"حمص" المدينة التي تتوسط سورية والتي يتجلى في شوارعها تاريخ سورية الممتد إلى آلاف السنين، تعاقبت عليها حضارات عدة تركت كل منها بصمتها الخاصة، وعرفت المدينة أنها مدينة الكرم والجمال وعرف أهلها بطيب معشرهم وحبهم للفكاهة فذاع صيتهم في كل مكان..

وخلال الأسابيع والأيام الماضية حصل في "حمص" ما عكر أمنها وهدوءها وجعل أهلها الآمنين في قلق دائم شمل كافة شرائح المجتمع..

نحن نحب مدينتنا ونحب أهلها والكل في "حمص" يد واحدة في مجابهة التخريب والفتنة، ومن المعروف تاريخياً أن أهالي "حمص" كلهم إخوة وأصدقاء

لمعرفة رأي سكان مدينة "حمص" بما حدث في مدينتهم في الفترة الواقعة بين 25/3/2011 و19/5/2011 موقع eHoms تجول في المدينة يوم الخميس 19/5/2011 والتقى عدداً من الناس وكان اللقاء الأول مع الشاب "مضر عمار المصري" أحد شبان مدينة "حمص" والذي يدرس في "جامعة البعث" فتحدث أولاً عن الدوام الجامعي خلال شهري آذار ونيسان فقال:

المحامي "شعيب شعبان"

«الحقيقة الدوام الجامعي في "جامعة البعث" لم يكن مستقراً وكان ذلك بسبب الظروف الأمنية التي تمر بها المدينة، فالعديد من الطلاب لم يأتوا إلى الجامعة لعدة أيام وخاصة الطلاب الذين يسكنون في ريف "حمص" وأطرافها، مما اضطر أساتذة الجامعة إلى تأجيل بعض المحاضرات ولكن سمعنا من الجهات الإدارية بالجامعة أن هناك محاولة لتبرير غياب هؤلاء الطلاب..

وأظن أن الأوضاع التي مرت بها "حمص" أثرت بشكل أو بآخر على الدراسة، لأن الكثير من الطلاب لم يستطيعوا الدراسة في منازلهم لأنهم قلقون مما يجري في مدينتهم حمص لذلك يجب النظر في الامتحانات القادمة لكي تراعي وضع طلاب "حمص"..».

أهالي "حمص" عصيون على الأزمات

وأضاف:

«نحن نحب مدينتنا ونحب أهلها والكل في "حمص" يد واحدة في مجابهة التخريب والفتنة، ومن المعروف تاريخياً أن أهالي "حمص" كلهم إخوة وأصدقاء».

أما الآنسة "ديما الزيات" من أهالي حي "باب السباع" والمدرّسة في مدرسة "الروافد الخاصة" فقد حدثتنا عن شعور أهالي "حمص" بالأزمة التي مرت بمدينتهم فقالت:

«الأزمة التي مرت على "حمص" وعلى كل الوطن كانت محور حياة الناس، فالكل يتحدث عما يجري في بعض أحياء وأرياف "حمص" وهذا يدل على عمق اندماج الناس بوطنهم وحبهم له، لأن ما يحدث في الوطن الآن يحزن كل إنسان شريف، فكلنا إخوة في الوطن وإن تأثر أي مكان في الوطن تأثرت له باقي المناطق..

وما جرى أثر على كل المواطنين وخاصة الأطفال الذين لم يعودوا يستطيعون التجول لوحدهم في الحارات وقرب المنازل..و رغم كل ما جرى فإن كل الناس في "حمص" تؤمن بالوحدة الوطنية وضرورة حل هذه الأزمة وطنياً بدون تدخل خارجي أو إقليمي لأن الوطن غال جداً.. وقد أثبت أهل "حمص" خلال الأسابيع الماضية أنهم عائلة واحدة رغم كل ما جرى».

وعن دور الأساتذة والمعلمين في المدارس قالت:

«خلال الأيام الماضية كان معظم الأساتذة يقومون بحوار دائم مع الطلاب والتلاميذ الصغار خلال الحصص الدرسية لكي يفهم هؤلاء الطلاب حقيقة ما يجري وأن الأمور مستقرة وما هي إلا غمامة عابرة ستمر كما مر غيرها قديماً..».

الهدوء الحذر كان سمة الشارع في "حمص" خلال أيام الأزمة، ولكن هذا الهدوء كان هناك ما يعكره وخاصة في أيام الجمعة وبعض الأيام الأخرى من الأسبوع، وللأسف فقد سقط عدد من الشبان خلال الاضطرابات فمنهم من استشهد ومنهم من جرح لذلك كان رجال الإسعاف و"الهلال الأحمر العربي السوري" على أهبة الاستعداد لمساعدة الجرحى والمصابين.. وعن ذلك حدثنا المحامي "شعيب شعبان" رئيس مجلس إدارة "منظمة الهلال الأحمر العربي السوري" في "حمص" فقال:

«حصلت اشتباكات مسلحة ضمن أحياء مدينة "حمص" مثل حي "باب السباع" و"البياضة" وفي بعض المناطق خارج المدينة مثل "الرستن" و"تلكلخ" و"بابا عمرو" وهذا أدى إلى وقوع إصابات واستشهاد وجرح عدد من أهالي "حمص" وبما أن "الهلال الأحمر العربي السوري" ذو رسالة إنسانية فقد قمنا بالمساعدة والإسعاف ونقل المصابين إلى المشافي، وكان ذلك بالتنسيق والمشاورة مع الجهات الأمنية المسؤولة بحمص، كما كنا خلال الفترة الماضية نعمل جنباً إلى جنب مع رجال الإسعاف لكي نحقق أكبر فائدة ومساعدة لكل من يحتاجها في "حمص" وريفها..

إضافة لذلك قمنا بعدد من حملات التوعية الاجتماعية في كثير من أحياء "حمص" وكان للشباب في "الهلال الأحمر العربي السوري" دور كبير وبارز في ذلك لأن الوعي وضبط النفس مهم جداً في حالات الفوضى والأزمات.

والحقيقة أننا تلقينا كل الدعم والمساعدة من الجهات الحكومية ولاسيما "وزارة الداخلية" و"محافظة حمص" لكي نستطيع الوصول والمساعدة في كافة مناطق "حمص"..

وأظن أن الأزمة قد مرت وأصبحت من الماضي والمسألة مسألة وقت لكي تعود الحياة كما كانت لأن أهالي "حمص" محبون للحياة وللوطن وهم قادرون بوحدتهم تحت علم واحد على اجتياز كل الأزمات».