحطات الأولى في حياتي، وكان الفضل لأسرتي ولوالدتي بوجه خاص، وهي التي تجاوزت السبعين من عمرها اليوم، ولها مني متابعة واهتمام وحرص كبير.

خلال وجودي في "القامشلي" قبل عامين كان هدفي إيصال الخبرة إلى كل من يرغب ويريد من الزملاء ممن بنيت بيننا علاقة أخوة ومحبة وتعاون في سبيل الأهم وهو المواطن، وقدمنا الكثير في المجال الطبي والإنساني والمجتمعي

بدأت من المرحلة الإعدادية وبتشجيع كبير من والدتي التردد إلى المركز الثقافي بالمدينة، كنتُ أصغر مراجع للمركز حينئذ، وجمعني القدر بنخبة الأدباء والمثقفين والكتّاب، لتكون خطوة كبيرة نحو عالم جميل وممتع، تلك الزيارة إلى دار الثقافة قادتني إلى الاطلاع على آلاف الكتب والدواوين والمراجع وبمختلف أنواعها ومسمياتها، ليكون في رصيدي كمّ كبير من العلم والمعرفة بدا واضحاً على مقاعد الدراسة، ساعدتني للمشاركة والمساهمة بأنشطة أدبية وثقافية على مستوى المحافظة والقطر، والحصول على جوائز من المعنيين بتلك الأنشطة».

الدكتورة عبير مراد

ويتابع: «عندما وصلت إلى الصف العاشر، كان القرار بالاطلاع على الكتب العلمية بالمركز الثقافي، تحديداً مجموعة الدكتور "محمد رفعت" المصرية وتحتوي 18 مجلداً في عالم الطب، اطّلعت عليها بأدق تفاصيلها، بسبب هذه المجموعة وبفضلها وصلت إلى قرار دراسة الطب في الجامعة واختيار اختصاص طبي نادر وغير موجود في المنطقة بأكملها، وبعد الحصول على الشهادة الثانوية دخلت الفرع الطبي الذي أريد؛ وهو الجراحة الصدرية كأول شخص يدرسه في المنطقة الشرقية بمحافظاتها الثلاث، إضافة إلى مستوى مدينتي "حمص" و"حماة"، وأثناء حضوري على مقاعد الدراسة الجامعية كان فضل المجموعة الطبية العلمية باقياً وموجوداً، وأشار إلى التميز الذي أملكه مدرسو الكلية التي كنت فيها، إضافة إلى ذلك خلال وجودي في "دمشق" كنتُ أتنقل من مستشفى إلى آخر وأتواصل مع الجراحين للتعرف إلى عالم العمليات الجراحية ميدانياً وعملياً، هذا التجوال كان فكرة ذاتية، قدمت لي فائدة عظيمة جداً للمستقبل القريب بعد التخرج، عملت مع كبار الأساتذة الجراحين كطبيب مساعد في "دمشق" بسبب حرصي واهتمامي الكبير، وتميزي على مستوى الجامعة أيضاً».

بعد تخرجه في الكلية، قدم خبرته لأجيال أخرى، وخدمات جليلة، يقول عنها: «بدأت العمل كطبيب عام 1990، وأثناء ذلك كنت في خدمة العلم في مدينة "حمص" أتنقل من منطقة إلى أخرى، ومن محافظة إلى أخرى في سبيل إجراء عمل جراحي لتخصص نادر في المحافظات التي أزورها، ثم كان الاستقرار بمحافظة "دير الزور" رئيس قسم الصدرية في مستشفى "الباسل"، محاولاً أن أمنح الخبرة للأجيال القادمة من الراغبين بالعمل في مجال تخصصي، وقدمت الكثير للعشرات منهم. والعمل في المستشفى العسكري في "دير الزور" كان وسيبقى من دون مقابل مادي نهائياً، مع أن ألبي نداء المستشفيات بأسرع وقت، إلى جانب ذلك العمل بصفة محاضر في "جامعة الفرات". أمّا بالنسبة للمؤتمرات الداخلية والخارجية، فقد شاركت بها جميعها منذ عام 1990، التي تعنى بأمراض جراحة الصدر، وحصدنا من خلالها شهادات تقدير مراراً، إلى جانب التقدير والثناء من وزارة الصحة ووزارة الدفاع لخدمة المستشفيات العسكرية من دون مقابل».

الدكتور محمد في مستشفى القامشلي

يضيف: «خلال وجودي في "القامشلي" قبل عامين كان هدفي إيصال الخبرة إلى كل من يرغب ويريد من الزملاء ممن بنيت بيننا علاقة أخوة ومحبة وتعاون في سبيل الأهم وهو المواطن، وقدمنا الكثير في المجال الطبي والإنساني والمجتمعي».

"مريم علي" من أهالي "القامشلي"، تحدّث عن الدكتور "محمد" قائلة: «خلال المدة القصيرة له هنا، ساهم بإنقاذ عشرات الأرواح بحكم خبرته في إنجاز العمليات الجراحية المعقدة، وأثناء الانفجار الأخير الذي ضرب المدينة، بقي لساعات طويلة في غرفة العمليات، ويتنقل من مستشفى إلى آخر في سبيل العمل الإنساني والطبي وخدمة الحالات الحرجة، كل ذلك من دون مقابل مادي، وساهم بإنقاذ خالتي التي عانت بسبب شظايا قذيفة، والحالة كانت من أشد الحالات تعقيداً وصعوبة.

وفّر على الكثيرين الذهاب إلى "دمشق" في مجال تخصصه، هذا الكلام هو حديث أبناء المدينة وريفها القريب والبعيد، أمّا الفقير والقادم من محافظة إلى أخرى، فإن علاجه مجاني، بل يساهم في تأمين أمور أخرى كالتصوير، والدواء، وغيرهما».

الدكتورة "عبير مراد"، تقول: «فرض اسمه وإنسانيته في مدة زمنية وجيزة، على مدار الساعة يتنقل من نقطة طبية إلى أخرى بهدف تلبية النداءات الكثيرة التي تصله، بحكم الاختصاص الطبي الذي يتقنه، إضافة إلى ذلك للجانب الاجتماعي درجة عالية عنده، ويحرص كثيراً على بناء الروح الواحدة والتعاون خاصة في مجال العلم والطب».

يذكر أن الدكتور "محمد السالم" من مواليد مدينة "دير الزور"، عام 1966.