يتميّز سوق "القادسية" لبيع اللبن بالكثير من المزايا، أبرزها أنه على أطراف المدينة، بعيدٌ عن الصخب والضجيج ومخصصٌ للنساء الريفيات، ويقبل على شراء مواده غالبية أبناء مدينة "القامشلي".

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 14 حزيران 2020 زارت السوق، والتقت "سارة محمد العلي" إحدى أقدم بائعات اللبن، لتتحدث عن نشأة السوق، فقالت: «عمره أكثر من ستين عاماً، وأصبحتُ بائعة فيه منذ خمسين عاماً، وأعدّ أقدم النساء ضمنه. ولأنّ غالبية سكان الريف يهتمون بتربية الأنعام، كان البحث عن مكان قريب من مدخل المدينة ليتم فيه بيع اللبن، فوقع الاختيار على شارع "الوحدة"، ضمن حي الوسطى، وتحديداً على الرصيف الذي يقابل ثانوية "القادسية"، حيث حمل السوق الاسم نفسه، فالمكان يتوسط المدينة، وبعيد عن السكن الكثيف وحركة المرور.

عام واحد مضى على وجودي هنا، أحل مكان والدتي لعدم قدرتها على إكمال مهمتها ودورها في البيع، نتيجة مرضها وكبر سنها، حيث أبيع اللبن والحليب والجبن والسمن العربي والبيض البلدي، وفي فصل الربيع الأعشاب الطبيعية التي تظهر في قرانا. هذا السوق بسيط وجميل، وهو عبارة عن أمتار من شارع فرعي ورصيف فقط، ولكنه بات عند العامة سوق اللبن الرئيسي

توجد في السوق أكثر من 20 امرأة بشكل يومي تصلن إلى السوق بأكثر من سيارة، فلكل قرية ونسائها سيارة خاصة بهن، حيث ينطلقن عند السادسة صباحاً، وبعد نصف ساعة تكون السيارات في المكان لبيع ما يحملنه من الحليب ومشتقاته، فلكل امرأة زبائنها، وفي الساعة العاشرة ينتهي وقت البيع والشراء، هذا السوق توارثته البنات من الأمهات وكثير منهن فارقن الحياة وهن يعملن فيه، ويمتاز بأن كل مواده ريفية بامتياز».

سوق القادسية لبيع اللبن

"خلود الطاهر" تبين تفاصيل وجودها في السوق بالقول: «عام واحد مضى على وجودي هنا، أحل مكان والدتي لعدم قدرتها على إكمال مهمتها ودورها في البيع، نتيجة مرضها وكبر سنها، حيث أبيع اللبن والحليب والجبن والسمن العربي والبيض البلدي، وفي فصل الربيع الأعشاب الطبيعية التي تظهر في قرانا. هذا السوق بسيط وجميل، وهو عبارة عن أمتار من شارع فرعي ورصيف فقط، ولكنه بات عند العامة سوق اللبن الرئيسي».

"نورة صبري محمود" إحدى أقدم زبائن السوق تحدّثت عنه بالقول: «كثير من زبائن هذا السوق، من أصحاب المحال الخاصة ببيع المواد الغذائية والتموينية، ولأن اللبن مادة رئيسية في تلك المحال، فالكثير منهم يأتون لشرائه من هنا، وأنا منهم، فالمادة التي نشتريها من سوق "القادسية" بسعر أقل وتمتاز بالجودة والنظافة، وقد باتت لنا علاقات اجتماعية أيضاً، تجاوزت حدود علاقة البيع والشراء فقط، وهذه العلاقة مع غالبية الباعة والزبائن».

علاقات اجتماعية في السوق

السبعيني "نزار عبد الرحمن صبري" يتحدّث عن العلاقة التي تجمعه مع السوق، منذ 29 سنة، حيث قال عن ذلك: «كلما أحتاج اللبن، أقطع مسافة 2 كم من منزلي من حي "الهلالية" البعيد، للوصول إلى السوق، وشراء ما أحتاجه، ليست هناك امرأة معيّنة للشراء منها، فهناك متعة في التسوق رغم قطع المسافة الطويلة، ربما أنتظر فترة من الزمن ريثما تصل سياراتهن، ونقضي الوقت مع بعض الرجال والشباب الذين ينتظرون الحاجة نفسها، ويحصل تعارف بيننا، وتبنى علاقات اجتماعية نتيجة تواصلنا الدائم في هذا المكان، وحتّى العلاقة الاجتماعية تكون مثالية بين الزبون والبائعة، وليس هناك تدقيق في تفاصيل البيع والشراء، فالمعاملة أكبر وأهم من ذلك.

في فصل الربيع أشتري البابونج والخباز وكل النبتات التي تظهر في القرى الريفية، ويتم بيعها في سوقنا هذا، أحياناً كثيرة نرسل المواد التي تباع هنا لأبنائنا وأهلنا في مناطق ومحافظات أخرى، لأن نكهة الريف دائماً ما تكون مرغوبة لديهم».