فنان متعدد المواهب؛ فمن الرسم والتصوير الزيتي إلى الفنون المسرحية والإخراج والإنتاج السينمائي، وتفوح من أعماله رائحة "السلمية"؛ المدينة التي أنجبت العديد من الكبار.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان "حازم الحموي" بتاريخ 9 كانون الأول 2018، ليتحدث عن بداياته، فقال: «كانت بداية دراستي الأكاديمية الأولى في كلية الفنون الجميلة، قسم التصوير الزيتي بعد دراستي في مجال المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدراسات المسرحية، بعد ذلك سنحت لي الفرصة لدراسة صناعة الأفلام الوثائقية الإبداعية في المعهد العربي للفيلم في "عمان"، وأعمل في المجالين الفن التشكيلي والسينمائي».

ربما لأن هذه المرحلة تمثّل مرحلة انتفاضة الأنا في عالمنا العربي بسلبياتها وإيجابياتها، وفيها قدر عالٍ من التمرد، أصبحت السينما وسيلة لتحقيق الذات والتعبير عنها، وهذا طور بدوره الأساليب الفنية والمساحة التجريبية لتشبه خيال صانع الفيلم كجزء من رؤيته للعالم

يتابع حديثه عن الفن وكيف ستكون المجتمعات البشرية لو فرضنا أنها من دون فن: «لو افترضنا مجازاً أن الإنسان لديه هوس بتكريس فوقيته على بقية الكائنات الأخرى، فالفن هو المغذي الأول لهذه الفكرة؛ قد نرى الحزن في عيني كلب، لكننا لن نراه يؤلف مقطوعة موسيقية تعبر عن هذا الحزن أو يرسم لوحة أو يكتب قصيدة، الفن هو ماهية الإنسانية، وهناك جانب أحبه في فهم الفن، وهو النظر إليه من زاوية إعادة إنتاج العلاقة مع الوجود؛ فيكون بمنزلة المخلص بالنسبة للفنان.

من أحد معارضه

أما الطبيعة، فألوانها اللا متناهية منجم لا ينضب، وأيضاً عندما نعيد إنتاج تلك الطبيعة بالألوان، فهذا منجم آخر، وأنا لست من مؤيدي تلك اللوحات التي تحاكي ألوان الطبيعة بشكل فوتوغرافي، وإنما بإعادة إنتاجها بعين الفنان الخاصة وأسلوبه وطيفه اللوني الذي يعكس مشاعره تجاه الموضوع الذي يعمل عليه، تلك الحوارية بين اللون في الطبيعة واللون على سطح اللوحة مساحة شاسعة للتعبير».

ينتقل بنا إلى عالم السينما ليتحدث عن العوامل التي طرأت عليه في السنوات العشرين والثلاثين الأخيرة، ويقول: «ربما لأن هذه المرحلة تمثّل مرحلة انتفاضة الأنا في عالمنا العربي بسلبياتها وإيجابياتها، وفيها قدر عالٍ من التمرد، أصبحت السينما وسيلة لتحقيق الذات والتعبير عنها، وهذا طور بدوره الأساليب الفنية والمساحة التجريبية لتشبه خيال صانع الفيلم كجزء من رؤيته للعالم».

لوحة من أعماله

وعن غربته عن الوطن الأم، وماذا بقي في ذاكرته، والشوق العارم إلى أماكن الطفولة، يقول: «بقي كل شيء، الذاكرة لا تموت إلا إذا أردنا ذلك وقبلنا به، لكن اجتهادنا ينصب في كيفية نظرتنا إلى تلك الذاكرة، فإن اكتفينا بالبعد المتعلق بالحنين و"النستولجيا"، أصاب تلك النظرة القصور. لا بد من رؤية نقدية؛ لذلك مشاعري تختلط بين الحنين والغضب حتى حيال أمكنة الطفولة يمتزج ذلك الحنين اللذيذ بتفاصيله ورائحته مع ذاك العنف الذي يخرب حياتنا؛ عنف ممزوج بمنطق ذكوري، فأنزلق من جماليات الذاكرة إلى طرقات قلب متسارعة لمواجهة خطر عارم؛ إنها فعلاً مشاعر متداخلة ومختلطة، وكلها مغلقة بشعور عام هو الفقدان».

