تقع في قرية "حبنمرة" بريف "حمص" الغربي، وتنحدر من جبل "حردوق"، جاورها الناس لوفرة مياهها وغزارتها؛ ترويهم وتسقي الزرع، وأصبحت عنواناً لكل زائر، وحاجة لأي مزارع.

زارت مدونة وطن "eSyria" "عين مريم" بتاريخ 26 حزيران 2017، والتقت "عبد المسيح حاطوم" من قرية "حبنمرة" والمقيم قرب العين، ليتحدث عنها قائلاً: «هي نبع مياه ينحدر من جبل "حردوق" المطل على قرية "حبنمرة"، الذي يعدّ جزءاً منها، يعود الفضل إلى هذه العين في أنها أوجدت الحياة، فمنذ زمن بعيد كان الناس يتجمعون ويعيشون بالقرب من ينابيع المياه والأنهار؛ لأنها تؤمن أولى وأهم حاجاتهم؛ ألا وهي الماء، ومنذ القديم كانت العين تستخدم لري البساتين والأراضي الزراعية الموجودة حولها، فكانت المياه تصل إلى أكثر من 200 أرض زراعية من خلال قنوات صنعها الناس من الحجر والجبصين متوزعة بين هذه الأراضي، فكان لكل أرض أو بستان حصة زمنية من المياه تتم بالاتفاق بين الناس حسب مساحة الأرض وحجمها».

لهذه العين فضل كبير على سكان القرية، أذكر عندما كنت صغيراً كنا نستخدم "الراوي"؛ وهو عبارة عن كيس من الجلد مخصص لنقل المياه والحفاظ عليها، يأتي الناس إلى العين، ونقوم بملء الجرار و"الراوي"، ثم نضعها على ظهور الخيل، ونعود بها إلى المنازل، يومياً أرى العين ودائماً أسمع باسمها من الناس لدرجة أن اسم عين "مريم" أصبح ملاصقاً لاسم القرية، حيث إن "حبنمرة" وعين "مريم" اسمان مختلفان، لكن الجوهر واحد

وعن البناء الذي يحيط بالعين يتابع "حاطوم": «كانت العين على شكل قنوات من الحجر صنعها أهالي القرية، وكانت الغاية من هذا استخدام مياهها في المنازل، فقد كانوا ينقلون المياه بالجرار والأوعية الفخارية للطهو والشرب والتنظيف.

منظر لعين مريم

منذ مدة قررت الجمعية الخيرية في قرية "حبنمرة" تنظيم مجرى العين أكثر، فوضعت قنوات وأنابيب بأبعاد متساوية لسهولة التعبئة أكثر، لأن شبكات المياه التي تصل إلى المنازل في ذلك الوقت لم تكن كثيرة، بل كانت نادرة، وبعد زمن قامت بطريركية الروم الأورثوذكس بتجميلها من خلال بناء هيكل من الرخام حول العين، وبناء حوض من الحجر لتصريف المياه إلى الأراضي التي تحتها، لأن مياه العين تكون جداً غزيرة في فصل الشتاء فتقطع الطريق على المارة مسببة بركة واسعة من الماء، لكن بعد بناء الحوض، أصبحت منظمة أكثر؛ وهو ما ساعد على تصريف المياه من أسفل الطريق، كذلك ومن خلال بعض المغتربين الذين تبرعوا بمبلغ مالي، تم تجميل الهيكل العام وتحسين مظهره حتى أصبح كما هو اليوم».

وعن غزارة مياهها وتحليلها يتحدث "حاطوم": «تغزر المياه جداً في فصل الشتاء، خاصة عندما يحدث الرعد والبرق؛ فيصبح التدفق غزيراً، ثم تبدأ التناقص تدريجياً حتى نهاية الصيف، لكنها لا تنقطع أبداً، وأحياناً كانت في فصل الشتاء وخاصة إذا كان الشتاء قاسياً والهطولات المطرية كثيرة يصل ثخانة مياه عين "مريم" إلى 15 إنشاً، فلا يستطيع أحد أن يعبر من أمامها؛ لأنها تتحول إلى شلال وتسبب بركة ماء واسعة جداً. أما عن تحليل المياه، فقد قامت وزارة الصحة بتحليلها، إضافة إلى بعض الأشخاص الذين حللوها في مخابر خاصة، وكانت النتائج أنها صالحة للاستهلاك البشري؛ وهذا الأمر معروف عند كل أهالي القرية؛ لأن الأسلاف يستخدمون مياهها منذ زمن بعيد».

عندما تكون المياه قوية

"شحادة قزعور" من أهالي "حبنمرة"، يضيف عن عين "مريم": «لهذه العين فضل كبير على سكان القرية، أذكر عندما كنت صغيراً كنا نستخدم "الراوي"؛ وهو عبارة عن كيس من الجلد مخصص لنقل المياه والحفاظ عليها، يأتي الناس إلى العين، ونقوم بملء الجرار و"الراوي"، ثم نضعها على ظهور الخيل، ونعود بها إلى المنازل، يومياً أرى العين ودائماً أسمع باسمها من الناس لدرجة أن اسم عين "مريم" أصبح ملاصقاً لاسم القرية، حيث إن "حبنمرة" وعين "مريم" اسمان مختلفان، لكن الجوهر واحد».

الشاعر "منيف كنوزي" من أبناء قرية "حبنمرة"، كتب ديوان شعر عن قريته، يقول عن عين "مريم":

عين مريم القديمة

"ياعين مريم إرثنا الراقي

منهل محبة تحرسو حداقي

وكل شي شفت بكونا ينابيع

لا شفت متلو ولا بقى لاقي".