أفرغ وجعه الداخلي عبر قلمه والورقة حيث هما صديقان لا ينفصلان، لبيئته من طبيعة وأسرة دور أساسي في تشجيع موهبته الأدبية، كان صوت حال مجتمعه من خلال التقاطه صوراً وظف خياله للتعبير عنها، كتب الخاطرة والقصة القصيرة، وتوج نتاجه الأدبي بروايته "ضفاف الخطيئة".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 12 آب 2017، مع الأديب "رشيق سليمان"، وقال: «على سفح جبل شامخ في منطقة الغاب تقع "شطحة" بلدتي التي أهدتني في طفولتي أسرة معطاءة بكل المقاييس؛ أم عصامية علمتني أن الصبر مفتاح كل شيء، وأب شاعر حمل حنان الكون كله، وأمسك بيدي في كل خطوة خطوتها بطريق الكتابة، وإخوة كانوا سنداً لي في كل مراحل حياتي، وأصدقائي هم صندوقي الخشبي الذي أعود إليه كلما ضاقت بي الحياة».

على الإنسان ألا يستسلم مهما واجهته صعوبات في الحياة

ويتابع عن بداياته الأدبية: «أسال نفسي هذا السؤال دائماً، وأحاول جاهداً تذكر كيف كانت بداية علاقتي بالقلم، حقيقةً لم أستطع التذكر يوماً، كل ما أذكره أنه منذ طفولتي كان في داخلي رغبة في أن أعبّر بطريقة أو بأخرى، بالكتابة، أو الغناء، وحتى بالرقص، إلى أن اكتشفت أن طريقتي الأفضل في التعبير كانت عبر القلم والورقة، هذا القلم الذي أتاح لي إفراغ الوجع داخلي على ضفاف الورق، وما تحمله ذاكرتي أنني كنت طالباً في الصف الحادي عشر، عندما تجرأت على الإمساك بالقلم وبدأت الكتابة، أذكر جيداً كيف مزّقت الورقة ورميت بالقلم بعيداً، كنت خائفاً من هذه التجربة؛ فالكتابة فعل شاق، يضعك في مواجهة مع روحك التائهة، لكنني لم أتأخر كثيراً حتى أمسكت بالقلم، وبدأت وكأنني أعتذر منه، وهكذا أصبحنا صديقين».

صورة غلاف روايته

وعن بداياته مع الأجناس الأدبية، يضيف: «حتى اليوم أعطي النص حرية اختيار شكله وحجمه، ولا أتدخل في تأطيره، قد أبدأ بخاطرة وأنتهي بقصة قصيرة، حتى روايتي الأولى لم أكن أعلم أنها ستولد كرواية، لكن في بداياتي كنت أكتب النص المفتوح، ويمكن تسميته خاطرة أو نثراً، كما كانت لي تجربة في كتابة القصة القصيرة التي تعنى بالقضايا المجتمعية من فقر وغيره.

بدأت نشر قصصي القصيرة في صحيفة "الفداء" في مدينتي "حماة"، ثم نشرت في صحيفتي "الأسبوع، والموقف الأدبي". بالتأكيد لا بد من خصائص يجب أن تكون موجودة بالقاص ليستطيع أن يكون صاحب تأثير من خلال ما يكتب، عليه أن يكون صاحب نظرة، وأن يلتقط الصور من مجتمعه، كما يحتاج إلى توظيف خياله، هذا إضافة إلى ملكة الكتابة التي أعدّها ضرورة حتمية للعمل الأدبي. أما بالنسبة للعوامل والظروف الموضوعية، فأظنّ أن لكل كاتب حاجته إلى الكتابة، وتختلف هذه الحاجات من كاتب إلى آخر، وعلى الكاتب أن يكون صوت حال مجتمعه، وإن لم يكن كذلك، لن يكون كاتباً، ومن خلال تجربتي الأدبية، حاولت جاهداً أن أتكلم بلسان وجع المواطن، وهذا قد يلاحظه القارئ، أنا كغيري من المهتمين بالأدب قرأت في بداياتي لـ"إحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، وأحلام مستغانمي، وحنا مينا، وغابرييل ماركيز"، وغيرهم، وتأثرت بتجاربهم جميعاً».

رشيق سليمان يشارك في دورة إعلام تدريبية

وعن تجربته مع الرواية، يقول: «صدرت لي حديثاً رواية بعنوان: "ضفاف الخطيئة"، العمل الروائي عمل متعب بقدر ما هو عظيم، في الرواية ثمة مساحة لعرض أكثر من قضية، وهنا تكمن أهمية الرواية، تطرقت في روايتي إلى العديد من القضايا الاجتماعية: (التعصب، التحرش بالأطفال، اللقطاء، الخطيئة)، بطلة الرواية هي خطيئة ناتجة عن زواج امرأة هاربة من التعصب، ورجل هارب من نبذ المجتمع له لأنه لقيط، فولدت "ضفاف" مشوهة ودميمة».

