"الكريف" عادة اجتماعيّة جميلة مميزة، قديمة بقدم "الجزيرة" السورية، تم توارثها بين الأجيال، لها طقوس كثيرة ومعبّرة، أبرزها رسالة الفارس وهو يعلن عن "الكريف" الجديد، ومنحته الماليّة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 25 حزيران 2019، تعرّفت إلى أحد طقوس الجزيرة السورية الاجتماعية، وهو "الكريف"، حيث يعدّها الكثيرون أغلى وأثمن العلاقات الاجتماعية، وبيّن بعض تفاصيلها القديمة وطقوسها في الماضي البعيد، الباحث التاريخي "عمر إسماعيل": «عادة قديمة، وتقليد اجتماعي متوارث، "الكريف" يُتوّج بهذا المنصب واللقب، عندما يتم ختان الطفل المولود حديثاً بحضنه، يختار والد الطفل أحد أقرب أصدقائه، أو أقربائه، ليعزز العلاقة الاجتماعيّة بينهما، وأغلب الأحيان تكون لتعزيز العلاقات الاجتماعية بين الطوائف المختلفة في المحافظة.

يبقى "الكريف" مع أسرته لمدة أسبوع كامل في ضيافة والد المولود، لتمتين العلاقة الاجتماعيّة، وعلى مدار ثلاثة أيام يستمر الرقص والغناء وإقامة الحفلات التراثية، وفي كل مناسبة مهما كانت نوعها، يكون "الكريف" في مقدمة المدعوين، ويعدّ شخصاً من أهل البيت، وليس ضيفاً عادياً، حتّى إن الكثير من أسر الماضي، كانت تقول إن الزواج بين العائلتين اللتين جمعتهما قربة "الكرافة"، لا يتزوج أحده أبنائها من الأخرى، فيها عمق اجتماعي جميل وكبير

أمّا إحدى العادات الجميلة في الماضي البعيد لاختيار "الكريف"، والغائبة منذ سنوات طويلة، فتكون بإرسال شخص على فرس مجهز بكامل عدة الفروسية، ليبدو الفارس شخصية معتبرة وفارساً حقيقياً، يكون موفداً من قبل من ولد لديه مولود، يذهب إلى قرية أخرى أو منزل ضمن قريته، وقد تكون إلى منطقة بعيدة، عندما يصل بفرسه إلى منزل الشخص المستهدف، يعني أن الشخص مطلوب ليكون "كريفاً"، عادة الفرس نفذها كبار القوم، استمرت لسنوات طويلة، وأحياناً الشخص المرغوب يعتذر عن عدم تلبية الدعوة لأسباب معيّنة، أمّا إذا قبل الدعوة، فحينئذٍ تكون للفارس الذي أنجز المهمّة مكافأة دسمة».

الولائم عنصر أساسي في مناسبات الختان

ومن الطقوس الأخرى الشبيهة بعادة الفرس، يضيف عنها الباحث قائلاً: «الطبقة الوسطى في القديم، كانت تجهز (كبشاً) وتزينه وترسله مع الشخص إلى من يريد أن يتقرب منه ويصبح (كريفاً) له، ويوم الختان ينجز والد المولود وليمة كبيرة، يدعو المقربين والأهل والأصدقاء، تكون على شرف "الكريف"، و"الكريف" بدوره يدفع إكرامية للمطهّر، ويقدم هدية أيضاً للمولود، تكون مالاً أو هدية قيمة، وكانت الولائم تدوم لثلاثة أيام في الماضي، ومن تفاصيل طقوسهم أيضاً، بعد شفاء المولود من أوجاع وآلام الختان، يعود "الكريف" مع كامل أسرته، ويجلب بعض الهدايا؛ أبرزها ثوب فضفاض (كلابية)، وبعض الهدايا الأخرى، ويقدمها للأطفال».

يختتم الباحث "عمر إسماعيل" حديثه عن تفاصيل متعلقة بطقوس اجتماعية، يكون بطلها "الكريف": «يبقى "الكريف" مع أسرته لمدة أسبوع كامل في ضيافة والد المولود، لتمتين العلاقة الاجتماعيّة، وعلى مدار ثلاثة أيام يستمر الرقص والغناء وإقامة الحفلات التراثية، وفي كل مناسبة مهما كانت نوعها، يكون "الكريف" في مقدمة المدعوين، ويعدّ شخصاً من أهل البيت، وليس ضيفاً عادياً، حتّى إن الكثير من أسر الماضي، كانت تقول إن الزواج بين العائلتين اللتين جمعتهما قربة "الكرافة"، لا يتزوج أحده أبنائها من الأخرى، فيها عمق اجتماعي جميل وكبير».

من جهة أخرى، تحدّث أحد كبار السن من ريف "اليعربية" الحاج "دحام سيد العامر" عن طقوس "الكريف" في السنوات الماضية، حتى وقتنا الحالي: «يبقى "الكريف" شخصاً مهماً من الناحية الاجتماعية، منذ ذلك الوقت البعيد، حتى يومنا هذا، في المجالس دائماً ما يكون "الكريف" الأكثر قرباً ومحبة للأسرة التي انتسب إليها. والمناسبة الاجتماعية "الكريف"، تتضمن فقرات الغناء وحلقات الرقص لكن اليوم لساعات قليلة، وليست لأيام، حتى الولائم في بيت المولود قائمة، وعادة تقديم "الكريف" هدية ومبلغاً مادياً باقية حتى هذا التاريخ، حتى في المناسبات الاجتماعية الأخرى، يكون "الكريف" أكثر دعماً مادياً ومعنوياً، ودائماً ما يتدخل "الكريف" لتسوية خلافات اجتماعية بين أسر أخرى، إذا كان أحد طرفي النزاع مرتبطين به بـ"الكرافة"، بهذه الصور تبين لنا مدى أهمية هذه العلاقة الاجتماعية، خاصة أن الطرفين اللذين يتفقان على "الكرافة" من أطياف مختلفة».