في موقع "الكروم"، ومشارف وادي "عين الجرفة"، شرقي قرية "البيرة" حالة من التوظيف اللا متناهي للطبيعة، أساسها إنشاء "السدّة المائية"، وعمادها إتمام العملية الزراعية وتنوّعها، ونتائجها إنشاء سياحة شعبية.

ضمن الحدود الإدارية لقرية "البيرة" المتربعة على الحدود المشتركة بين محافظتي "طرطوس" و"حماة"، أناس أحسنوا استثمار الطبيعة بعدما توفرت لهم المقومات الأساسية، وأبرزها إنشاء "سدة مائية" غربي القرية تقريباً، حيث ساهمت من وجهة نظر الصحفي "شادي ونوس" من أهالي القرية بتحسين الواقع العام بوجه لافت، كما أن انعكاساتها طالت الحالة الاقتصادية أيضاً، وأضاف لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 آب 2016: «بوجه عام تعاني المناطق الريفية البعيدة عن مراكز المدن شحّ المياه؛ وهو ما انعكس على جميع مفاصل الحياة سلباً، وهذا كان في الماضي بالنسبة لنا، لكن الواقع تغيّر مع إنشاء "السدة المائية" في موقع جغرافي يسمى شعبياً "الكروم"؛ أي إن المنطقة خصبة وجاهزة للزراعة وينقصها الماء، وقد راجت الكثير من الحالات الزراعية الإنتاجية المعتمدة على وفرة المياه في السابق، ولكن مع شحّها ضعفت كثيراً لدرجة الندرة، وحالياً بعد إنشاء "السدة" بتنا نزرع الكثير من المحاصيل الصيفية التي أمّنت قوت الأهالي بوجه دائم، فحصلنا على تنمية مستدامة بفضل نشوء زراعة مرويّة، كما أن بعضهم اختصوا بزراعات خاصة كالبقوليات، فأصبحوا منتجين جيدين يعيلون أسرهم منها، وحققوا دخلاً إضافياً يعتمدون عليه محلياً وتسويقياً».

المهمة الثانية لها ريّ المحاصيل الزراعية والمواشي، ويمكن استخدامها لتربية الأسماك مستقبلاً، ناهيك عن الوظيفة البيئية لها، وهي أنها بديل مناسب لاستثمار مياه الأمطار مع ضعف القدرات والإمكانيات، وبوجه عام الكمية التخزينية لها خمسة وثمانون ألف متر مكعب، وقد أضيف إليها جزء بارتفاع خمسة عشر سنتيمتراً، أدى إلى زيادة الكمية إلى 100 ألف متر مكعّب

أما الشاب "حمزة محمد"، فقال: «موقع "السدة" كان يزخر بالكثير من المياه الجارية والجوفية على حد سواء، وهو يسمى "وادي عين الجرفة" لشدة الانحدار الذي انعكس على المياه الجارية المتجمعة من المرتفعات الجبلية في موسم الأمطار الغزيرة غير المستثمرة، كما أنّ طبيعة المنطقة الجبلية نتيجة ذلك باتت جميلة جداً وجاذبة وتنتظر الاستثمار السياحي لها، وهذا التفكير وجد لنفسه حيّز التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع؛ فبعد إنشاء "السدة" بات الأهالي يقصدون الموقع للتنزه والتمتع بجمال الطبيعة الخضراء، فيحضرون معهم ما يلزمهم من طعام وشراب، ويقضون ساعات طويلة، كما أن بعضهم يبقون حتى ما بعد ساعات النهار، مستفيدين من المناخ المعتدل الخالي من الرطوبة، إضافة إلى أن نشوء الزراعات في الموقع زاد كثافة الحركة البشرية فيه؛ فالكثيرون من الأفراد ينتظرون مواعيد الريّ الخاصة بهم لإتمام عمليات العناية بالمزروعات، وهنا يمكن القول إن الواقع بوجه عام اتجه نحو الأفضل بعدما تمّ توظيف مقومات الطبيعة إيجاباً».

الصحفي شادي ونوس

أما "وائل ونوس" وهو موظف وربّ أسرة، فقال: «هذا الواقع ينطبق على الكثير من القرى المحيطة بـ"السدة"، فالكتلتان الجبليتان القريبتان إحداهما من الأخرى، تمّ توظيفهما لاحتضان المياه الجارية في مواسم الخير الماطرة، مرتفعتان بشكل جيد؛ وهو ما يعني أن الإطلالة على المكان بوجه عام أصبحت أكثر زهواً مما كانت عليه، وهذا جعل العديد من محبي الطبيعة من خارج القرية والقرى المحيطة كقرية "عين الدهب" و"المحيلبة" يقصدون الموقع للاصطياف؛ وهذا يعني أنّ ريعية اقتصادية في طور الدخول إلى الناتج الاقتصادي المحلي للقرية».

وبالعودة إلى حديث الصحفي "شادي ونوس"، قال عن سبب تسميتها: «حصلت على اسمها من القرية القريبة منها، وهي قرية "بيرة الجرد"، وهي تشبه إلى حد كبير السدود العادية الكبيرة، ولكنها تختلف عنها بالحجم وبعض التفاصيل الخاصة بمراقبة التسرب قبل حدوثه، كما أنها مبنية من مكونات الطبيعة كالتراب والصخور المتوافرة في المكان، ومهمتها حصر مياه الأمطار وتجميعها لموسم الصيف، ومن هنا تأتي فائدتها الأساسية في حماية المياه الجوفية وتغذية الينابيع ورفدها الدائم، ناهيك عن وظيفة الريّ الزراعي».

المهندس غانم غانم

وفي لقاء مع المهندس "غانم غانم" مدير "شركة البناء والتعمير" فرع "طرطوس" المكلفة بإنشائها، قال: «تعاقدنا مع مديرية "الموارد المائية" في "طرطوس" لإنشاء "سدة مائية" في موقع قرية "بيرة الجرد"، بقيمة مالية عقدية 106 مليون ليرة سورية، وقد تجاوزناها خلال عمليات الإنشاء؛ حيث إنّ أهم مهام ووظائف "السدة المائية" تغذية المياه الجوفية، وإنشاء حركة سياحية تتجلى في توفر مواقع تنزه واصطياف خلال مراحل العمل، وهذا لاحظناه حتى خلال عمليات الإنشاء، حيث وجدت تجمعات بشرية من شباب أو عائلات تقصد المواقع الطبيعية الجميلة بمشهدها العام، وكان هناك من يمارس السباحة أيضاً».

ويتابع: «المهمة الثانية لها ريّ المحاصيل الزراعية والمواشي، ويمكن استخدامها لتربية الأسماك مستقبلاً، ناهيك عن الوظيفة البيئية لها، وهي أنها بديل مناسب لاستثمار مياه الأمطار مع ضعف القدرات والإمكانيات، وبوجه عام الكمية التخزينية لها خمسة وثمانون ألف متر مكعب، وقد أضيف إليها جزء بارتفاع خمسة عشر سنتيمتراً، أدى إلى زيادة الكمية إلى 100 ألف متر مكعّب».

الزراعات في المنطقة