تعدّ ربعة "المصطفاوية" من أقدم الربعات على مستوى منطقة "المالكية"، وفيها أنجزت أجمل اللوحات الاجتماعية، ومن خلالها انتشرت لغة المحبة والسلام، وحافظ الأبناء على ورثة الأجداد حتى اليوم.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 23 كانون الثاني 2019، أثناء زيارتها لقرية "المصطفاوية" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 80كم، رصدت ربعتها القديمة، والتقت "صالح جدوع العلي" من ريف "اليعربية"، الذي تحدّث عن زياراته لتلك الربعة بالقول: «أغلب الأحيان كنا نخصص زيارة لذلك المكان، وقضاء ساعات ملأى بالمحبة والأخوة، كان الحوار دائماً عن نشر السلام، واللغة التي كانت بيننا إلغاء الحقد والكره بين أبناء المنطقة عامة. في كل زيارة كان المكان حافلاً بالضيوف من مناطق مختلفة، وقرى قريبة وبعيدة، حتى من مختلف المحافظات، وكانت لنا زيارات وديّة أحياناً، وأحياناً أخرى نخصص زيارتنا من أجل حلّ مشكلة أو خلاف عائلي، وربما على مستوى عشيرتين. في ذلك المكان، بنيت علاقات اجتماعية عمرها بعمر المنطقة، وحتى اليوم هناك أسر ارتبطت فيما بينها بالمحبة والأخوة، لتحضر في ربعة "المصطفاوية"، والأجمل أن كل ألوان وأطياف "الجزيرة" السورية كانت حاضرة فيها، علماً أن أبوابها لم تكن تغلق نهائياً على مدار الساعة، حيث يوجد فيها الزوار والضيوف، وتوفر لهم كل مستلزمات الراحة والضيافة، فالكرم أهم عنصر فيها».

أغلب الأحيان كنا نخصص زيارة لذلك المكان، وقضاء ساعات ملأى بالمحبة والأخوة، كان الحوار دائماً عن نشر السلام، واللغة التي كانت بيننا إلغاء الحقد والكره بين أبناء المنطقة عامة. في كل زيارة كان المكان حافلاً بالضيوف من مناطق مختلفة، وقرى قريبة وبعيدة، حتى من مختلف المحافظات، وكانت لنا زيارات وديّة أحياناً، وأحياناً أخرى نخصص زيارتنا من أجل حلّ مشكلة أو خلاف عائلي، وربما على مستوى عشيرتين. في ذلك المكان، بنيت علاقات اجتماعية عمرها بعمر المنطقة، وحتى اليوم هناك أسر ارتبطت فيما بينها بالمحبة والأخوة، لتحضر في ربعة "المصطفاوية"، والأجمل أن كل ألوان وأطياف "الجزيرة" السورية كانت حاضرة فيها، علماً أن أبوابها لم تكن تغلق نهائياً على مدار الساعة، حيث يوجد فيها الزوار والضيوف، وتوفر لهم كل مستلزمات الراحة والضيافة، فالكرم أهم عنصر فيها

"محمد مجدل" شيخ عشيرة "العباسيين" من ذات القرية، تحدث عن ربعة قريته وحفاظه عليها، بالقول: «أسس ربعة قريتنا للمرة الأولى عام 1880 الراحل "يوسف مجدل"، وقد كانت أول ربعة على مستوى المنطقة، ومنذ تأسيسها أعلنت فيها رسالة الحب والأخوة بين الناس، ويومياً كان هناك حدث اجتماعي بين أهل المنطقة في ذلك المكان، وقد حافظت على دورها الاجتماعي بالدرجة الأولى، ووجدت تفاعلاً وإقبالاً عليها من شتى المناطق، حتى من دول مجاورة، فقد كان لها زوار من دولتي "العراق" و"تركيا" بوجه دائم، لذلك كانت تحتاج إلى الترميم، فقام بذلك شيخ العشيرة السابق "حسين حاج محمود" عام 1980، واستمرت ومن يشرف عليها بالمضي في نهجها. كانت منطلقاً لمناقشة وحلّ قضايا الأسرة في القرية، مروراً بقضايا المنطقة وجميع العشائر، والمشاركة مع بقية الشيوخ والوجهاء لحلها، واستقبلت شيوخاً ووجهاء وعمالاً وفلاحين وموظفين، وشباباً وصغاراً، وكانت الرغبة بأن توجد فيها كل الأعمار والثقافات، ليكبروا على حب الخير والسلام».

الحفاظ عليها من الاندثار والنسيان

ويتابع "محمد": «أنجزت فيها أرقاماً كثيرة من حالات الصلح وبتر الخلافات، وفيها تم تزويج الشباب، ومن خلالها أقيمت الولائم اليومية لكل ضيف يطرق بابها، علماً أن الكثيرين من الزوار، ومن مناطق بعيدة، كانوا يقضون ليلتهم فيها، لعدم قدرتهم على السفر إلى مناطقهم، حيث كانوا يجدون فيها كل سبل الراحة، لذلك كان الزوار يكررون العودة من أجل الحفاظ على العلاقة الاجتماعية التي رسمت بيننا؛ قاطعين مسافات طويلة.

الأهم أن أجيالاً كثيرة تعرف بعضها إلى بعض من خلال هذا المكان، وحافظوا على العلاقة الجميلة فيما بينهم حتى يومنا هذا، وفي كل مساء، كان العشرات يتوافدون إليها من عدة قرى وبلدات لدعم حالة الأخوة وتعزيزها، والمساهمة في حل مشكلة إن كانت معقدة أو صعبة. فتلك الربعة الترابية البسيطة، دوّنت مئات القصص الجميلة، وهي باقية حتى اليوم في الأذهان، على الرغم من أن الترميم الذي جرى لها عام 2011 لم يجد نفعاً، فأغلقت أبوابها، وأنشئت ربعة جديدة، للحفاظ على دورها ووجودها، ولتبقى مسرحاً للمحبة».

محمد مجدل