لم تكن كلماته مجرد أشعار كباقي نظرائه خصوصاً لدى محبيه الذي تخطوا حدود البلد الواحد، فكان شاعراً يكتب التاريخ والمستقبل بفكره الذي جعله في مرتبة قلّ من وصل إليها.

كان لساعة رحيله يوم الحادي والعشرين من آذار عام 2006، رنَّة حزنٍ في مدينته، هوى جسده لكن بقيت حروفه وكلماته، هكذا استذكر "رياض زيد" أيامه في الثانوية عام 1955؛ عندما دخل أستاذه "عبد المعين الملوحي" أول مرة لتدريسه اللغة العربية، وذلك عندما التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 كانون الثاني 2016، بعد أن تجاوز عمره السبعين عاماً، ليحدثنا عنه بقوله: «درّسني المرحوم "عبد المعين الملوحي" مادة الأدب العربي في مدرسة "التجهيز الثانية" في الصف الثالث الثانوي، لم أكن يومئذٍ ألتقي مع فكره وهو الماركسي الثقافة، المتمرد النزعة، إلا إنني كنت ورفاقي في الصف نشدّ خلال خمسين دقيقة إلى عالمه البديع من البيان والجماليات اللغوية، فلا يوقظنا إلا صوت الجرس ينهى الحصة الجميلة الممتعة.

كان عضواً مؤسساً لاتحاد الكتاب السوريين عام 1951، وعضو اتحاد الكتاب العرب في "سورية"، عمل مديراً للتراث في وزارة الثقافة السورية، وعمل مديراً للمركز الثقافي في "حمص"، ونشر كتاباً ضخماً مترجماً عن الشعر الفيتنامي نال عليه جائزة الصداقة الفيتنامية، كما نشر العديد من الكتب المترجمة عن اللغة الصينية، ونال العديد من الأوسمة منها دولة "بولونيا"، ولقب أستاذ شرف من جامعة "بكين"

كانت الجدّيةُ ترسم محيّاه بخطوطها العميقة عندما ابتدأ درسه صباح يوم من شتاء ذلك العام، وأذكر عندما قال لنا: (أنتم اليوم في صف البكالوريا، وأشهر تفصلكم عن عالمكم الطلابي وتدخلون عالم الكبار -فقد كان معظم جيلنا يأخذ طريقه إلى الوظيفة بعد حصوله على شهادة البكالوريا- فأنتم اليوم زملائي، لقد قضيتُ عشرينَ عاماً من الأربعين الأولى في إيمان مطلق، وقضيتُ عشرينَ عاماً أخرى في جحود مطلق، وأريدُ أنْ أقضي ما بقى لي من أيامي في إيمان قلبي ناعم لذيذ وفي استسلام عقلي هادئ عذب). ولا أنسى البيتين اللذين ختم بهما قصيدته الشهيرة:

منقذ الملوحي

ســـأعود للإيمـان يمــلأ برده عقـلـي وقلبــي

ســـأعود أحمل في دمــي ربي وإيمــاني بشعبي».

رياض زيد

نجله الإعلامي "منقذ الملوحي" تحدث عن الوالد الشاعر وتاريخه الأدبي ويقول: «بدأ والدي كتابة الشعر وهو في الثانية عشرة من عمره، وعاش مع القلم والكتاب طوال ثمانية عقودٍ من حياته، ترك خلفه أكثر من 96 كتاباً مطبوعاً والكثير من المخطوطات غير المطبوعة، قرأ الأدب الغربي عن اللغة الفرنسية التي أتقنها وبقي في تواصل دائم مع الفكر والأدب الفرنسي ينهل ويتفاعل معه؛ وهو ما جعله يحلق في أجواء الثقافة العالمية.

وخلال عمله في "الصين" ملحقاً ثقافياً ومدرّساً لمادة اللغة العربية عاش أجواء الثقافة الآسيوية الشرقية، فأكمل فكره الإنساني العالمي، كتب في الصحافة وذيل توقيعه باسم شيوعي مزمن حتى عرف بهذا الاسم له العديد من المؤلفات المهمة، لكن أبرزها قصيدة "قدر وجريمة" التي طبعت ومن ثم سحبت من التداول، وما زالت تنشر مطبوعة غير كاملة، كان يجري تناقلها بكتابة اليد؛ وعلى الرغم من ذلك انتشرت انتشاراً غريباً؛ علماً أنها كانت قصيدة رثاء زوجته الوالدة "بهيرة" التي توفيت بسبب السرطان، والتي حققت جدلاً كبيراً لدى متابعيه».

ويضيف: «كان عضواً مؤسساً لاتحاد الكتاب السوريين عام 1951، وعضو اتحاد الكتاب العرب في "سورية"، عمل مديراً للتراث في وزارة الثقافة السورية، وعمل مديراً للمركز الثقافي في "حمص"، ونشر كتاباً ضخماً مترجماً عن الشعر الفيتنامي نال عليه جائزة الصداقة الفيتنامية، كما نشر العديد من الكتب المترجمة عن اللغة الصينية، ونال العديد من الأوسمة منها دولة "بولونيا"، ولقب أستاذ شرف من جامعة "بكين"».

يذكر أن "عبد المعين الملوحي" من مواليد "جورة الشياح"، عام 1917 في مدينة "حمص"، درس في المدارس الثانوية ونال شهادتها في "دمشق" عام 1938، حصل على إجازة الآداب من "القاهرة" عام 1945، وبدأ العمل مدرساً عام 1945، ودرس في "حمص" و"اللاذقية" و"حماة"، أول قصيدة نشرت له عام 1936، وأول كتاب قام بترجمته عام 1944؛ وهو كتاب "ذكريات حياتي الأدبية" لـ"مكسيم غوركي".