استطاع بجرأته الملفتة وأفكاره الإخراجية المبدعة أن يحقق نجومية محببة لا سيما بين جيل الشباب. "نجدت أنزور" اسم ارتبط بذاكرتنا مع "إخوة التراب" و"نهاية رجل شجاع" واستمر ينعشنا بقسوة الحاضر، وخذلان التاريخ حتى نبقى على صحوة درامية مرتبطة بأعماله المعاصرة.

eHoms التقى بالمخرج "نجدت أنزور" على هامش الندوة الطلابية وعن الدراما المعاصرة ومواضيع أخرى متنوعة، كان معه الحديث التالي:

  • أنت اليوم في "حمص" بين جيل الشباب بكل ما فيه من فضول وزخم أفكار، ما الذي تتوقعه؟

  • جيل الشباب هو أخطر ما يمكن أن يواجه المرء بما فيهم من تمرد وعنفوان وتنوع بالأفكار، واليوم قد نشعر أنا والسيد "حسن م. يوسف" بالخوف نوعاً ما من أسئلتهم، التي أتمناها أن تكون مفيدة للوطن بكل مجالاته، أما في مجال الدراما فإن الشباب هم الأعز والأحب إلي، ولطالما شجعت وجودهم في كل عمل درامي فهم يستحقون فرصة تظهر مواهبهم، والتي لولاها لما أحترف ممثلون عمالقة ومخرجون كبار، والمثال على ذلك أنه وفي أحد أفلامي انتقيت شاباً قابلته في إحدى شوارع ليبيا ولفت نظري بقدرته الكبيرة على التمثيل، وتم اختياره فعلاً ليمثل في الفيلم.

  • تجربتك الكبيرة في الإخراج الدرامي جعلتك تلمس بعض جوانب الضعف فيها، ما هي برأيك؟

  • من خلال الدراما السورية استطعنا أن نكون سفراء حقيقيين لسورية ولكن للأسف هذه القدرة بدأت بالضعف وربما بدأت تتحول لطريق آخر، وهذا نتيجة ضيق الهامش الخاص بالشركات الوطنية، فنحن عندما نرى مسلسلات بإنتاج غير سوري وممثلين سوريين، نلمس أهداف أبعد ما يكون عنا نحن السوريون وعن قضايانا المحورية، فمالهدف من مسلسل قسم الشعب السوري إلى خمس أجزاء من باب الحارة، وجعله أبعد ما يكون عن متابعة قضاياه في مسلسل "كالاجتياح" مثلاً، ومن جهة أخرى فإنّ أكثر ما أكرهه في الدراما السورية هو تكرارا الوجوه، فهناك الكثير من اللذين لم يأخذوا فرصتهم سواء كانوا من جيل الشباب أو من الجيل الذي سبقه.

  • بدأت الدراما التركية تدخل المجتمع السوري بكثافة وأخذت تستقطب جمهوراً واسعاً، ما رأيك بذلك؟

  • الدراما التركية على جماليتها الكبيرة التي تُفعّل قطاع السياحة في تركية، وتروي قصصاً محببة، إلا أنها لا تمت لواقعنا بصلة وهي فرصة عمل لكثير من الممثلين خلال الدبلجة الصوتية، إلا أنها مضرة إلى حد كبير للدراما السورية وتحاصرها بنوع أو آخر.

  • تتميز أعمال "نجدت أنزور" بالموسيقى التصويرية الجاذبة والمدروسة ما أهميتها برأيك؟

  • سابقاً كانت الموسيقى التصويرية مهمشة على حساب المادة الدرامية ولكن الآن مع تقدم وتطور الأعمال الإخراجية واطلاعنا على ما يصنعه الغرب، أصبح للموسيقى دوراً جاذباً كبيراً في جعل المشاهد أكثر تركيزاً وحباً للعمل، إضافة إلى أنها فرصة جيدة لكثير من الموسيقيين الموهوبين لإبراز موهبتهم، وهناك العديد منهم تم إيفاده للخارج لدراسة هذا النوع من الموسيقى الملازمة للأعمال الدرامية، وأظهروا قدرتهم الكبيرة على تفعيلها عند عودتهم للوطن، وأنا شخصياً في خضم التعامل مع "مرسيل خليفة" و"شربل روحانا" للاستفادة من إبداعهم في أعمال مستقبلية قيد الإنجاز.

