من عبثية الطفولة وخطوط بلا معنى رسمت الزهر والشجر والبحر، لتعتلي منصب إدارة المركز الثقافي العربي في "حمص"، وترسم دربها نحو الإبداع الأدبي بالرواية والقصة والعديد من دراسات الإصلاح الاجتماعي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 شباط 2019، الأديبة "خديجة بدور" لتحدثنا عن ومضات الإبداع في حياتها ومسيرتها الإبداعية، فقالت: «تزوجت كفتيات جيلي وأنا في المرحلة الثانوية، لكن ذلك لم يمنعني من متابعة تحصيلي العلمي، فحصلت على إجازة بالفلسفة من كلية الآداب بجامعة "دمشق"، ودبلوم تأهيل تربوي، وأتيحت لي الفرصة للعمل بوزارة الثقافة كمرشدة ثقافية في مديرية ثقافة "حمص"، حتى تسلمت إدارة المركز الثقافي لعدة سنوات خلال الحرب من عام 2013 حتى عام 2019، فكان ذلك حافزاً لي على الإبداع، فأصدرت خمسة أبحاث اجتماعية، ومجموعتين قصصيتين، وديوانين بشعر النثر، إضافة إلى روايتين، وكانت الحرب ملهمة لي لتشتعل حروفي، وتخرج الكلمات صادقة شفافة تتحدث عن آلام وطن جريح، تخللها صور حيّة من صميم الواقع، سأظل أكتب بقلبي ومداد حبري دمعي وفرحي حتى تموت قلوب الناس، فالكتابة بالنسبة لي كالنهر العذب الدائم الجريان».

من خلال عملي أثرت وتأثرت بالكثيرين من المثقفين والقامات، فكنت الأذن المصغية لهم، واستفدت من تجاربهم سواء بالقصة أو الشعر أو الرواية

الإصلاح هدفها تناولته بعدة أبحاث، قالت متحدثة عنه: «بدأت الكتابة لنفسي لأوثق خواطري الأدبية والاجتماعية، تناولت فيها هموم مجتمعي المتصدع، وبنظرة إصلاحية مستقبلية أستشف المستقبل من الحاضر، فسلطت الضوء على المشكلة، ووضعت الحلول الإصلاحية ضمن عدة دراسات وأبحاث اجتماعية، منها: "الحدث"، و"العقاب"، ومخاطر العقاب النفسي والجسدي على الطفل، فأخذت مشكلات الطفولة في الرياض والمدارس حيزاً كبيراً من تفكيري، فهو يدل على عجز المربي في إقناع الطفل بوجهة نظره، فيستخدم العقاب الجسدي، وتطرقت إلى آثار العقاب على نفسية الطفل. أما "الحدث"، فتناولت فيه تأثير الأسرة والمدرسة ورفاق السوء في سلوك الحدث والأشياء التي يكتسبها من الوسط المحيط».

ميمونة العلي

وعن تناولها المرأة في كتاباتها، قالت: «تناولت المرأة في العديد من كتاباتي، منها "الوجه المضيء للمرأة"؛ وهو بحث اجتماعي سلطت الضوء من خلاله على الوجه المضيء للمرأة والإيجابيات التي تتمتع بها بعطائها بتربية أطفالها وسلوكها الاجتماعي، فحملتُ همَّ المرأة ومعاناتها وخوفها من فقد كيانها، وهو من الكتب التي أعتز بها، فمن خلاله أثبتّ أن المرأة السورية من أقوى نساء العالم بعطائها وتقديم فلذات أكبادها فداء لتراب الوطن، فقد استندتْ المرأة في الحصول على حقوقها على تاريخنا الحافل ببطولات النساء من "جوليا دومنا، وزنوبيا" حتى تاريخنا المعاصر، حيث نرى المرأة تعتلي أعلى المناصب وتثبت جدارتها. وقد تناولت بمؤلف "المرأة قوة" عدة نساء سجل التاريخ أسماءهن بحروف من النور، وهنّ من التاريخ المعاصر».

أما عن عملها بإدارة المركز الثقافي بـ"حمص" وماذا أضاف إليها، فقالت: «من خلال عملي أثرت وتأثرت بالكثيرين من المثقفين والقامات، فكنت الأذن المصغية لهم، واستفدت من تجاربهم سواء بالقصة أو الشعر أو الرواية».

غلاف "المرأة قوة"

تميزت قصصها بلمسة إنسانية؛ فهي من صلب الواقع، تحدثت عنها قائلة: «قصصي "نبض الشارع"؛ مجموعة مواقف إنسانية عشتها أو سمعت عنها، هي همٌّ إنساني في مجتمع متصدع، قصص عشتها أو سمعتها أو كنت الحكم لأبطالها، تحمل العديد من القضايا الإنسانية التي تحمل بين طياتها الكثير من الألم والعواطف الشفافة الصادقة، ولا تخلو من الخيبات وتحطيم أحلام وآمال أبطالها على صخرة الواقع، وتتناول الصراع الدائم بظل سيطرة الأعراف والتقاليد البالية، فحاولت أن أقدم من خلال قصصي رسائل إنسانية تحمل مبادئ سامية، بمحاولة متواضعة لتبديل هذه العادات السيئة في مجتمعنا من خلال الكلمة لشيء جميل، فرواية "عودة السنونو" حكاية آلام وأوجاع المهاجرين وحنينهم الدائم إلى الوطن، وعودتهم إلى حضنه، لأقول من خلالها إن الغربة في الوطن موت بطيء والفقر في الوطن غربة، ولا يوجد أقسى من الغربة، فالعمر يمر من دون حساب حيث نفارق أحبابنا».

الشاعرة الإعلامية "ميمونة العلي" تحدثت عنها: «عرفت الأديبة "خديجة بدور" قبل 15 عاماً، بعد تسلمها الإرشاد الثقافي في المركز الثقافي بـ"حمص"، فهي كالنحلة الدؤوب تجوب حقول الأدب، قدمت لمنبر المركز الثقافي العديد من المواهب والإبداعات، وعلى الرغم من ظروف مرضها، بقيت سنديانة راسخة لا تبارح المركز الثقافي وعلى الرغم من ظروف الحرب القاسية على "حمص"، فلم تتوانَ عن رعاية النشاطات الثقافية، ولا تغيب عن ذاكرتي عودتها إلى العمل بعد أيام من إجراء عملية جراحية لها، وكان لها بصمة من خلال كتاباتها في تنشئة الجيل بنظرة إصلاحية للتعامل مع المراهقين، ومن أهم إبداعاتها كتاب "أديبات من همس" بالتعاون مع الأستاذ المرحوم "فيصل شيخاني"، تجلُّ المرأة وتثمن جهودها في حقول الفن والأدب والإعلام، عرفناها أديبة متواضعة مثابرة، لم تثنها الظروف عن متابعة مسيرتها الأدبية والوظيفية».

غلاف "بحث العقاب"

يذكر، أن "خديجة بدور" من مواليد "حمص" عام 1958، حاصلة على إجازة في الآداب، قسم الفلسفة، وشهادة دبلوم تأهيل تربوي، حيث أنهت عملها الإداري في المركز الثقافي بـ"حمص" بتكريم يليق بمسيرتها النضالية، وتفرغت للإبداع الأدبي.