الحديثُ معهُ له متعة، يستفيضُ بكلامهِ الممتعِ الممزوجِ بنبرةِ الأسى والحزن، ما يزالُ يتذكرُ ذلك اليومَ الذي يعدّه مأساوياً في حياته وغير مجراها، عندما سقطت قذيفةٌ مصدرُها المجموعات الإرهابية على حي "القصور" وأفقدته يدَه، لكنه بعد أقل من شهرٍ نهضَ من جديد مفعماً بحيويةِ الشبابِ وبإرادةٍ قويةٍ فتابعَ عملَه في الخط العربي.

ولم يكتفِ بذلك بل تابع عملَه على آليته الثقيلة بحكم عملهِ في مديرية الخدماتِ الفنية، وكان هو السائقُ الوحيدُ الموجود في المديرية خلال الحصار.

"عدي" شاب عصامي مكافح يعطي دروساً في الإرادة القوية التي يتمتع بها، ويزيد على ذلك بأنّه شخص معروف بأخلاقه العالية وبمحبته للناس، ومن الخطاطين المبدعين في محافظة "دير الزور" ورغم إصابته كان مثالاً يحتذى به في مجال الإخلاص للعمل، و لم يثنه وضعه الصحي عن تأدية واجبه

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 4 أيلول 2019 التقت "عدي شلاح" وقال: «أصبت يوم الإثنين 28 تشرين الثاني من العام 2016 الساعة الثانية بعد الظهر أثناء الانصراف من عملي، سقطت قذيفة مصدرها المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء فترة الحصار بالقرب من منزلي أفقدتني يدي، هذا اليوم لا أنساه، حينها تمّ نقلي إلى مشفى الشهيد "أحمد طه هويدي" أي المشفى العسكري، ولكن حينها كانت يدي مبتورةً، وأصبحت بيدٍ واحدة.

عدي شلاح

بقيت في المنزل حوالي 25 يوماً، وبعدها تابعتُ عملي في مديرية الخدمات الفنية كسائق آلية ثقيلة من نوع "كريدر"، وتمكنت بفترة قصيرة من التغلب على الواقع الجديد لحياتي، إذ توجهت لمهنتي التي أعشقها وهي الخط العربي، إضافة لمتابعة عملي الوظيفي وتابعت قيادة الآلية وسط استغراب زملائي، وفي ذاك الوقت، ونتيجة الحصار المفروض على أحياء "دير الزور" من قبل الإرهابيين، لم يكن في المديرية سائقٌ غيري».

ويضيف "شلاح": «كانت المحافظة آنذاك بحاجة لعمل هذه الآلية في تنفيذ بعض الأعمال، وتغلبت على ظروفي وتمكنت من قيادة الآلية بيد واحدة، وشاركت بفتح الطرقات في الأحياء المحررة.

عدي الخطاط

لحظات لا يمكن أن أنساها، وستبقى حاضرة في حياتي حين كنت ضمن فريق العمل الذي قام بفتح الطريق، وتسويته لعبور القوات التي قامت بفتح الثغرة من الجهة الغربية لمدينة "دير الزور" من جهة اللواء 137، ومن خلالها فُكّ الحصار عن مدينة "دير الزور"، وعبر الآلية التي كنت أقودها ساعدت بفتح العديد من الطرق الرئيسة والفرعية ضمن الأحياء وإزالة الأنقاض منها، وترحيلها وتسوية الأرض المخصصة لهبوط المروحيات التي كانت تهبط في وقت الحصار».

ويتابع "عدي": «صحيح أنّني تأقلمت مع وضعي الجديد، لكنني تواصلت مع عدة جهات من أجل تركيب "طرف ذكية" لأعود لممارسة حياتي بشكل اعتيادي، ولكن حتى الآن لم يحصل هذا الأمر، وهناك وعود أتمنى أن تكون سريعة وأتقدم بالشكر لكلّ من حاول مساعدتي، وكل ما أتمناه أن يتحقق الوعد، رغم أنّني ما زالت على وضعي دون أي شيء جديد.

محمد كنعان

زملائي في مديرية الخدمات الفنية والمدير مشكورين قدموا لي مبلغاً من المال في وقت إصابتي».

ويتابع: «الإنسان يجب أن تكون لديه إرادةٌ قويةٌ، ولا يتوقف عند شيء معين، وعليه أن يتغلبَ على الصعوبات التي تواجهه، والآن أنا أقود الآلية الثقيلة وأتابع عملي في الخط العربي، ولم أدخر جهداً عندما ناداني الواجب الوظيفي لأكون في المقدمة -رغم وضعي- وأتمنى أن أكون قد قدمت شيئاً لهذه المحافظة، ولا أخفي أمراً إذ أقول إنّني المعيل الوحيد لعائلتي، وعملي هو من يساعدهم، لذلك تأثرت كثيراً بالإصابة».

عنه يقول الصحفي "محمد كنعان": «"عدي" شاب عصامي مكافح يعطي دروساً في الإرادة القوية التي يتمتع بها، ويزيد على ذلك بأنّه شخص معروف بأخلاقه العالية وبمحبته للناس، ومن الخطاطين المبدعين في محافظة "دير الزور" ورغم إصابته كان مثالاً يحتذى به في مجال الإخلاص للعمل، و لم يثنه وضعه الصحي عن تأدية واجبه».

يذكر أنّ "عدي عبد الكريم شلاح" من مواليد "دير الزور" عام 1982.