على الرغم من الإمكانيات البسيطة التي صوّرت بها الطالبة "هبة عيسى" فيلمها التلفزيوني الوثائقي "مملكة الأمل"؛ إلا أنها زرعت بذرة أمل إيجابية في نفس كل أم لديها طفل مصاب بالشلل الدماغي، واستحقت على فيلمها علامة مميزة.

الفيلم التلفزيوني الوثائقي حمل عنوان: "مملكة الأمل"، رغبة من "هبة" في أن يطرح مشروعها الإعلامي الأول - بعد دراسة أربع سنوات في كلية الإعلام - قضية إنسانية، وعن تفاصيل هذا العمل، تابعت "هبة" حديثها لمدونة وطن "eSyria" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ 20 تشرين الثاني 2016، قائلة: «لإيماني بأهمية دور الإعلام الإنساني والاجتماعي في معالجة القضايا الإنسانية؛ صورت فيلماً تلفزيونياً وثائقياً قصيراً، تدور أحداثه عن الأطفال الذين يعانون الشلل الدماغي، ولديهم القدرة على الاندماج بالمجتمع، خطرت بذهني الفكرة عندما كنت أتنزه أنا ووالدتي في مدينة "سلمية"، وقابلنا زميلتها بالعمل وكانت تقوم بدفع عربة بداخلها شاب بعمر 14 عاماً غير قادر على الحركة الطبيعية، وتبين أنه يعاني الشلل الدماغي، توجهت بالسؤال إلى والدته: هل يذهب إلى المدرسة؟ فأجابتني أن أسعد شيء حصل معنا قبوله بالمدرسة، صحيح أنه لم يدمج مع بقية الأطفال، وتم فتح صف خاص به مع خمسة أطفال آخرين من نفس حالته الصحية تقريباً، وبسبب رعاية الاختصاصيين بوحدة الرعاية للشلل الدماغي، ومتابعتي الدائمة لحالته لتطوير مهاراته الحسية والحركية، وافقت المدرسة على قبوله».

قابلت مديرة المركز، وتحدثت عن تاريخه وأهميته، وماذا يقدم للأطفال المصابين، كما شرحت أنواع الشلل ودرجاته، ثم صورت الأطفال كيف يتعلمون ويكتبون الحروف، وصورتهم وهم يلعبون، وشعرت بنظرات الفرح عند تعاملهم مع الألوان، لكن كان الحديث معهم صعباً للغاية؛ لأن أعمارهم صغيرة، ولم يستطيعوا النطق جيداً، فاكتفيت بتصويرهم على عفويتهم. كنت قابلت مصادفة أم أحد الأطفال المصابين بالشلل، فسألتها عن حالة طفلها، فأخبرتني وعيناها تلمعان فرحاً، أن ابنها يتحسن بسرعة وبصورة ملحوظة

تضيف: «حينئذٍ قررت إعداد فيلم تلفزيوني عن الأطفال الذين يفتقدون إلى مهارات محددة لكنهم يمتلكون مهارات أخرى تمكنهم من التأقلم مع حالتهم الصحية والاعتماد على أنفسهم. بدأت التردد إلى المركز أكثر من مرة وشاركت الأطفال بعض النشاطات التعليمية والترفيهية، وعشت معهم الفرح وحالات الحزن والإحباط؛ وهو ما سهل مهمة كتابة السيناريو الذي يتضمن ثلاثة أقسام: صوت، وصورة، وأماكن التصوير.

صورة حسن بطل الفيلم الإيجابي

وضعت في المقدمة صوراً لمواليد جدد، وتحدثت عن فرحة الوالدين بولادة طفلهم، ثم حزنهم وكآبتهم عندما يعلمون أنه يعاني نقصاً ما، بعدها انتقلت إلى التمسك بالأمل؛ بما أن الهدف هو دعمهم؛ لأنهم قادرون على التغلب على معاناتهم بطريقة ذكية تمكنهم من الوصول إلى هدفهم، فانطلقت من حالة إيجابية لتشجيع بقية الأمهات للاهتمام بأولادهم، فصورت في بيت والدة "حسن" زميلة أمي بالعمل، فأخبرتنا أن "حسن" ولد ولم يكن يعاني أي مشكلة، لكن نتيجة خطأ طبي أصيب بالشلل الدماغي، فتحدثت عن كيفية اهتمامها به وتطبيقها للتعليمات بحذافيرها من قبل الكارد الطبي بوحدة الرعاية؛ وهو ما ساعد على تحسنه صحياً ونفسياً، وأملها كبير أن يتحسن أكثر ويصبح قادراً على الحركة البسيطة حتى لا يشعر بالنقص عن أقرانه ويعتمد على نفسه، وراضية عن النتيجة التي وصل إليها؛ فهو قادر حالياً على الاستيعاب والفهم، وتمكن من الالتحاق بالمدرسة.

