الاجتهاد والإرادة لتحقيق الهدف، والرغبة في التطور والبحث الدائم تفاصيل صنعت النجاح بخطوات حياة المعلم والمدرس "أحمد قهوجي" العلمية والعملية.

مدونة وطن "eSyria" التقت المدرس "أحمد قهوجهي" في "مصياف" بتاريخ 1 أيلول 2018، وحدثنا عن نشأته ومسيرة عمله قائلاً: «ولدت في سنة 1964 من أم كردية أميّة وأب عربي سوري من المحاربين القدامى، ولي ستة إخوة ذكور وأربع أخوات إناث، وكنت الابن المدلل للجميع، وكان النصيب الأكبر لي في التعلم والتمكن من الوصول والحصول على الشهادة الجامعية في الرياضيات شعبة المعلوماتية من كلية العلوم في جامعة "حلب" سنة 1989.

من خلال احتكاكي بالمدرس "أحمد قهوجي" في المجمع التربوي وجدته شخصاً نزيهاً جداً وراقياً ومبدعاً في اختصاصه ودائم التطوير، وخصوصاً على صعيد العمل الامتحاني؛ وهذا ما يجعل نتاجه مرتباً ومنظماً. إنه يعمل من دون ملل أو كلل، وهو إنسان علمي يحاول قدر المستطاع أن يدرج كل شيء مكتوب على الورق في الحاسوب؛ وهذه ميزته؛ ففي بلادنا يوجد الحاسوب على كل مكاتب دوائرنا، لكن قلائل من يستثمرون هذه التقنية في عملية الإدارة. كان يشرف على دورات كثيرة على صعيد دمج التقانة بالتعليم على مستوى المجمع الإداري بأسلوب جميل جداً، هو شخص لطيف ومتعاون مع الأساتذة والإداريين والموجهين وقدوة يحتذى بها

بدأت حياتي العملية عام 1995 بعدما نجحت في امتحانات القبول كمدرّس في وزارة التربية، حيث حصدت المرتبة السادسة على القطر العربي السوري وعينت مدرساً في مدارس محافظة "السويداء" وتحديداً في بلدة "صلخد" التي كان لها أثر طيب في حياتي العملية المهنية والاجتماعية، وكانت أولى بدايات أعمالي في إطلاق مشروع تدريس المعلوماتية، وكانت أولى دورات الحاسوب في معهد الثقافة الشعبية في وزارة الثقافة، وقد كان سندي ومساعدي الأكبر في تحقيق هذا الإنجاز الأستاذ "حسين أبو ترابة" مدير المركز الثقافي في "صلخد" حينئذ، واستمريت بهذا المشروع المتألق علمياً وتقنياً واجتماعياً لمدة ثلاث سنوات في خطوة تعد الأولى من نوعها على مستوى "سورية"، إضافة إلى وضع المنهاج التعليمي الخاص بدورات المعلوماتية في وزارة الثقافة.

المعلم "قهوجي" مع طلابه

كنت في تلك المدة أمتلك أول جهاز حاسوب في "سورية" وذاكرته لا تتعدى ( 1ميغا)، وحجم التخزين فيه لا يتجاوز (10 ميغا)، ومازلت محتفظاً به حتى الآن، وقد قمت بنقله إلى "صلخد" لإتمام دورات المعلوماتية، وقد ساعدني للحصول على هذا الجهاز أحد أصدقائي، حيث كنت عاجزاً عن شرائه؛ إذ كان سعره 25 ألف ليرة سورية.

وفي عام 1998 انتقلت إلى محافظة "حماة" متابعاً مسيرتي المعلوماتية، وأقمت في المركز الثقافي لمدينة "مصياف" أول منصة إلكترونية خاصة بالمركز الثقافي والنشاطات التي يقيمها، إضافة إلى وضع برامج حاسوبية في خدمة العمل الثقافي، وخاصة بإنجاز تطبيق إلكتروني يتعلق بتنظيم عمل المكتبة والاستعارة من المكتبة إلكترونياً».