ويتابع عن مشاركاته ونشاطاته الأدبية: «شاركت في بعض الأمسيات القصصية في المراكز الثقافية بـ"دمشق"، لكنني أرى أن المنابر خُلقَت للشعر، أما القصة، فلها أجواء أخرى كقراءتها في صحيفة، أو كتاب مطبوع. وبالنسبة للمشاريع المستقبلية لا شيء واضح حتى اللحظة؛ لأنني أظن أن المشروع يبقى مشروعاً حتى يُنفذ. تم تكريمي عام 2009 لحصولي على المرتبة الأولى في مسابقة القصة القصيرة في محافظة "حماة" عن قصة بعنوان: "قصة حذاء"، وكان للتكريم أثر كبير».

الكاتب والناقد أحمد هلال

وعن دور وأهمية وسائل التواصل بنشر المواهب الأدبية الشابة، يقول: «لا شيء أهم من المؤلف المطبوع، لكن لا يمكن أن ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للشباب فرصة نشر نتاجهم الأدبي، وأنا واحد منهم، مع الإشارة إلى أن لهذه الوسائل سلبيات عدة يجب تلافيها».

أما عن تجربته بمجال إعداد البرامج التلفزيونية، فقال: «العمل الإعلامي يحمل رسالة مهمة جداً، وقد سعيت من خلال تجربتي بمجال الإعداد إلى إيصالها من خلال البرامج التي قمت بإعدادها، ومنها "دعوة للقراءة"، إلى جانب ندوات تناولت مواضيع ثقافية عديدة، وأفلام وثائقية بعنوان: "عظماء عبر التاريخ"، ولا بد أن أشير إلى دور الموهبة الأدبية في حياة الإنسان، ومن خلال تجربتي سعيت جاهداً إلى تنمية وتشجيع موهبتي الأدبية بعملي من خلال سعيي المستمر لصقلها عبر المطالعة الدائمة بما ينعكس إيجاباً على عملي».

ويختتم حديثه بحكمته: «على الإنسان ألا يستسلم مهما واجهته صعوبات في الحياة».

عنه قال الكاتب والناقد "أحمد هلال": «لتجربته الأدبية حساسية مختلفة على مستوى التناول وإثارة الأسئلة، تلك المشبعة بالتأملات الروحية والفلسفية، وكأنه يذهب إلى شرط فلسفي ليختبر تجربة مختلفة يعيشها الكائن الإنسان، وأظن أن ذلك بسبب قدرته على أفعال المغامرة الإبداعية، ومغامرته تتحقق بشرطها الرؤيوي الفادح في تعليله الوجود هوية، فهو لا يطمئن للسائد والمنجز، بل يقاربه بأسئلة وجودية الطابع، كل ذلك ليعود مجدداً إلى الشرط الإنساني في دراما الوجود الإنساني وعلاقاته الملتبسة، وهو العارف بماهيات الكتابة وكيف تنجز وعيها الخاص الذي نجد أكثر اختبار له في روايته "ضفاف الخطيئة" على سبيل المثال، أو في قصصه التي سبق أن قرأتها بانتباه شديد، أو لعلي قرأت ما تيسر منها في لقاءات سريعة، لأقول إنها تجربة مثقف يمضي إلى المعرفة فاحصاً أنساقها وسياقاتها، ليقترح على قارئه كيفيات مبدعة في التأمل والتفكير، أكثر منه إيجاد أجوبة مثالية، ولا تحكم تلك التجربة نزعة متشائمة بقدر ما تتحرى منظومات التفكير المجتمعي والإنساني بمستوييه الفردي والجمعي، هو إذاً يبحث على طريقته في تأويل ما لا يألفه الواقع ليعود منه بغير أثر إبداعي يثري في خطابه وطريقته قارئاً عاماً أو مثالياً».

وأضافت الإعلامية "رنا حيدر": «"رشيق" شخص مجتهد، دؤوب، صريح وصادق في عمله الذي يعشقه، ودائماً يسعى في عمله الإعلامي في إعداد البرامج إلى تسليط الضوء على الأشخاص البسطاء وما يعانونه، إلى جانب إمكانية إيجاد سبل ناجعة لتخفيف معاناتهم، شخص حساس، يحب العمل الجماعي، ويسعى للمساعدة في مجالات "المونتاج، الاستطلاع، الإخراج"، حتى يشعر بأن الرسالة وصلت إلى المتلقي كما تمناها بالضبط».

يذكر أن الأديب "رشيق سليمان" من مواليد "شطحة" في محافظة "حماة"، عام 1987، يحمل إجازة بالآداب، قسم الترجمة الإنكليزية، إلى جانب حصوله على شهادة دبلوم تأهيل تربوي.