لم يمنعه الفقرُ والحرمان -اللذان عانى منهما- وعدم قدرته على امتلاك أدواتٍ خاصةٍ بالرسم والتخطيط، لم يمنعه ذلك من شقّ طريقه وتنمية مواهبه بالاعتماد على ذاته، وبأدوات بسيطة حتى أصبحّ الأوّل في تصميم لواصقِ السيارات.

مدونةُ وطن "eSyria" بتاريخ 25 تموز 2019 التقت الفنان "نبيل غيبور" ليحدثنا عن بداية ميوله الفنية، ودراسته قائلاً: «ولدت في عائلة تتألف من اثنا عشر فرداً لأبوين فلاحين لا يمتلكان أرضاً، فقضيت طفولتي ومراهقتي في العمل والحصاد لمساعدتهما ولأوفّر ثمن كتبي وأجرة الطريق إلى القرية المجاورة لتقديم امتحان الصف التاسع، وبسبب وضعي المادي لم أكمل دراسةَ الثانوية.

فنان مبدع بالفطرة؛ ابن بيئة سورية غارقة في الأصالة والطيبة، عصامي، انطلق من نقطة الصفر، يرسم بوقت قصير رسوماً مذهلةً تعبّر عن موهبة لا يستطيع أحد نكرانها، لم يكمل دراسته ولكنه اجتهد وتابع طريقه في الرسم سيراً على الأشواك كي يرضي موهبته وإحساسه ويربي أولاده الثلاثة الناجحين في حياتهم رغم الفقر والقهر، تساعده زوجته على دروب الشقاء، وهو يحتاج إلى رعاية الجهات المختصة كي يتابع طريقه ويفيد بلده، ويطوّر أعماله الإبداعية

عشقي للخط العربي جعلني أوفر من عملي ثمنَ مرجعٍ لإمام خطاطي اللغة العربية "محمد هاشم البغدادي" لأنّه شاملٌ لجميع الخطوط، فمنذ نعومة أظفاري وأنا أقلّدُ الخطوط ويستهويني رسمُ المدرسين في الحصص الدراسية، وأوقع عليها (خربشات غيبورية)، أدواتي كانت علبة ألوان (فلامستر) فقط، لا أستعمل مسطرةً ولا قلمَ رصاصٍ ولا ممحاةً أو مبراة، وأيّ لوحةٍ لا يحتاجُ رسمُها أكثر من خمس أو عشر دقائق، وعندما ذهبت لخدمة العلم كان عملي بالرسم والتخطيط بعد سؤال رئيسي بالعمل عن اهتماماتي، وعندما رأى عملي سجّل لي دورة خط في المركز الثقافي في "الصالحية" عام 1986، لكني تركت الدورة بعد اليوم الأول، فقد رأى فيّ المدربُ معلماً، ولم يرَ مُتعلماً، بعد ذلك عملت في مكتب الخطاط "عزت كويفاتي"، وهو من أشهر الخطاطين في "سورية"، حيث كنا نغطي "دمشق" وريفها بإعلانات للسينما والمسرح والتلفزيون، والمطاعم، وكذلك الكتابة على الجدران والقماش، وبقيت معه مدة خمس سنوات حتى وفاته».

الشاعرة فاطمة غيبور

وتابع عن عمله الجديد في تصميم لواصق السيارات: «بعد إنهاء خدمة العلم توظفت في مدينة "الثورة" في مكتب يهتمّ بالرسم والتخطيط، ثمّ انتقلت إلى "دير الزور" في فترة ترافقت مع مهرجان التسوق ولم يقتصر عملي على هذه الفترة، بل اتخذت لنفسي مكاناً دائماً في بداية الجسر المعلّق لأرسم السياح الأجانب وأتقاضى أجراً عليه، حيث لفت عملي هذا اهتمام المجتمع المحلي في "دير الزور"، وعرض علي أحدهم مطبعة بالأجرة، فصممت لواصق للسيارات، وكنت الأول في هذا المجال، حتى أنّ أشهر محلات زينة السيارات في "حلب" كانوا يقصدوني لتصميم لواصق لهم بقصد التجارة، وفي عام 2000 قررت زوجتي العودة لوظيفتها التي تركتها وأخذت تأميناتها المالية منها، وكان شرط العودة إرجاع المبلغ، فركبت دراجتي الهوائية قاصداً "الرقة"، وعندما كنت أجول في أريافها نفذت إعلانات تخطيط للمحال التجارية، وأتقاضى أجراً معقولاً حتى وصلت المدينة، فقطعت مسافة 210 كم في ثلاثة أيام لم أعرف فيها طعم النوم، ونفذت إعلانات لمطاعم وصالات أفراح ومحلات، وعدت ومعي ضعف المبلغ المطلوب. وبذلك صنعت لنفسي اسماً عرفه كل سكان "دير الزور"، و"الرقة" وريفها».

الشاعرة "فاطمة غيبور" تحدثت عن الفنان "نبيل غيبور" قائلة: «فنان مبدع بالفطرة؛ ابن بيئة سورية غارقة في الأصالة والطيبة، عصامي، انطلق من نقطة الصفر، يرسم بوقت قصير رسوماً مذهلةً تعبّر عن موهبة لا يستطيع أحد نكرانها، لم يكمل دراسته ولكنه اجتهد وتابع طريقه في الرسم سيراً على الأشواك كي يرضي موهبته وإحساسه ويربي أولاده الثلاثة الناجحين في حياتهم رغم الفقر والقهر، تساعده زوجته على دروب الشقاء، وهو يحتاج إلى رعاية الجهات المختصة كي يتابع طريقه ويفيد بلده، ويطوّر أعماله الإبداعية».

من أعمال الفنان نبيل غيبور

وأضاف الصحفي "أكرم نيوف" قائلاً: «"نبيل غيبور" ابن قريتي "عقارب" الجميلة الطيبة ذات الخضرة الرائعة، وكل الأشياء الجميلة التي تدغدغ الأحلام، لم يكن "نبيل" كالجميع، لأنّ هذا الجمال الطبيعي الإلهي أثّر في روحه ولوّنها بجماله، فانعكست فنّاً كان يرسم في كل الأماكن المتاحة، ويحوّل الجماد إلى جمال، وقسوة الحياة لم تعطِه فرصةً لصقل موهبته لكنه أبى إلّا أن يكون مكافحاً في ما يحب.

تابعته في "دير الزور" عندما كان على دراجته يخطّ ويرسم بين "الرقة" و"دير الزور" مقابل قليل من المال يساعده في حياته القاسية، ويعيل أسرةً مكونةً من خمسة أفراد في منزل مستأجر، عاد مهجراً للقرية، ولبيت لا يحميه من قسوة الشتاء، ولا حرارة الصيف، فحمل بندقيته مع قلمه وريشته ليدافع عن قريته ووطنه، وما تبقى من حلمه، لم تنصفه الحياة وبقي يقاوم وينتظر، يرسم الجمال ليقيه ذلّ السؤال».

يذكر أنّ الفنان "نبيل غيبور" من مواليد "سلمية" 1966.