كان من الذين جمعوا بين العلم والأدب، هو الشاعر الحساس الذي يؤرخ اللحظة والذكرى، جعل من الشعر ملاذه الروحي الذي يهرب إليه بعد أيام العمل المتعبة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 8 تموز 2020 التقت الشاعر والصيدلي "أحمد عابد أحمد" ليحدثنا عن تجربته فقال : «رحلتي مع الأدب والشعر بدأت من الطفولة، المطالعة كانت تأخذ حيزاً من وقتي وصار الكتاب صديقي المقرب جداً، في ظل تشجيع دائم من الوالد على تلك الهواية التي باتت هوساً، ساهم في ذلك أيضاً أساتذتي في المدرسة وفي كافة المراحل، والمنظمات التي كنت أنتمي إليها من "طلائع البعث" إلى "شبيبة الثورة" واتحاد "طلبة سورية".

هو غذاء الروح وبلسمة الجروح والترجمة الحرفية للإحساس، هو وليد الفطرة ،هو جين نادر يلعب في تلافيف المخ ويجعل الشاعر فارساً يمتطي صهوة الكلمات

(خربشاتي) بدأت من الابتدائي، كنت أكتب كل ما يجول في خاطري، وكعادة الكل كنت أخاف أن أعرضها على أحد، ولم أملك تلك الجرأة لسنين عديدة، علاقتي بالأدب لم تؤثر في دراستي وتفوقي، ومنذ البداية كانت قناعتي بأن العلم والأدب يرفدان بعضهما البعض، أول أعمالي كانت مشهداً مسرحياً، ومن خلاله اكتشفت لغتي الشاعرية فذهبت إلى قرض الشعر، أما لقب الشاعر فحتى الآن لقب أهابه وأجله، تأثرت بشعراء المعلقات في بداياتي بحكم الدراسة، وتجربة "امرؤ القيس" توقفت عندها كثيراً وكرت السبحة مع شعراء العصور كافة إلى أن هدأت روحي عند الكبير "نزار قباني" والمبدع "محمود درويش"».

الفنان باسل حريب

أما عن الشعر فيقول "العابد": «هو غذاء الروح وبلسمة الجروح والترجمة الحرفية للإحساس، هو وليد الفطرة ،هو جين نادر يلعب في تلافيف المخ ويجعل الشاعر فارساً يمتطي صهوة الكلمات».

ومن كلماته اختار:

«مهما اجتهدت في تجميله

يبقى جرحاً

ليس كافياً أن تردمه

بقليل من الضحك

ستتوقف فجأة عنه

وتغزوك الفكرة بكل تفاصيلها

تعيش معك كلمات الرفاق

نظرات الآخرين المستفهمة

كل ذلك يعيش داخل جلدك

لن تنفع محاولتك لمحاصرته

وإبعاده

سيتمثلك».

أما عن عمله الصيدلي فيقول: «عملي في الصيدلية عمل شاق ويأخذ مني جل وقتي، أحاول أن أسرق من عملي لحظات أهرب فيها إلى الشعر، وفي بعض الأحيان يقتحم الشعر مجال عملي، وكم من القصائد شاركتني بها رفوف الدواء ورائحتها، وكما الشعر متعة، عملي هو متعة بطعم آخر، لكنه اليوم أفرغ من مضمونه وبات للتجارة فقط، علماً أنني أحاول قدر الإمكان أنسنة العمل الصيدلي والعود به إلى أصله».

ويضيف "العابد": «طغت المرأة على موضوعات شعري، لم أستطع الخروج منها والولوج إلى موضوعات أخرى، فكلما هممت إلى القصيدة أجد المرأة تتراقص على الورق وتذهب القصيدة إليها طوعاً أو كرهاً، وكأن قدري الشعري هو المرأة فقط وبكل مسمياتها لأنها أساس الحياة».

يقول "العابد " في قصيدة سياسة:

«كخطوة لهدم الذي بيننا

أغلقت مكاتب ثمثيلك في القلب

طردت كل الديبلوماسين

وشرعت باعتقال عصافيرك من حدائقي

بعد يومين

أفقت وقد حاصرتني بنادقك

كانت الاضرابات تشتعل في أوردتي

عناصري تتظاهر ضدي

تحرق صوري

تهتف بسقوطي

وتعلن عن مطلبها الوحيد

أنت ودون شروط مسبقة».

ويتابع: «تاريخ الشعر مجيد، أما مستقبله فلا أعرف في ظل هذا الواقع، ليست نظرة سوداوية لكنها رؤيتي، اهتمامات الجيل الأدبية تكاد تكون معدومة ولم يعد هناك سوى الطفرات، مع أن الشعر كما يقول الشاعر الكبير "نزار قباني": (الشعر هو تلك الوصفة الطبية التي نجهل تركيبها والتي إذا تناولناها لم يعد تنفسنا طبيعياً ولا نومناً طبيعياً ولا تخطيط قلبنا طبيعياً وهو تذكرة سفر تسمح لنا بالتجوال داخل أنفسنا)، فهل سيولد "نزار"؟ ربما "سورية" حبلى بالنوابغ والمبدعين وأتمنى أن يبقى الشعر لغة أخرى نحكيها بيننا».

يقول عنه الممثل "باسل حريب": «هو طاقة شعرية وفنية فذة، إحساسه عالٍ بكل الأشياء صارم في العمل لأن ديدنه الأفضل والأجمل، زاملته في بعض الأعمال الفنية وفاجأتني الحرفية والإتقان لديه».

يذكر أنّ "أحمد عابد أحمد "من مواليد "الحسكة" 1975 خريج كلية الصيدلة سنة 1997 جامعة "حلب"، شارك في العديد من الأمسيات والأصبوحات الشعرية في "الحسكة" وبعض الملتقيات الأدبية في "دمشق" و"اللاذقية" و"حمص"،كما شارك في كتابة بعض المسلسلات الإذاعية التي قدمت في إذاعة "سنابل أف أم".