استطاع أن يجسّد الحروف والمعاني بدقة عالية وشفافية ومهارة حتى صار المقروء والمنحوت عملاً واحداً يمكن أن تكتشفه بتفاصيل النحت الرخامي، وقدم النحّات "علي فخور" نحو أربعين منحوتة تحمل روح الأسطورة والفلسفة العميقة، وقُبل ترشيحه لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 9 كانون الأول 2017، النحّات "علي فخور" ليتحدث عن عشقه للحجر، وبداية تكوين العلاقة معه بالقول: «هذه الهواية لازمتني منذ الطفولة، ولم تهدأ روحي المفعمة بالفن حتى كانت أول منحوتة لي في العاشرة من عمري، حيث شاركت في معرض مدرسي بعمل من الجبصين، ونال الكثير من الإعجاب.

اخترت الرخام لأنه المادة الخالدة التي لا تفنى أبدأ، ومن خلالها عرفنا كل الحضارات، وكشفت تاريخ أجدادنا ومن رحلوا. أنا من عشاق الأساطير؛ لذا استغليت ثقافتي في هذا الموضوع لتجسيدها في لوحات ومجسمات أتفرد بها من خلال تقديم قصص فلسفية أسطورية تلفت الانتباه، وتسلط الضوء على فلسفة قلّ متابعوها في الوقت الحالي

وقد ارتبطت أعمالي ارتباطاً مطلقاً بالبيئة، ولأنني ابن أسرة فقيرة تعمل بالزراعة؛ فقد لعبت الأرض الدور الأكبر في صقل موهبتي، واهتمامي بالتاريخ والأسطورة منحني منهجاً خاصاً في النحت، فوحدها أرض "سورية" التي أحببتها لها أثر كبير في إلهامي، وهذا ما تشهده معظم أعمالي».

الشاعرة الأسطورية أنخيدوانا

وعن سرّ اختياره للرخام كمادة أولية، ودمجها مع الأسطورة من خلال قراءاته للتاريخ، يقول: «اخترت الرخام لأنه المادة الخالدة التي لا تفنى أبدأ، ومن خلالها عرفنا كل الحضارات، وكشفت تاريخ أجدادنا ومن رحلوا.

أنا من عشاق الأساطير؛ لذا استغليت ثقافتي في هذا الموضوع لتجسيدها في لوحات ومجسمات أتفرد بها من خلال تقديم قصص فلسفية أسطورية تلفت الانتباه، وتسلط الضوء على فلسفة قلّ متابعوها في الوقت الحالي».

العاصفة

الفنان لا ينفصل عن الواقع أبداً، إنها الرسالة التي تتطلب من كل فنان سوري أن يعكس بأعماله ما تعانيه هذه البلاد، وهو ما أتقن عمله مع الرخام القاسي الذي حوّله إلى تحف خالدة، ويضيف: «أقمت العديد من المعارض الجماعية، ومعارض فردية، كان أهمها معرض بعنوان: "تمسّك بسورية". أما عن أعمالي العالمية، فهي: "العاصفة"، و"سيبيل"، و"كارمينا"، و"الوداع الأخير"، وغيرها من الأعمال المهمة جداً، التي وصفت من قبل النقاد والمهتمين بأنها ثروة وطنية.

لقد كانت تقنية النحت في "العاصفة" تحديداً السبب في وصف منحوتاتي بأنها توازي المنحوتات الإيطالية، وهي من أشهر أعمالي على الإطلاق، وتمثل امرأة تتعرض لرياح شديدة جداً مزّقت ثيابها، لكنها لم تستطع إسقاطها أو إسقاط طفلها من يدها؛ إنها تجسّد "سورية" التي قاومت هذا الإعصار الرهيب ولم تسقط».

بقايا وطن

ويتابع عن أهم أعماله، وقصته مع الموسوعة العالمية "غينيس" بالقول: «أنا أول من تخيّل شكل "أنخيدوانا" أقدم شاعرة وكاتبة في التاريخ من خلال مقاربتها بعدة معطيات فنية وتاريخية، وتخيلت أوصافها.

بالنسبة لـ"غينيس"، فقد تقدمت بطلب بتاريخ للمشاركة بالموسوعة عن طريق المراسلة للمشاركة بمسابقة أضخم معرض نحت فردي في العالم بترشيح من قبل شعبة منظمة "الهلال الأحمر" في "سلمية" بتاريخ 8 آب 2017، وبعد ثلاثة أشهر تم قبول طلبي».

"عبد العزيز مقداد" رئيس الهيئة الثقافية في شعبة منظمة "الهلال الأحمر"، التي دعمت ترشيح "فخور"، وأقامت بالتعاون معه معرضاً ضخماً لجميع أعماله النحتية، يقول: «هذا الفنان أقرب إلى النموذج العاطفي، يملك هدوء البحر، ورقة النسيم، يخفي في أعماقه معاناة وقسوة نشأته المملوءة بالتعب والصعاب، وترتسم بعض ملامحها على وجهه. وهو عظيم الوفاء والإخلاص لكل من عرفه، فهو منفتح على الناس، وخاصة المجتمع الثقافي، والجمعيات الأهلية، ويشاركهم بالمحاضرات والندوات والأمسيات والمعارض؛ وهو ما رسخ في روحه الالتزام الجدي في حياته، والطموح إلى بلوغ الهدف.

متعدد المواهب والإبداعات، وواسع الاهتمامات، برز في بواكير موهبته كرسام، ثم اكتشف أن لديه الموهبة والقدرة على النحت، فأثبت جدارته، وجسّد التاريخ والحاضر والمستقبل من خلال مجسّمات رخامية برعت في استحضارها أنامله الذهبية، وبرز كصاحب أسلوب فني متميز.

قدم في معرضه السنوي الأخير في "سلمية" 40 عملاً رخامياً جسّد فيها التاريخ والثقافة الإنسانية والروح الوطنية العالية. وله عمل لأول شاعرة وأديبة في التاريخ الأميرة "أنخيدوانا" ابنة الملك "سرجون" الأكادي، حيث استطاع أن يجسّدها ببراعة بعد أن تخيّلها، فكادت أن تنطق.

إنه إبداع يفوق الوصف، وإمكانياته الفنية وإبداعاته العبقرية أوصلته إلى العالمية، وما ترشحه لدخول موسوعة "غينيس" إلا دليل على موهبته الفنية».

يذكر أن النحات "علي فخور" من مواليد مدينة "سلمية"، عام 1972.