بدأ مثل كل اللاعبين في الأحياء الشعبية، ولكنه طوّر مهاراته لأنه كان يعشق الساحرة المستديرة، فلمع نجمه على الرغم من أنه أصغر اللاعبين سناً. مسيرته الكروية كانت قصيرة إلى حد ما ولكنه أبى إلا أن يترك بصمته.

الدكتور "يعقوب موسى ميرو" 1956م طبيب أسنان من مواليد "الحسكة" التقاه موقع eHasakeh في عيادته ليحدثنا عن رحلة عمر مع الساحرة المستديرة بالقول: «كانت البداية كما كل اللاعبين في الحارات والأحياء الشعبية لغاية الصف السابع، التحقت بعدها بنادي "الحسكة" الجزيرة حالياً، في عام 1967م انطلق دوري المحافظة للناشئين وكانت هذه هي الانطلاقة الأولى، فاز وقتها نادي "الحسكة" ببطولة الدوري بفارق أهدافٍ كثيرة وكنت أنا هدّاف الدوري، ثم تتالت البطولات وتم إطلاق بطولة كأس الجلاء للرجال والناشئين وكان الفوز حليفنا في هذه المباراة أيضا»ً.

كان "يعقوب" لاعباً ماهراً من الطراز الرفيع حيث كان يلعب بعقله، وهذه الطريقة تحسب له، وأجمل ما كان يتحلى به "ميرو" هو عدم إضاعة أي من الكرات فهو يرسل الكرات من أي موقع إلى أي مكان لتستقر على قدم اللاعب، أستطيع القول أنه لاعب كان لعبه يفوق عمره

يضيف "ميرو": «عند وصولي إلى الصف التاسع تحديداً في عام 1969م أقيم دوري أبطال المحافظات وكانت هذه أيضاً المرة الأولى، لعبنا المباراة الأخيرة ضد نادي "حماة" وفزنا بهدفين مقابل صفر.

بيليه الصغير

بعد هذه المباراة في عام 1971م تم ترقيتي إلى الدرجة الأولى، ولعبت أول مباراة ضد فريق "دمشق الأهلي" نادي المجد حالياً، وفزنا بهدفين مقابل هدف واحد وقد أحرزت أنا أحد الهدفين.

في عام 1972م ذهبنا إلى "دمشق" لنقابل نادي الغزل والنسيج الذي كان يمثل منتخب "دمشق"، خسرنا وقتها بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وقد كنت من أحرز هذا الهدف أيضاً.

حركة فنية خلدتها عدسة المصور

وفي عام 1973م لعبنا في دوري الدرجة الممتازة وكان ترتيبنا السادس، قابلنا فريق بردى وخسرنا بثلاث أهداف لهدفين، وهنا بدأت مسيرتي بالنهاية».

*نهاية البداية!!

** ييتابع الدكتور "يعقوب" حديثه بالقول: « في نهاية عام 1973م ذهبت إلى "دمشق" لمتابعة دراستي الجامعية في كلية طب الأسنان، وبدأت أجري تماريني مع فريق الجيش السوري لمدة ثلاثة أشهر، وفي نهاية المدة طلب مني نادي الجيش أن أوقع معهم عقد ولكني رفضت، وكان السبب هو أن تمارينهم صباحية ومسائية، وهذه الأوقات سوف تدمر مستقبلي كطالب، ولكنني لعبت مع منتخب جامعات دمشق ثم مع منتخب جامعات القطر، ومن ثم تم اختياري كلاعب أساسي ضمن تشكيلة المنتخب الذي كان يضم خيرة لاعبي القطر».

فريق يأبى النسيان

يضيف "ميرو": «لم تمنعني الجامعة من التزامي مع نادي الجزيرة وبقيت هكذا حتى هبط النادي إلى الدرجة الثانية، فانتقلت عام 1976م إلى نادي النضال في "دمشق" وكان هذا النادي وقتها من أندية الدرجة الممتازة، تابعت معهم عامين متتاليين، وفي عام 1979م انتهت مسيرتي الكروية لألتزم بجامعتي».

*من الذي شجعك على خوض غمار هذه اللعبة؟

** منذ الصغر كانت هذه اللعبة تجري مني مجرى الدم من العروق، وأكثر من شجعني عليها هو الدرب "سعيد فرجو" بعد أن رأى طريقتي في اللعب قربني إليه وأولاني رعاية كبيرة وكان له الفضل الكبير في مسيرتي.