تكريم "أحمد قهوجي"

وتابع: «كل المراحل التي مرت في حياتي كان لها أثر جميل في قلبي، إلا أن المرحلة التي كنت فيها مدرباً في مشروع دمج التقانة في التعليم وعملت فيها موجهاً اختصاصياً لمادة الرياضيات والمعلوماتية في "مصياف" هي من المراحل التي تكونت فيها شخصيتي التربوية التعليمية والمهنية، وهكذا إلى أن انتهت هذه المرحلة ومعها مهمتي التربوية وظيفياً إثر عمل جراحي في القلب؛ الحدث الذي أبعدني عن متابعة عملي الوظيفي، لتبدأ مرحلة مهمة في حياتي وظفت خلالها كل الخبرات لخدمة المجتمع، والذي دفعني بهذا الجانب حدث لم أكن أتوقعه مطلقاً، وهو تكريم المجتمع الأهلي في "مصياف" وتقديم شهادة تقدير لي بعد العمل الجراحي، وما بعد التقاعد أو التسريح الصحي. اكتشفت حينئذٍ أهميتي لدى أبناء بلدي الذين قدّروني خير تقدير، ومنذ تلك اللحظة وأنا أعدّ نفسي ممثلاً للمجتمع الأهلي في "مصياف"، ولو أنها كلمة كبيرة جداً، لكن هذا ما تركه الحدث في نفسي، وكانت ولادة الصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي: "المجتمع الأهلي في مصياف" التي تعنى بشؤون المجتمع واحتياجاته الخدمية والإنسانية؛ وذلك بتسليط الضوء على المبادرات المجتمعية وتقديم المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، ويساعدنا في هذا الشأن مجموعة من الشباب في بلاد الاغتراب من المجتمع الأهلي في "مصياف".

لم أكن سوى مدرّساً عادياً عندما التحقت بما كان يدعى دمج التكنولوجيا في التعليم عام 2000، وكان لا بد من الوقوف على هذا العنوان العريض، حيث تبين لي أن الفكرة تدعو إلى توظيف التقنية واعتبارها قيمة مضافة لترفع من مستوى التعليم في مدارسنا.

المدرس "جابر بلال"

اتبعت حينئذٍ الدورة التي استمرت مدة 30 يوماً في مدينة "حماة"، ونجحت في امتحانها وحصدت إحدى المراتب الأولى، وعينت مدرّباً رسمياً لدمج التقانة في التعليم في محافظة "حماة"، وكانت مرحلة رائعة في التعليم، وخلالها تم إنشاء صفحة إلكترونية تعنى بهذا الشأن التعليمي، وهي بعنوان: "دمج التقانة في التعليم"، ومن الجدير بالذكر، أنه في كل مرة تقام فيها دورة جديدة لدمج التقانة لمجموعة من المدرسين يكون الانبهار والانزعاج ظاهراً عليهم، وشيئاً فشيئاً يتلاشى هذا الشيء ويندمج المدرسون محاولين تطبيق هذا النهج بتنفيذ الخطط الدراسية في مدارسهم ومستمتعين بها مع طلابهم.

حصدت "مصياف" ومدرّسوها على المرتبة الثانية في مسابقة أميز الدروس التي أجرتها وزارة التربية في عام 2016 على مستوى القطر العربي السوري، وكنت حينئذٍ مشرفاً على المدرسين الذين شاركوا بالمسابقة».

وختم قائلاً: «في هذه الأيام وعلى المستوى الإعلامي وضمن الأروقة التربوية يجري تمرير عبارات طنانة، مثل: "المناهج الحديثة، المناهج المطورة"، لا أدري لماذا يتم تمرير هذه المصطلحات؟

ما يمكن أن أقوله إن المنهج في هذه المرحلة من الضجيج الإعلامي وثورة الاتصالات الرهيبة بات لا يناسب أجيالنا ومستوى تفكيرها العلمي والثقافي والأخلاقي؛ إذ فقدت الأجيال هويتها، وهي بحاجة إلى إعادة بناء الهيكل من جديد.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أكون متفائلاً بغدٍ مشرق وجيل يعتمد عليه ومناهج تعليمية تواكب المستوى المطلوب لأبنائنا. (انشر الجميل ينتشر الجمال)، عنوان وشعار اتخذته لنفسي، وأعيش على أمل أن يوفقني الله في تحقيقه».

المدرس "بلال جابر" قال: «من خلال احتكاكي بالمدرس "أحمد قهوجي" في المجمع التربوي وجدته شخصاً نزيهاً جداً وراقياً ومبدعاً في اختصاصه ودائم التطوير، وخصوصاً على صعيد العمل الامتحاني؛ وهذا ما يجعل نتاجه مرتباً ومنظماً. إنه يعمل من دون ملل أو كلل، وهو إنسان علمي يحاول قدر المستطاع أن يدرج كل شيء مكتوب على الورق في الحاسوب؛ وهذه ميزته؛ ففي بلادنا يوجد الحاسوب على كل مكاتب دوائرنا، لكن قلائل من يستثمرون هذه التقنية في عملية الإدارة.

كان يشرف على دورات كثيرة على صعيد دمج التقانة بالتعليم على مستوى المجمع الإداري بأسلوب جميل جداً، هو شخص لطيف ومتعاون مع الأساتذة والإداريين والموجهين وقدوة يحتذى بها».