يكادُ يتدفقُ السحرُ من جنباتِ لوحاته، رغم أنّه يرسمُ الواقعَ، لكنّه الواقع الساحر الذي يأخذُك إلى أماكن تملؤُها الدهشةُ.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 3 أيلول 2019 التقت الفنانَ التشكيليَّ "عفيف صالح الساير" ليحدثنا عن فنّه وتجربته الفنية فقال: «انتمائي إلى بلدٍ تحدّهُ الصحراء من كلّ الجوانب ونهرٌ عظيمٌ يخترقه ناثراً الحياةَ على جوانبه، هذا التضادُ في الطبيعة وتصارعه انتقل إلى وجداني منذُ الطفولة وأنتجَ علاقةً يشوبُها الجدل والوله والعشق مع الرسم، فكانت الخربشات الأولى وتطوّرَ العشق وبات ملاذاً احتمي به من الواقع، كنت أرسم كلّ ما تقع عليه نواظري وكلّ ما داعب شغاف قلبي، بدايةً أعمالي تأثرت بالفنّ السريالي وبالفنّان "سلفادور دالي" ثمّ انتقلت إلى المدرسة الواقعية عندما رأيت أعمال الفنان "روفائيل"، كانت موهبتي الفنية تتناثر بين المدارس دون أن أعي ذلك فكان لا بدّ من صقل هذه الموهبة ودعمها، فاخترتُ معهدَ التربية الفنية في "حلب" مقصداً للدراسة وصقل الموهبة وتخرّجت من المعهد وعدت إلى تدريس الرسم في مدينتي وفي عام 1994 كانت هجرتي إلى "الخليج العربي" وفيه بقيت للعام 2004 خلالها بلغ نشاطي الفني أوجّه بعدما تعتّق الفنُّ في أوصالي وبات له مكان بارز في تلافيف عقلي، وبدأت معارضي تتوالى هناك فقد شاركت بمعارض في "الكويت" و"دبي" و"الشارقة" كانت مشاركات فردية وجماعية وعندما عدت إلى وطني قمت بمعارض فردية في المركز الثقافي الروسي والمركز الثقافي في "أبو رمانة"».

"سورية" بلد حضاري والحضارة والفن صنوان لا ينفصمان، وبالتالي لا خوف على مستقبل الفن في "سورية" وهذا من تجربتي في الغربة، فقد كنت أجد السوري مبدعاً أينما حلّ، ينثر الحضارة والرقي نثراً ويضفي لمسة من الجمال على كل ما تلمسه يداه ولن تكون الأزمة إلا عاملاً محفزاً للخلق والإبداع

ويضيف "الساير": «أغلب أعمالي تتناول الجانب التراثي من حياتنا اليومية وطابع العمارة والعادات والتقاليد الشعبية من تراثنا الذي رحل بلا عودة وبات لحظاتٍ سجينةً في متحف الزمن، كما أرسم الواقعية الجديدة وكما أسلفت لي تجارب بالمدرسة السريالية والتجريدية وأحاول دائماً الخروج من عباءة الكلاسيكية وأبحث عن حاجة المتلقي للجانب الفني والفكري، الأزمة في "سورية" كانت وبالاً عليّ بشكل شخصي فقد أتى الإرهاب على كل ما أقتني، وخسرت بيتي ومرسمي ولوحاتي ومكتبتي وتحول كلّ شيء إلى رماد، ولم يعد للفن عندي مأوى يلجأ إليه وما بقي لديّ هو نُتف لدى بعض الأصدقاء وقليل من الجديد الذي أرسمه كي أقنع نفسي أنّني حيّ».

بريشة الساير

أما عن مستقبل الفن فيقول "الساير": «"سورية" بلد حضاري والحضارة والفن صنوان لا ينفصمان، وبالتالي لا خوف على مستقبل الفن في "سورية" وهذا من تجربتي في الغربة، فقد كنت أجد السوري مبدعاً أينما حلّ، ينثر الحضارة والرقي نثراً ويضفي لمسة من الجمال على كل ما تلمسه يداه ولن تكون الأزمة إلا عاملاً محفزاً للخلق والإبداع».

يقول عنه "معاذ الرحبي" فنان من مدينة "الميادين" في "دير الزور": «"عفيف الساير" أشعة الشمس في صحراء مدينته جعلته يبصر مواقع في الظل والنور والتي انعكست في أعماله الفنية بحرفية عالية ما يعطي للمتلقي أعمالاً فنية واقعية باهرة، علماً أنّه رسم السريالي والتجريدي ولم تقل براعته فيها عن الواقعي، نقل تراث بلدته وأرخّها في أعمالها ولم يجعلها حبيسة الصدر والفكر، "عفيف" حمل لواء الفن على كاهله صليباً ولم ينزل الصليب إلى الآن وما زالت الميادين تنتظر فنّه وعطاءه».

من رسوماته

"عفيف الساير" من مواليد مدينة "الميادين" في محافظة "دير الزور" عام 1961 ويعيش حالياً في "دمشق".

من أعماله أيضاً