لازم الهوس بالعمل اليدوي فكر "هبة سليمان" على الرغم من عملها في التدريس، وعندما أصبحت الرغبة ملحة وقوية قررت أن عليها إيجاد حيّز لتحقيق حلمها بعيداً عن الظروف المحيطة، فابتكرت العديد من الأشكال والألوان التي تناسب الأنثى الباحثة عن التفرد.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 17 تموز 2017، مع المدرّسة "هبة سليمان" لتخبرنا عن مشروعها، فقالت: «لفتت نظري الأعمال المصنوعة يدوياً منذ مدة طويلة تعود إلى عام 2004، وكانت طرائق التصنيع والعمل توحي إليّ بجوّ من الفضول والرغبة بإنجاز أشياء مماثلة، فبدأت صنع بعض "الشمعدانات" من مواد بسيطة وطبيعية، كقشر الصنوبر وأوراق الورد المجففة وقشر الجوز والقمح، واستعنت ببعض الأحجار المميزة واللؤلؤ، وقد اعتمدت الألوان الطبيعية وصبغتها باللكر ليحافظ على اللون والمادة، ثم قررت أن أصنع شجرة كرز رأيتها في السوق، وبعدها صنعت نماذج مختلفة من أعمال السيراميك الصغيرة والخشب. وكنوع من المكافأة على عملي حصلت على منشار كهدية لأقطع بعض الخشب عندما كنت أصنع نموذجاً لبيت صغير، ثم رحت أراقب الأعمال المصنوعة من الخرز، وصنعت شجرة خريف صغيرة كانت بداية توجهي للعمل بالأحجار بالكامل».

يتميز عملها بالجودة والإتقان، كما أن منتجاتها شبابية وتناسب الموضة، ومريحة وعملية وراقية، وكل القطع توحي بدقة الصنع وحرفته وحجم الجهد المبذول، وقد لفت نظري عند ارتدائي لأي قطعة من منتوجاتها أنها لا تحتاج إلى التسويق؛ فهي تسوق لنفسها

أما عن مشروعها في صناعة الإكسسوار، فأضافت: «أعجبني العمل اليدوي كثيراً، لكن لفت نظري قدرتي على صناعة الإكسسوار بطرائق متنوعة ومختلفة وأشكال مميزة، ورحت أراقب المتوفر في الأسواق، وأسال عن المواد المستخدمة، ونظراً إلى رغبتي بالتعمق في المجال فقد باتت الأفكار تتوالد وتتطور، وكان علي معرفة أماكن شراء الخامات بأسعار رخيصة، حتى لا تؤثر في مجمل تكلفة قطعة الحلي، وبدأت أواكب خطوط الموضة في صنع الأساور والخواتم والعقود، ولم يكن يكفي أن أكون صاحبة نظرة إبداعية لأتبع التصاميم المواكبة للموضة، فاستعنت بشبكة الإنترنت من أجل تصميمات جديدة ومختلفة، فالتميز شيء مهم في هذا المجال، وبدأت أصنع السلاسل وأطواق اللؤلؤ والخرز والأحجار الكريمة، وبعض مواد الزينة البسيطة كالألماس الصناعي و(البريّق)، وكان علي منذ البداية أن أكون مُدركة لعملية تناسق الألوان، أو بمعنى آخر أن أعي جيداً كيفية صنع أشياء جميلة عن طريق تناسق حجم الأحجار وألوانها بعضها مع بعض».

نموذج لإسوارة

وتابعت بالقول: «يعدّ الإكسسوار مرآة لذوق الأنثى وأناقتها ومظهرها، وعلى الرغم من صعوبة التسويق في البداية، إلا أنني رحت أقضي معظم أوقات فراغي في عملي لزيادة دخلي، وبعدها استخدمت "الطلي"؛ وهو ماء لحام أو يمكن القول إنه مادة لتغيير لون المادة الخام لدرجة مختلفة؛ أي طليها بمادة تظهر اللون أجمل ويناسب الإكسسوار، ويمكن الطلي باللون الذهبي أو الفضي أو البرونزي».

أما عن المواد المستخدمة، فقالت: «أعمل بكثرة باللؤلؤ والسلاسل، ومنها الرفيعة والعريضة وبالأشكال المختلفة، والصدف وأحجار الفيروز والخرز العادي بأحجامه المتنوعة، ولا أعتمد بكثرة الأحجار الكريمة، كالعقيق والجاد وغيرهما إلا حين الطلب وبناء على رغبة الزبونة والاتفاق المسبق، وذلك لأنني أعتمد مبدأ (أعمل لأبيع)، وقد صنعت بعض الإكسسوار ودبابيس الشعر من الصوف، فالبيع يعتمد كلياً على ذوق الصانع ومقدار تميزه وإبداعه في تصاميمه».

لمى محمد

أما عن صناعة الخواتم، فقالت: «يمتاز الخاتم بأن صناعته أسهل وأيسر؛ لأن القالب جاهز، ويبقى أن يتم تركيب الحجر أو "الموديل"، أما الإكسسوار أو السلسال أو الأساور، فيجب أن يتم تأليف "الموديل" بالكامل، وفي إحدى المرات قمت بالاستعانة بزر مميز لصناعة خاتم، حيث قمت بكسره في موضع الخياطة، وتركيبه على الخاتم، وأرى أن جمالية عملي بأنه يواكب الموضة ومصنوع بمواد بسيطة وغير مكلفة، وقد شاركت في أول معرض لي ضمن بازار "الشعلان" بالتعاون مع إحدى صديقاتي، ووجدت نفسي أشارك في عدة معارض، ومنها بازار "الجلاء"، وكنت دائماً صاحبة طاولة مميزة من حيث العمل والترتيب. أفضّل العمل على الأشياء الناعمة والقطع الراقية، فليس من الضروري أن تكون القطعة كثيرة البهرجة أو الزينة، وإنما عليها أن تبرز جمال الأنثى ورقتها».

"لمى محمد" إحدى الزبونات، تحدثت عن عمل "هبة" بالقول: «يتميز عملها بالجودة والإتقان، كما أن منتجاتها شبابية وتناسب الموضة، ومريحة وعملية وراقية، وكل القطع توحي بدقة الصنع وحرفته وحجم الجهد المبذول، وقد لفت نظري عند ارتدائي لأي قطعة من منتوجاتها أنها لا تحتاج إلى التسويق؛ فهي تسوق لنفسها».

إكسسوار بأحجار الألماس

وتابعت: «لقد أثبتت جدارتها وقدرتها على صناعة أشياء مميزة ومختلفة بطريقة حديثة، وتكلفتها بسيطة تجاه المتوفر في السوق، كما أنها تراعي طلب الزبونة ورغبتها من دون أن تسمح لها بتبخيس قدر القطعة، أو تسمح لنفسها بفرض رأيها أو نظرتها بطريقة لا تناسب الذوق المشترك».

بقي أن نذكر، أن "هبة سليمان" من مواليد عام 1983 في قرية "محردة" التابعة لمحافظة "حماة"، وهي خريجة جامعة دمشق، قسم الأدب العربي، وتعمل مدرّسة في ثانوية "عادلة بيهم الجزائري"، ومدرّبة لدمج التكنولوجيا بالتعليم، وتجيد التطريز والخياطة وصنع "الكروشيه".