فقره وعجزه عن امتلاك آلة موسيقية تلبي عشقه للعزف لم يمنعه من تحويل نفسه إلى آلة موسيقية، فالحاجة أمّ الاختراع؛ حيث جعل من نفسه فرقة إيقاعية ووترية؛ مطوعاً حنجرته وفمه وأنفه ويديه، ليصوغ ألحاناً مدهشة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 تشرين الثاني 2018، الفنان "مهند هاشم حربه" ليحدثنا عن طفولته وموهبته، فقال: «نشأت في عائلة فقيرة؛ فأبي عامل يومي كان يسافر خارج القطر ليؤمن لنا لقمة العيش، وهو رجل مرهف الحسّ وعازف على الربابة، وأجمل لحظات حياتي تلك السهرات التي كان يعقدها في بيتنا، ويجتمع عنده رجال القرية من "تلدرة" ليستمعوا إلى ألحانه وعزفه فنما حسّ الموسيقا بروحي؛ ورافقته في الغناء في السادسة عشرة من عمري.

هو شاب لطيف وحساس، حوّل نفسه إلى عدة آلات موسيقية، ويحتاج إلى الدعم وتسليط الضوء على هذه الموهبة، وأن يتبناه أحد أو يأخذ بيده؛ فهو يستحق بجدارة دخول موسوعة "غينيس" بما يمتلك من موهبة مدهشة لا تتكرر بسهولة

عجزي عن شراء آلة موسيقية لم يمنع شغفي بالتميز؛ وهو ما جعلني أتعامل مع نفسي كصخرة وجب نحتها وصياغتها بأسلوب لم يسبق لأحد الوصول إليه، فمنذ عشرين عاماً وأنا في حالة تدريب مستمر للعزف بواسطة الفم والأنف واليد؛ لأصوغ آلات متنوعة كالدودوك التركية، والناي، وآلة الكوالا، والعود، والبزق، والبيانو، حيث طوعت حنجرتي لتكون آلة تشيلو، وكنتر باص، وعزفت مقطوعة "نينوى" وأنا بعمر 24 عاماً».

مع الفنان "اشتيان" يعزف على رصاصة كبيرة

وعن دراسته الأكاديمية وعلاقتها بموهبته، قال: «لم أكمل دراسة الأدب الفرنسي، فقد تركت الجامعة وأنا في السنة الثالثة بعد وفاة والدي لأعيل أسرتي ووالدتي مريضة السرطان التي توفيت قبل 8 سنوات. سافرت إلى "لبنان" للعمل، وكان معظم أصدقائي هناك من عشاق الموسيقا عزفاً أو غناء، لذلك اكتسبت خبرة منهم أولاً، ثم درست الصولفيج والمقامات والنوتة، وعندما كنت أعود إلى الوطن كنت أرافق الفنان الموسيقي "جهاد اشتيان" في جميع الحفلات».

وعن قصة العزف على طلقة الرصاص الفارغة، قال: «لقد كانت الطلقة التي تقتل الأرواح تشغلني منذ بداية الحرب الظالمة على وطننا الحبيب، لأحوّلها إلى أداة سلام وغذاء للروح، ولم أكتفِ بها، بل تعديتها لأعزف أيضاً على طلقة أكبر حجماً، وأكوّن وحدي وبأدواتي فرقة كاملة إيقاعية ووترية، فاستخلصت عدة آلات مثل الناي والدودوك التركية وآلة الكوالا، وطوعت أنفي لآلات موسيقية عدة، فصغت منه البزق والعود والبوق والسيكسفون، وكان عمري خمسة وثلاثين عاماً.

الفنان باسل الحلو

كما كوّنت فرقة "سقوط المطر"، وتتألف من سبعين مشاركاً مستخدمين اليدين والفم على مسرح المركز الثقافي في أداء مدهش، وتفاعل كبير من الحضور».

أما فيما يتعلق بنشاطاته الفنية، فأضاف: «شاركت بالنشاطات الثقافية في جمعية "العاديات" في مدينة "السلمية"، ونشاطات المركز الثقافي، و"البيت العتيق"، و"الهلال الأحمر". كما شاركت مع مجموعة موسيقية في حفلة بدولة "كينيا"، حيث حضر ممثل عن رئيس البلاد هناك في الملعب البلدي، وقد أدهشت الحضور بما قدمت».

الفنان "جهاد اشتيان" تحدث عن موهبة الفنان "مهند حربة" المميزة، فقال: «هو شاب لطيف وحساس، حوّل نفسه إلى عدة آلات موسيقية، ويحتاج إلى الدعم وتسليط الضوء على هذه الموهبة، وأن يتبناه أحد أو يأخذ بيده؛ فهو يستحق بجدارة دخول موسوعة "غينيس" بما يمتلك من موهبة مدهشة لا تتكرر بسهولة».

الطبيب وعازف الناي "باسم الحلو" تحدث عن علاقته ورؤيته لأعمال الفنان "مهند" وموهبته، حيث قال: «أول لقاء كان معه في حفلة بالحمام الأثري عام 2012، وكان يعزف على آلة البزق. هو شاب حساس جداً حتى بالتعامل مع الآخرين بسبب دقته الكبيرة، وقد لفت انتباهي تسخيره أدوات القهوة والإبريق التي حوّلها إلى آلة إيقاعية، وكذلك صاغ من عبوة الماء البلاستيكية ألحاناً موسيقية، ومن أصابعه ابتكر آلة نفخية، ومن علبة بلاستيك وورق مقوى وخيوط ابتكر آلة موسيقية، لكن هذه الموهبة -يا للأسف- بعيدة عن الإعلام وتسليط الأضواء عليها».

يذكر، أن "مهند هاشم حربة" من مواليد "سلمية" قرية "تلدرة"، عام 1974.