عدّت الشعر رسالة وعي وفكر وقضية، لم يكن يوماً لها إلا أيقونة من الضياء وحالة وجدانية خاصة تزهر في قلب العتمة، فتشعل قناديل الروح وتسبر أغوار الفكر.

"الشعر قنديل أخضر أهدانا إياه الله؛ أروع من الشمس وأجمل من القمر"، بذلك بدأت الشاعرة "وفاء دلا" حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 تشرين الثاني 2018، وتابعت بالقول: «كان لمدرّس اللغة العربية في المرحلة الثانوية فضل كبير في اكتشاف موهبتي في سنّ مبكرة، حيث تنبأ لي بمستقبل باهر، لتبدأ بذلك رحلتي مع الاحتراق في ذات اللغة بلحظة اشتعالٍ دائمٍ لا كسوف أو خسوف فيها، لتصبح بذلك مهمتي أصعب؛ فمع كل قصيدة وجدت أن علي البحث عمن يقبلون الاحتراق في جوفها والاندثار في رمادها، فالقصيدة كالعطر المحبوس في أحشاء البرعم لا تزهر بلا حقل، وتحتاج لتكتمل إلى حالة من التوازي بين النار والوقود لتكون مكتملة الرؤية والجمال والإبداع والتميز».

تعتمد في قصائدها الرمزية المفهومة والواضحة والمتماسكة من دون الحاجة إلى المغالاة وطغيان الهمّ الفلسفي والفكري على المفردات، حيث تأسرك بعفويتها وتفردها، وتتعامل مع اللغة ككائن ينمو ويتطور ليمنح التركيبات اللغوية زخماً دلالياً يفوق بكثير معناها المعجمي الضيق، ففي نصوصها من السلاسة ما يأسرك ويحلق بك في عالم خصب من الجمال والخيال

وحول مواضيع قصائدها قالت: «أنا شاعرة عربية، قومية سورية ووطنية حتى النخاع، أحلم بالسلام ووطن عربي كبير يراعي الحقوق والواجبات، ويحترم الحريات، حرية الرأي والتعبير، والفكر الإنساني مهما اختلفت أساليبه أو تعددت، وقد وجدت في الشعر صوتي وهدفي ورسالتي؛ لذلك كتبت لأجسّد نضال الشعوب لتنال حقوقها وعيشها الكريم، فكنت صوت السلم والحرب والانتصار والمواقف الإنسانية، واعتزاز الإنسان وفخره وصموده ومعتقداته وإيمانه والأرض والوطن، كي يكون للإنسان حلم بغدٍ أفضل يحمل في طياته الحرية والشرف والعيش الرغيد، فبذلك لا تكون الكتابة عملاً جزافاً؛ وإنما بصيرة من الوعي تخلق وتتجدد مع كل حرف يعلو مع أنغام واهتزازات القصيدة ليغدو منارة وسيمفونية وموجة قوة».

ديوان "تراتيل العنفوان"

وتابعت بالقول: «تأثرت بالعديد من الكتّاب والشعراء وأبرزهم "هوميروس" كاتب "الإلياذة والأوديسا"، والشاعر التركي "ناظم حكمت"، والشاعر الفارسي "عطَّار النيسابوري"، و"فولتير". أما الشعراء العرب، فتأثرت بـ: "نزار قباني"، و"بدر شاكرالسياب"، و"الجواهري"، والشعراء القدامى جميعاً تقريباً، وكان لقراءاتي المكثفة في سنّ صغيرة دور في تكوين حالة من الوعي لديّ، حيث قرأت كل ما وقع بين يدي فكانت الرافد الحقيقي لثقافتي وقدرتي على تلقي العلوم والمعارف المختلفة، ولها دور كبير في رفدي بالكثير من المفردات والأفكار والصور».

وحول إنجازاتها الأدبية ومشاركاتها قالت: «صدرت لي ست مجموعات شعرية مطبوعة، وهي: "امرأة إلا قليلاً"، "رذاذ الجمر"، "طفلة الاحتراق"، "تراتيل العنفوان"، "غصون الريح"، و"ملحة الدمع"، وقيد الطباعة حالياً "رسولة الإدهاش"، و"مزلة هنون"، ومخطوط "قادمة من رحم شرق النبوءات"، ومخطوط "وطن خال من الحب"، وغيرها. ولديّ أربع مجموعات قصصية للأطفال هي: "أحلى ما في الوجود"، و"زينة الدنيا"، و"ملائكة وأملاك"، و"الشمس وقطرة عسل"، و"قلوب متشردة وعيون حزينة" ومجموعة للكبار، وقد شاركت في العديد من المهرجانات معظمها في "تونس" و"العراق" و"الأردن" و"لبنان"، أبرزها مهرجان "بنت جبيل"، ومهرجان جامعة "توليدو" في "الأردن"، ومهرجان جامعة "المنوبة" في "تونس"، ومهرجان ربيع الشعر في "القيروان"، ومهرجان "الشعر والرواية" في "فايس"، ومهرجان "المربد الشعري" في "البصرة"، ومهرجان "الحرية الشعرية" في "سيدي بوزيد"، ومهرجان "المبدعات العرب" في "سوسه"، وقد تم تكريمي مؤخراً من قبل رابطة الكاتبات التونسيات».

ديوان "غصون الريح"

مقتطفات من إحدى قصائدها التي كتبتها في "دمشق":

"سيدتي دمشق

بلون آخر كلما كنت أدنو إليّ أرى،

في أحد المهرجانات

طائراً في السماوات يتلو نشيدي،

وحين أعود أرتب بالياسمين المهفهف شعري،

وأرسم من سوسن الكلمات ملامح ثغري،

إني ارتميت كظل وراءك،

كانت خطاي تسافر، فوق أدمك،

يا سيدة الضوء، والشعر والفاتنات".

الإعلامي "جودت غانم" حدثنا عن أعمال الشاعرة "وفاء" بالقول: «تعتمد في قصائدها الرمزية المفهومة والواضحة والمتماسكة من دون الحاجة إلى المغالاة وطغيان الهمّ الفلسفي والفكري على المفردات، حيث تأسرك بعفويتها وتفردها، وتتعامل مع اللغة ككائن ينمو ويتطور ليمنح التركيبات اللغوية زخماً دلالياً يفوق بكثير معناها المعجمي الضيق، ففي نصوصها من السلاسة ما يأسرك ويحلق بك في عالم خصب من الجمال والخيال».

يذكر، أن الشاعرة "وفاء دلا" ولدت عام 1970 بمدينة "السلمية" بمحافظة "حماة"، وأنهت تعليمها الأكاديمي في علم النفس، ثم درست الصحافة بكلية الإعلام في جامعة "دمشق"، ثم درست الحقوق في "بيروت"، وهي عضو بالاتحاد والكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وعضو اتحاد كتاب "مصر" المستقلين، وعضو بالرابطة العربية للآداب والثقافة، وعضو جمعية "العاديات" في "سورية"، وعضو بجمعية "الكلمة الرائدة"، وعضو باتحاد الكاتبات المغربيات في "المغرب"، وقد عملت كصحفية وناقدة بمجلة جامعة "دمشق" ومجلة "أسامة" لمدة عام واحد.