أما عن مشاريعه لإخراج أفلام روائية، فيكمل: «لديّ مشاريع، لكن ليس في المستقبل القريب، وللإضاءة على هذه النقطة أجد أنه من المفيد التوقف عند نقطتين مهمتين؛ الأولى: العلاقة مع المسرح، فبعد دراستي في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدراسات المسرحية (النقد)، وجدت نفسي أميل إلى صناعة الأفلام من تقديم أو المشاركة في تقديم عروض مسرحية، وأرجع ذلك إلى أن قدرتي على العطاء أقل مما يتطلبه العمل في المسرح، فأنا أرى المشتغلين به مثل النهار، والأمهات لديهن قدرة غير محدودة على العطاء ونسيان هذا العطاء، بينما الفيلم يحفظ (بحسب طبيعة كل فن) جهد صانعيه ونتاج عملهم، بينما يعتمد العمل المسرحي بالأساس على قوة الأثر بالذاكرة الجمعية والوعي، وذكرت ذلك لأن العمل بالاتجاه الروائي يتطلب العمل مع الممثل الذي لا بد أن يولد من المنجم المسرحي، لذلك أتوقع أن تكون بوابة التجريب -حسب المصطلح المسرحي- المدخل لبناء أي رؤية روائية».

...

ويتابع: «أما لماذا الخيار الروائي؟ فلا بد من معالجة تؤدي إلى هذا الاتجاه، ومن وجهة نظري المكون الفكري هو الأهم؛ فعالمنا العربي يحتاج إلى نوع من الصدمة الفكرية كي يصحو؛ فهو برأيي غارق في ثلاثة أمراض مزمنة؛ (العنف، والذكورية، والنفاق)، ذكرت كل ذلك لأنني أظن أن التجارب السينمائية الروائية عليها معالجة هذه المسائل معالجة فنية عميقة، من هذه الأرضية الذهبية أفكر حيال السينما الروائية.

الأمر الآخر رغبتي المستقبلية بالتعاون مع كتاب للسينما بما يعكس رغبة الخروج من إطار سينما المؤلف الذي يؤلف السيناريو ويقوم بإخراجه».

وعن الأفلام والجوائز يتحدث: «قمت بإخراج عدة أفلام قصيرة عرضت في مهرجانات عدة في العالم، مثل: "عصفور من حجر"، "الضفة اليمنى من ذلك الطريق"، و"أنين" الذي حصل على جائزة "دبي" للإبداع عامي 2010 و2011.

عام 2014 قمت بإخراج فيلمي الطويل الأول "من غرفتي" الذي عرض في عدة مهرجانات في العالم، منها: مهرجان "دبي" الدولي للفيلم عام 2014، ومهرجان "ياماغاتا" الدولي للفيلم عام 2015، وفاز بجائزة "عالم واحد"، والجائزة الثانية في "كولن" بـ"ألمانيا" عام 2015».

عنه يقول الفنان "عزت ثلجة": «"حازم الحموي" الصديق الصدوق المخلص لفنه وزملائه، صاحب الابتسامة الجميلة، المفعم بالغنى الثقافي والفني، وليس غريباً عنه؛ فهو ابن عائلة الشاعر الكبير "حسين الحموي" العريقة. أعرفه منذ التسعينات أيام الدراسة الجامعية، وكنت أراه دائماً مشغولاً بالبحث والإبداع وخلق الجديد في حياته الفنية، حيث إنه لم يكتفِ بدراسته وإبداعه بالفن التشكيلي لأنه موهبة لا حدود لها، فدرس الإخراج المسرحي وأخذ لنفسه طريقاً فنياً مميزاً؛ من خلال الدمج بين الفن التشكيلي والمسرح وشغفه بالسينما، وأيضاً تميز برسم الكاريكاتور والبورتريه، وتجربته الغنية بمكان إقامته في "ألمانيا" خير برهان على إبداعه؛ حيث تميز بأسلوبه الفريد واستخدامه عدة تقنيات باستخدام أسلوب التشهير.

استطاع من خلال أقلامه البسيطة وألوانه وأفكاره العميقة أن يبدع مئات الأعمال الفنية التي أدهشت المتلقي وأظهرت حضارة "سورية" الغنية جداً».

يذكر، أن "حازم الحموي" من مواليد "حماة" مدينة "السلمية" عام 1979، مقيم في "برلين" منذ عام 2014.