لم يستسلم لما أصابه من إعاقة جسدية شلّت قدميه عن الحركة، فحمل ريشة الرسم التي باتت الدواء، وقدّم نموذجاً للشاب المبدع وصاحب الإرادة الذي يتنقل من إبداع إلى آخر، ويعيش يومياً ليقدم أجمل اللوحات الفنية.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 7 أيار 2018، زارت الشاب "محمد هرو" في منزله بمدينة "القامشلي"، ليقدم عن رحلته الفنية منذ لحظاتها الأولى، وعن البدايات قال: «منذ طفولتي المبكرة أحببتُ الرسم؛ ففيه أستطيع تصوير كل ما هو جميل، لأنني لا أملك القدرة على الوصول إليه سيراً ومشياً، فأعبّر عنه بالشكل. وخلال دراستي في المرحلة الابتدائية، وجميع أوقات الفراغ والاستراحات كنت أقضيها في رسم اللوحات. وجدتُ تشجيعاً من الزملاء والكادر التعليمي بما أقدمه من رسم جميل، على الرغم من صغر عمري، لكنني -يا للأسف- في وقت مبكر من دراستي الابتدائية تركت المدرسة، لصعوبة كبيرة في الوصول إليها، وعدم قدرتي على صعود وهبوط الدرج، هنا كان قرار التفرغ لعالم الرسم الجميل بالكامل، إضافة إلى تعلّمي أساسيات كثيرة في مجال الفن بجهد ذاتي، لوجود الوقت الكبير، وبدأتُ تعلّم تصميم الأزياء، وحصلت على دعم وتشجيع كبير من المقرّبين، ومن أسرتي بوجه خاص، وصلتُ بعد مدة قصيرة إلى درجة كبيرة ومهمة في مجالي الرسم والتصميم، في تلك المرحلة اكتسبتُ معلومات قيّمة عن الرسم من رسام كبير، ساعدتني كثيراً في خطواتي الأولى نحو الفن، فازداد تعلقي أكثر، بعد تعلمي جماليات الخط واللون، فكان قرار افتتاح معرض فني للوحاتي عام 2013 تحت عنوان: "فسحة أمل"، ولكونه الخطوة الأولى الفنية في حياتي، التي واجهتُ فيها الأشخاص من غير ذوي الإعاقة، وجدت من خلاله بأن المعوق قادر على الإبداع وصنع الجمال، فكانت البداية».

الإرادة التي يملكها قلّ نظيرها في مجتمعنا. رصدت جميع لوحاته خلال عدد من المعارض الفنيّة التي تابعتها له، فيها الروح والتميز والإبداع، ومن يشاهد تلك اللوحات وجمالها، يجد فيها قيمة الرسام ومكانته الفنية العالية. ومن وجهة نظري، هو إنسان سليم بدرجة الامتياز، فهو منتج ومعطاء، شارك مع الكبار في معارضهم، ونافسهم في الجودة، حسب روايات الفنانين أنفسهم

يتابع الشاب "محمد" عن مسيرته الفنية بالقول: «تابعتُ رسم اللوحات الفنية، واستخدمت كل الأنماط الخاصة بالرسم، مع قدرتي على استخدام الألوان والأقلام، فقد رسمت بالألوان الزيتية، ولديّ لوحات بأقلام الرصاص والفحم، مع استخدام الألوان المائيّة والقهوة أيضاً، صورت لوحات تعبر عن جمال الطبيعة، وأخرى تعبّر عن الشخوص، وبعض اللوحات فيها رموز تعبيرية، ومنذ عام 2013 وأنا أقدم لوحاتي ضمن المعارض الفنية في مدينة "القامشلي"، ومعرض وحيد في بلدة "عامودا" بعنوان "أمل"، وآخر معرض أقيم عام 2017 في "القامشلي"، قدمت لوحاتي مع نخبة من أهم الفنانين على مستوى المنطقة، كانت سعادتي في ذلك لا تُوصف، ورسالتي في الحياة: (نعم لا أستطيع المشي، لكنني لستُ عاجزاً عن فعل أي شيء جميل)، وأحرص على أن تكون لوحاتي داعية للمحبة والسلام والسعادة. ربما حققتُ الكثير من الإعجاب والتقدير والثناء خلال المدة القصيرة الماضية، لكنني أريد الوصول إلى أبعد مستوى في عالم الرسم».

رسامون معجبون بجمال رسمه

بدوره الفنان "خالد نصري" بيّن رأيه في لوحات "محمّد" بالقول: «الإرادة التي يملكها قلّ نظيرها في مجتمعنا. رصدت جميع لوحاته خلال عدد من المعارض الفنيّة التي تابعتها له، فيها الروح والتميز والإبداع، ومن يشاهد تلك اللوحات وجمالها، يجد فيها قيمة الرسام ومكانته الفنية العالية. ومن وجهة نظري، هو إنسان سليم بدرجة الامتياز، فهو منتج ومعطاء، شارك مع الكبار في معارضهم، ونافسهم في الجودة، حسب روايات الفنانين أنفسهم».

يذكر أن "محمد" من مواليد "القامشلي"، عام 1999.

لوحاته ضمن معرض فني
من أعماله