قليلون من يسخّرون نشاطهم التجاري أو المهني لخدمة الشأن الثقافي، لكن الإيمان العميق بأهمية ثقافة الإنسان لتحقيق نهضته، جعل منها مؤسسة تنموية شريكة في بناء المجتمع.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 شباط 2019، "يزيد جرجوس" مدير المؤسسة، الذي تحدَّث عن ظروف نشأتها وأهدافها، وقال: «أبصرت المؤسسة النور عام 1993 كنشاطٍ تجاري، وعلى الرغم من هذا الطابع، إلا أنني صممت أن تسبق كلمة التنمية كلمة التجارة، ورسالتي لم تكن يوماً ماديةً بحتة، لأنني أؤمن بأنَّ قطاعات المجتمع المختلفة لا بد أن تكون شريكاً مع المؤسسات الحكومية في المساهمة بكل ما يخدم بناء الإنسان والمجتمع من خلاله لاحقاً، هذه الأفكار والمبادئ انعكست على النهج الذي اتبعناه في عمل المؤسسة، من خلال تخصيص جانب من الأرباح المالية لدعم النشاطات الثقافية على اختلاف تنوعها، لما للثقافة من دورٍ كبير في بناء إنسانٍ واعٍ تجعل منه عنصراً فاعلاً في تطور المجتمع».

من خلال تعاملي مع مؤسسة "يزيد جرجوس" للتنمية في عدة أمسيات موسيقية مع فرقة "بيانو بار"، لمست ذلك الرقي والاهتمام الشديد بدعم الثقافة وأصحابها، والتقدير العالي للمواهب الفنية والأدبية، وما يميزهم تلك اللباقة والاحترام في العمل من جميع أعضاء فريق العمل الخاص بها، وأتمنى أن تبقى المؤسسة على ذات الطريق المرسوم عندها، وتحقيق المزيد من النجاحات بما يدعم نشر الثقافة على أوسع مدى

ويتابع "يزيد جرجوس" حديثه عن النشاطات التي أظهرت الدور التنموي للمؤسسة، ويقول: «بعد زوال الإرهاب من مدينتنا الجميلة "حمص"، كان على جميع أبنائها المشاركة في إزالة آثاره في الإنسان والمكان، هنا بدأت مع بعض الشباب تكوين فريق عملٍ تطوعي يهدف إلى المساعدة في تنظيف تلك الآثار، لكي نسهم بقدر استطاعتنا في تأمين عودة الحياة، تمَّ تأطير هذا الفريق تدريجياً تحت سقف المؤسسة، لكي يصبح المسؤول عن الإشراف والتنظيم لكل الفعاليات الفنية لاحقاً، إن كانت عروضاً مسرحية، أو أمسياتٍ موسيقية، أو معارض للكتاب والفن التشكيلي وأعمال النحت والسينما، وأعضاء الفريق من الشباب الجامعيين المثقَّفين والمتخصصين، فبدأت المؤسسة رعاية الحفلات الموسيقية ذات الصلة بمناسبات وطنية ودينية، منها مثلاً "سورية القيامة"؛ وهو عملٌ ضمَّ فيه فرقة أوركسترا من العازفين المحترفين، إضافة إلى المرنمة "حلا نقرور"، أردنا منه أن يكون رسالة سلامٍ جامعة لكل أطياف المجتمع، إضافة إلى أنَّ الكتاب والكلمة من أساسيات اهتماماتنا الثقافية؛ لما لهما من دورٍ كبير في نشر ثقافة القراءة وتهذيب النفس، فكانت رعايتنا وتنظيمنا للعديد من الفعاليات المرتبطة بذلك، ومنها مساهمتنا في رعاية مهرجان "جبران خليل جبران" الثقافي، الذي أقيم في مدينة "طرطوس" عام 2018».

يزيد جرجوس صاحب المؤسسة

وعن الجوانب الثقافية الأخرى التي ترعاها المؤسسة وتسهم في دعمها، يضيف "يزيد جرجوس" قائلاً: «الثقافة لا تقتصر فقط على الفنون والأدب، بل نولي للعلم والتعليم أهميةً كبيرة، لذا بدأت المؤسسة منذ عام 2017 تقديم منحة دراسية للطلاب المتفوقين في الثانوية "الإنجيلية الوطنية" ابتداءً من الصف الأول الإعدادي حتى الشهادة الثانوية، وأيضاً الرياضة والمتميزون فيها لهم حصَّة من الدعم الثقافي والإنساني، فعلاقتنا مع نادي "السلام" للرياضات الخاصة قائمة، ونقدم لهم باستمرار ما يلزم لتعزيز مسيرة رياضييه، وكذلك لنا مساهمة في مجال البيئة والخدمات البلدية، من خلال ورشات النظافة في عدد من الأحياء، وتركيب أجهزة إنارة تعمل بالطاقة المستدامة، لأنَّ هذا كله يصبُّ في خدمة الإنسان؛ هدفنا الأساسي في عملنا التنموي، وما زلنا مستمرين في تقديم كل ما نراه داعماً للإنسان لبناء مجتمع سليم ومتقدم».

"حسن بعيتي" الشاعر والأديب له تجربة مع نشاطات مؤسسة "يزيد جرجوس"، عنها يقول: «إذا قلنا إنَّ الازمة التي يعيشها مجتمعنا في المقام الأول أزمة ثقافة، فقد نكون محقين؛ فالثقافة أول ما تعنيه أن يتعلم كلُّ شخص ما يلزمه لكي يتقن عمله على أحسن وجه، إن كان الطبيب، أو المهندس، أو الطالب، أو الحرفيّ، أو الكاتب وحتى المواطن العادي في بيته، من هنا تظهر المجتمعات المثقفة، فالمجتمع الذي يؤمن بالثقافة والعلم سيصل لا محالة إلى حل جميع مشكلاته، لهذا كله ولأنني أعي ما نحتاج إليه اليوم، كنت سعيداً جداً وفخوراً بتعاوني مع هذه المؤسسة الراقية، التي تقوم بدورٍ مهم ومميز في نشر هذا المستوى من الوعي في محافظة "حمص"، بل تعدّت حدودها أيضاً، وأنا حريصٌ على متابعة جميع الفعاليات التي تقوم بها وترعاها من جلساتٍ أو ندواتٍ فكرية وأمسيات ثقافية وفنية، وأتمنى أن يتعاون معها كلُّ من يستطيع، وتكون ملهمة لغيرها من المبادرات، لأنَّ حياتنا لن تتغير أو تبلغ ما نحبُّ لها إلاَّ إذا بدأنا من هنا».

شهادة تكريم عن مشاركتهم

"جولي موسى" مغنية أوبرالية لها تجربة عمل مع المؤسسة، عن ذلك قالت: «من خلال تعاملي مع مؤسسة "يزيد جرجوس" للتنمية في عدة أمسيات موسيقية مع فرقة "بيانو بار"، لمست ذلك الرقي والاهتمام الشديد بدعم الثقافة وأصحابها، والتقدير العالي للمواهب الفنية والأدبية، وما يميزهم تلك اللباقة والاحترام في العمل من جميع أعضاء فريق العمل الخاص بها، وأتمنى أن تبقى المؤسسة على ذات الطريق المرسوم عندها، وتحقيق المزيد من النجاحات بما يدعم نشر الثقافة على أوسع مدى».

الشاعر حسن بعيتي