*هل أعاقتك الرياضة عن الدراسة في بداياتك؟

** على العكس تماماً فالإنسان لا يقضي عمره بين الكتب، إنما تتخلل فترات الدراسة أوقات للراحة والترويح عن النفس والخروج في رحلات ونزه، إلا إنني كنت أقسم وقتي بين الرياضة والدراسة وقد ألغيت من حياتي كل ما عدا ذلك.

*في سن صغير لعبت في مباريات الدرجة الأولى فكيف تمكنت من ذلك؟

** لقد كنت أتمتع بمهارات فنية ممتازة وهذا الأمر لفت انتباه المدرب وبعض اللاعبين إلي أمثال "جوزيف عارف" و"نبيل نانو" و"الياس ميرو" و"جوزيف إبراهيم"، وهذا الأمر سهّل علي الطريق للارتقاء إلى الدرجة الأولى، فهؤلاء اللذين ذكرت كانوا القوة المحركة في الفريق.

*كيف كانت روح التعامل في الفريق في ذلك الوقت؟

** كان العمل الجماعي وأكثر اللحظات التي تجلت فيها روح الجماعة في المباراة التي لعبناها ضد فريق "حلب الأهلي" الاتحاد حالياً على أرض "حلب"، وقد كان وقتها الفريق يفتقد سبعة من اللاعبين تم معاقبتهم في مباريات سابقة، أكملنا وقتها النقص من اللاعبين الشباب والناشئين مع ما تبقى من التشكيلة الأساسية، وربحنا المباراة بفارق هدف واحد علماً أن النادي الأهلي كان وقتها من النوادي القوية، وهذا الأمر يدلل على رفعة العمل الجماعي».

*هل حصلت على جوائز في حياتك الرياضية؟

** الحقيقة لم أستلم أي جائزة نقدية أو حتى عينية ولم يكن النادي يقدم حتى الألبسة للاعبين، وكان المقتدر من اللاعبين يشتري جميع حاجياته ما عدا القميص هذا الوحيد كان يقدمه النادي، ولكن كان النادي يشتري بعض التجهيزات للاعبين الذين لا يملكون أي مقدرة مادية.

*ما المناصب التي تقلدتها في مسيرتك الرياضية؟

** أصبحت عضواً في مجلس إدارة النادي منذ عام 1983 وحتى 1985م، ورئيس نادي الجزيرة منذ عام 1985 لغاية 1989م، ارتفع النادي في عهدي إلى الدرجة الأولى بفارق نقاط كثيرة بعد أن كان في الدرجة الثانية، وثبتنا في الدرجة الأولى لمدة عامين على التوالي إلى أن حصلت مشكلة بين إدارة النادي واللجنة التنفيذية، فارتأت القيادة الرياضية حل إدارة النادي واللجنة التنفيذية وبعدها بدأ الانحدار.

*هل هناك من أحداث التصقت بذاكرتك؟

** عام 1973م كانت المباراة الأخيرة للدوري في حمص وكان توقيت المباراة قبل امتحان البكالوريا بأربعين يوماً، فذهبت إلى رئيس النادي وقلت له إن والدي يمنعني من المشاركة خوفاً على مستقبلي، علماً إن والدي لم يمنعني أبداً ولكن كانت مجرد حيلة للتملص من المشاركة، والمفاجئة التي لم أتوقعها أن الإدارة سألت والدي وقد نفى أنه منعني وأجبرني على المشاركة في المباراة.

السيد "جوزيف عارف" يقول: «كان "يعقوب" لاعباً ماهراً من الطراز الرفيع حيث كان يلعب بعقله، وهذه الطريقة تحسب له، وأجمل ما كان يتحلى به "ميرو" هو عدم إضاعة أي من الكرات فهو يرسل الكرات من أي موقع إلى أي مكان لتستقر على قدم اللاعب، أستطيع القول أنه لاعب كان لعبه يفوق عمره».

الصحفي "أحمد حديدي" صحفي متابع في ذلك الوقت يقول: «كان "يعقوب" لاعباً جميلاً وفناناً رائعاً، تمتع هذا اللاعب بمهارات عالية حتى أطلق عليه لقب "بيليه" وقد استحق هذا اللقب بجدارة، كان أصغر اللاعبين في الفريق إلا إنه كان عنصراً فعالاً في الملعب، ترك بصمة جميلة رغم المدة القصيرة التي قضاها على المسطحات الخضراء».