  • شكّل مسلسل "ما ملكت أيمانكم" جرعة نوعية في لفت الأنظار لقضية خطيرة هي "الإرهاب" على الرغم مما تعرضت له من نقد ومحاربة؟

  • أثناء تصوير أحد مسلسلاته

    *نحن في "سورية" دائماً نعيش على عنوان عريض هو "الدين لله والوطن للجميع" واستخدام الإسلام كوسيلة سياسية هو أبشع ما يكون، وأخطر ما يكون، فقد سبق عرض مسلسلات قوية محورها الإرهاب مثل "الحور العين، المارقون"، أمّا "ما ملكت أيمانكم" فأنا لم أجلب شيئاً من عندي ولا أهاجم أية عقيدة أو أي مظهر، كالحجاب مثلاً فأنا أحترمه واحترم من كان محترماً وهو مرتدي للحجاب ومن كان محترماً وهو دون حجاب، فهو ليس وسيلة لتصنيف البشر، وإنما أصبح سلوك وفي كثير من الأحيان موضة لها ألف لون وشكل، أمّا موضوع الإرهاب في المجتمع السوري، فنحن عانينا وللأسف قبل مدة من هجمة إرهابية كادت تودي بحياة أطفال مدرسة ابتدائية لولا حصول العملية في يوم عطلة وللأسف أودى بحياة كثير من الأبرياء، إضافة لمحاولات كثيرة لسرقة البنوك والشركات ومحطات الوقود من قبل الإرهابيين والأصوليين أيضاً، يضاف له حكايا الفتيات التائهات اللواتي أردنا عرضها لإيصال مغزى أو تحذير لسبل العيش غير الصحيحة إذن فالمسلسل هو نقل للواقع وليس تحريفاً أو كفر بالإسلام وازدراء به.

  • برأيك كيف نستطيع أن نفعّل دور الطبيعة الخلابة في سورية في مسلسلات أخرى كما فعلت بيئة "ضيعة ضايعة"؟
  • المخرج "نجدت أنزور" مع مراسلة eHoms

    *الطبيعة الجميلة دائماً موجودة في الأعمال الدرامية، إلّا أنّ الصعوبة تكمن في جعل الناس تهتم بكل قطعة من أرضها كما لو كانت ستديو تصوير، ودون الحاجة للتنبيه المستمر في الحفاظ على نظافتها بطرقها وشوارعها، فإذا ما تم ذلك ستخدم الدراما قطاع السياحة بشكل أكبر.

  • في ظل العلاقات الودية والدبلوماسية الجيدة بين "سورية" و"تركيا"، هل تعتقد أنّه يمكن إعادة عرض مسلسل "أخوة التراب" بنفس الصدى السابق؟

  • لو لم يعرض "أخوة التراب" لما أصبحت هذه العلاقات الودية حقيقية، وهذا دليل أنّ الدراما سلاح كبير في تغيير المواقف وإظهار الحق وربما إعادته، والآن ما زالت القضايا تطرح وبغزارة في مسلسلات مثل "أنا القدس" وغيرها.

  • ما هو جديد "نجدت أنزور"؟

  • الأعمال المستقبلية قيد الإنجاز تدور حول قضيتين أساسيتين أولها محاربة التطرف والتعصب والأصولية كمتابعة لما بدأناه في "ما ملكت أيمانكم" وما سبقها بمسلسل "جند الله"، وقضية النضال الفلسطيني وأشهر أعلامه "محمود درويش" إضافة ما للشخصية من خصوصية وشهرة إنسانية وعالمية وأدبية كبيرة.