استطاع أن يبني لأسرته وعشيرته مكانة مهمة بين أفراد المجتمع وفي المنطقة، فقد خلّدها "شلال مرعي" بسنوات العطاء والمواقف الإنسانية والاجتماعية، وأجمل مواقفه في وأد الفتن ونشر السلام بين الناس.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 24 آذار 2019، وخلال زيارتها لقرية "الصالحيّة" التابعة لبلدة "الجوادية" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 50كم، فتحت صفحة أحد رموز المنطقة والقرية "شلال مرعي" من خلال نجله "مناف شلال مرعي"، حيث تحدّث عن البدايات وقال: «كانت اهتمامات والدي في مرحلة مبكرة من عمره الجلوس في مجالس الوجهاء والكبار والتعلّم منهم، كان مرافقاً لوالده إلى الحقول وجمع المحاصيل الزراعيّة عندما أصبح يافعاً، فزرع في داخله حب الأرض والعطاء، اتجه إلى مجالس الصلح والمحبة، فعشق ونهج ذات النهج، وهو أن يؤسس للسلام والأخوة بين أبناء المنطقة جميعهم.

ما فعله لخير المنطقة عامة ومنطقته خاصة باقٍ في أذهان كافة الأهالي، وأشاد بمواقفه النبيلة والتاريخية كل وجهاء العشائر، وتسجل له أنه قدم اسمه واسم عشيرته باحترام كبير، لذلك كان "شلال" ومن بعده أبناؤه طرفاً في حلّ جميع النزاعات والخلافات، أستطيع الجزم بأن القيم التي زرعها أثناء قيادته للعشيرة باقية حتى اليوم، وهو الأهم؛ وهذا يعني أن البناء كان في الفكر، ولم يكن مؤقتاً

تسلّم والدي زمام أمور عشيرة "مرعي" الكرديّة عام 1965 بعد وفاة عمّي، ومن شدّة تعلق الأهالي بنهجه وعظيم أفعاله للمنطقة؛ سمّوا قريته "الصالحية" ووصفوها باسمه، وهي الآن تعرف بـ"كندك شلال"؛ أي قرية "شلال"، كانت ولا تزال تلك التسمية عنوان قريتنا. أشرف على أكثر من 200 قرية واقعة في منطقة "آليان" ببلدتي "الجوادية والمالكية"، يهتم بكل تفاصيلها المعيشية والزراعية ومشكلاتهم اليوميّة، إضافة إلى مساهمته ومشاركته في حل النزاعات على مستوى محافظة "الحسكة"، وسخّر للسلام والمصالحات وقتاً كبيراً، وكان يبذل كل جهد وينفق في ذلك كل ما يتطلب من مال».

ربعة شلال مرعي

يتابع "مناف" عن مسيرة والده: «إحدى أعقد المشكلات في قرية "الخشينية" التابعة لمنطقتنا دامت سبع سنوات، خلّفت نتائج سلبية كبيرة، منح لها كل طاقته وحكمته، حتى استطاع في النهاية أن يعيد إليها ولأبنائها الوئام، وأشاد بذلك رموز الدين ووجهاء المنطقة، وصل إلى مدينة "دير الزور" من أجل تعزيز العلاقة الاجتماعيّة ولغة السلام، هذه اللغة التي كانت لغته الدائمة سواء في قريته و"ربعته"، أو في القرى والمناطق الأخرى، حيث كانت "ربعته" عامرة بالناس والضيوف بوجه دائم، وبذل جهداً خاصاً للاهتمام بالزراعة والثروة الحيوانيّة، وقد بادر في السبعينات بإعطاء الفلاحين 5 آلاف دونم لزراعتها واستثمارها من دون مقابل، وحتى اليوم هم الذين يملكونها، ومن الحالات النادرة على مستوى المنطقة أن يمنح شخص من أملاكه الزراعيّة.

كذلك يعدّ من الشخصيات المهتمة جداً بالتعليم، فقد نال أبناؤه الثمانية شهادات جامعية، وشجع بناته أيضاً على التعليم ونيل كافة حقوقهن، ومنحهنّ حصصاً من أمواله وأراضيه الزراعية، وقدم للمنطقة رسالة فحواها أنّ الأنثى لها حقوق وواجبات على الجميع التقيد والالتزام بها».

جمال مرعي يستقبل وجهاء المنطقة في منزل والده

وتابع نجله الثاني "جمال مرعي" عن جوانب أخرى في حياة والده، فقال: «آل "مرعي" أقدم أسرة في المنطقة، وقد استطاع الوالد أن يبني ويحافظ عليها بالطريقة المثالية والإيجابية، وتعلّمنا منه قيماً وخصالاً رائعة جداً، ننشرها من بعده في مجتمعنا، ونحافظ على كل العناوين الجميلة التي سار عليها، هذه الأمور كانت وصيته الوحيدة لنا، لذلك كل أبناء المنطقة أشاروا إلى أن زعامة العشيرة لن تخرج من بيت "شلال"، سعادتنا كبيرة جداً لأن منزلنا اجتمعت فيه كل أطياف وألوان الجزيرة السورية، وهم يتواصلون معنا حتى اليوم، إيماناً منهم برسالة الوالد وما قدمه للمنطقة برمّتها».

"محمد نور" شيخ عشيرة "العباسين" تحدّث عن بعض قيم "شلال" من خلال حديثه التالي: «ما فعله لخير المنطقة عامة ومنطقته خاصة باقٍ في أذهان كافة الأهالي، وأشاد بمواقفه النبيلة والتاريخية كل وجهاء العشائر، وتسجل له أنه قدم اسمه واسم عشيرته باحترام كبير، لذلك كان "شلال" ومن بعده أبناؤه طرفاً في حلّ جميع النزاعات والخلافات، أستطيع الجزم بأن القيم التي زرعها أثناء قيادته للعشيرة باقية حتى اليوم، وهو الأهم؛ وهذا يعني أن البناء كان في الفكر، ولم يكن مؤقتاً».

جمال مرعي

يذكر، أن "شلال مرعي" من مواليد قرية "الصالحية" عام 1922، توفى عام 1995.