ثم وجهت أسئلتي إلى "حسن" الذي كان خجولاً في البداية، لكن بعد مدة قصيرة بدأ يحدثني ويجيب عن أسئلتي، وقال إنه جيد باللغة الإنكليزية والمعلمة تثني عليه دائماً، وقد شارك في معارض الرسم والزخرفة، ويأمل أن يصبح طبيباً؛ فهو يحب الأطباء المشرفين عليه في وحدة الرعاية».

بروشور فيلم مملكة الأمل

ثم انتقلت بكاميرتها لعرض أقسام المركز، واستكملت حديثها قائلة: «قابلت مديرة المركز، وتحدثت عن تاريخه وأهميته، وماذا يقدم للأطفال المصابين، كما شرحت أنواع الشلل ودرجاته، ثم صورت الأطفال كيف يتعلمون ويكتبون الحروف، وصورتهم وهم يلعبون، وشعرت بنظرات الفرح عند تعاملهم مع الألوان، لكن كان الحديث معهم صعباً للغاية؛ لأن أعمارهم صغيرة، ولم يستطيعوا النطق جيداً، فاكتفيت بتصويرهم على عفويتهم. كنت قابلت مصادفة أم أحد الأطفال المصابين بالشلل، فسألتها عن حالة طفلها، فأخبرتني وعيناها تلمعان فرحاً، أن ابنها يتحسن بسرعة وبصورة ملحوظة».

وعن الصعوبات، قالت: «واجهتني صعوبات عدة لعدم امتلاكي كاميرا احترافية، فصورت بكاميرا الهاتف النقال التي تفتقر إلى الدقة، ثم اتجهت إلى عملية المونتاج، وبخبرتي البسيطة التي كونتها أثناء دراستي أخرجت فيلم "مملكة الأمل"، وأردت إيصال رسالة في نهايته؛ عندما قمت بعرض الأطفال وهم يلونون ويرسمون، من خلال تعليق يقول: "هؤلاء الأطفال لهم إبداعاتهم وطموحاتهم التي ترافقهم دوماً، وهم فقط بحاجة إلى الدعم والمساندة بعيداً عن نظرة الشفقة؛ لتدوم ابتسامتهم النقية، ولابد للضوء أن يشرق في آخر النفق، ولنكن نحن من يرسم ابتسامة ويمسح دمعة ويخفف الألم؛ لأن الغد ينتظرنا"».

الأستاذة الجامعية "نهلة عيسى"

المشرفة على المشروع الأستاذة الجامعية في كلية الإعلام "نهلة عيسى"، قالت: «الفيلم يدور حول الأطفال المصابين بالشلل الدماغي وأهمية دمجهم بالمجتمع، بعد أن يتم تأهيلهم ضمن مراكز متخصصة كالمركز الذي تم التصوير فيه، حيث كانت النتائج تستحق المتابعة؛ وهذا ما استوقف "هبة"، وعندما عرضت علينا الفكرة كمشرفين تمت الموافقة، فنحن نشجع الطلاب على ملاحقة القضايا الإنسانية والاجتماعية، وسهلنا الأمور المادية للطالبة قدر الإمكان، فليس الغرض هو أن يكلف المشروع مبلغاً كبيراً، إنما الهدف هو بلورة الفكرة، وتحويل ما هو مجرد إلى صورة تستطيع أن تصل إلى الضمائر الحية، وصورت الطالبة بكاميرا هاتف نقال وكاميرا منزلية، إضافة إلى أنها أجرت الحوارات، منطلقة من قصة لإحدى معارف العائلة لديها طفل يعاني شللاً دماغياً، ونجد أن الأم تفانت حتى تمكن طفلها من الدخول إلى المدرسة، فانطلقت من حالة شديدة الإيجابية؛ واعتنت والتزمت بالتعليمات حتى نجحت بدخول ابنها إلى المدرسة ورفضت عزله.

وعلى المستوى المضمون كان الفيلم متماسكاً فيه حكاية لها بداية وذروة ونهاية، وأجادت الطالبة معالجة القصة على المستوى النصي إلى حد كبير، وحتى على التسلسل البصري، وهذه ليست أول مرة نتناول في كليتنا الحالات الإنسانية، باعتبار هذه المشاريع نوعاً من الارتقاء بالحس الإنساني لدى طلابنا، والمشروع أنجز بالحدود المتاحة، وتم منحه من قبل اللجنة علامة مميزة».

يذكر أن "هبة عيسى" من مواليد "سلمية"، عام 1994، وحصلت على علامة 90 درجة عن مشروع تخرجها "مملكة الأمل".