تخرج كل يوم من منزلها في حي "خشمان" بـ"الحسكة"، وهي تقود دراجة نارية بثلاث عجلات محملة بالعديد من المواد الغذائية والمنزلية بغية بيعها في الأحياء المجاورة. تجربة لم يسبقها لها أحد من نسوة المحافظة.

«يعتمد زوجي على عمل غير ثابت، وهو ما لا يتناسب مع الظروف الحالية التي نمر بها في ظل ارتفاع الأسعار وثبات الأجور، فقررتُ المشاركة في تأمين مستلزمات المنزل غير مهتمة بالناس وما يمكن أن يتحدثوا به عن عملي الجديد، وكان قراري هذا تشجيع الإناث على أي عمل ترغب به، دون النظر إن كان مخصصاً للذكور فقط". تقول "صباح ناصر" في حديثها لـ"مدونة وطن" وتضيف «باشرتُ عملي بعد حصولي على دراجة نارية تعمل على ثلاث عجلات، تُسمّى في منطقتنا (طرطيرة)، تعلّمت سوقها فترة قصيرة من الزمن، ثمّ انطلقتُ للبيع في الأحياء المجاورة، لم أشعر بردّة فعل سلبية من المجتمع، ووجدتُ تعاطفاً واحتراماً كبيرين لمهنتي الجديدة، والأهم عندي أنها تؤمن جزءاً مهماً من مورد حياتنا اليومية».

ما تقوم به من عمل رائع، لم يسبق أن شاهدناه في "الحسكة"، الأهم أنها تتمتع بالحيوية والحماس والاندفاع والتعامل الراقي مع الناس، كسبت احترام كل من تعامل معها، وكثير من الأسر تنتظر حضورها في أحيائهم للشراء منها حصراً، أثبتت نجاح تجربتها وأضافت روحاً جميلة لعمل الأنثى، وهي نموذج مميز عن المرأة المثالية

عملها اليومي يبدأ من الصباح الباكر، حيث تخرج من منزلها رفقة طفلتها الصغيرة، وتجوب الأرجاء بحثاً عن الزبائن، بأسعار مقبولة للجميع، حيث تحمل في سلة الدراجة بحسب ما تذكر «مختلف المواد الغذائية والتموينية وبعض (الإكسسوارات)، وأتجوّل بها في مختلف أحياء مدينة "الحسكة"، إلى جانب زيارات دوريّة إلى مخيمات اللاجئين، أبيع المواد والمستلزمات الضرورية ذات الأسعار المقبولة، وأستهدف الأهالي في المناطق متوسطة الحال والمعيشة، لذلك يجب أن تكون الأسعار مناسبة ومنافسة، وركزت في فترة الصيف على بيع قوالب الثلج فقط، لحاجة الناس إليها، فقد وضعت ضمن سياستي في العمل الشعور بالناس وما يحتاجونه دون أي احتكار، فالناس تتحدث عن أخلاق المهنة، قبل تأمين المواد وما يحتاجونه».

أديب الخلف

وضعت "صباح" خطّة لتنظيم الوقت بين المنزل والعمل، فالمرأة التي تعمل وتخرج عن المألوف -كما قالت- عليها إثبات قدرتها وجدارتها في أكثر من مكان، وبهذه الطريقة استطاعت أن ترضي نفسها وتؤمن جزءاً مهماً من احتياجات عائلته، على الرغم من ساعات العمل الطويلة التي تتجاوز الست ساعات أحياناً، وإذا صادف وتعطلت دراجتها النارية تحاول قدر الإمكان إصلاحها، حيث باتت تمتلك خبرة جيدة في ذلك.

الشاب "أديب الخلف" من أهالي مدينة "الحسكة" يبدي اعجابه بتجربة "صباح"، ويؤكد في حديثه لـ"مدونة وطن" أنه سمع وشاهد «ما تقوم به من عمل رائع، لم يسبق أن شاهدناه في "الحسكة"، الأهم أنها تتمتع بالحيوية والحماس والاندفاع والتعامل الراقي مع الناس، كسبت احترام كل من تعامل معها، وكثير من الأسر تنتظر حضورها في أحيائهم للشراء منها حصراً، أثبتت نجاح تجربتها وأضافت روحاً جميلة لعمل الأنثى، وهي نموذج مميز عن المرأة المثالية».

تصلح دراجتها

يذكر أنّ "صباح ناصر" من مواليد مدينة "الحسكة" 1972، وقد التقتها مدوّنة وطن في 25 تشرين الأول 2020.