سرحت بعالم الخيال وتاهت عن متابعة دروسها، رسمت خطوطاً من وهم على كتبها ودفاترها، واستطاعت بلمسات فنية أن ترسم دربها على طريق الإبداع.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنانة التشكيلية "كارمن شقيرة" بتاريخ 3 آذار 2019، لتحدثنا عن مسيرتها الفنية قائلة: «كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما استرعى انتباه مدرّس الرسم دقتي برسم التفاصيل أثناء تكليفنا برسم كف اليد، فكانت بداية انطلاقتي، حيث كان له دور فاعل في رعاية موهبتي وتوجيهي لأصبح من الرواد بمجال الرسم على مستوى القطر في منظمة "شبيبة الثورة"، لكن بسبب الظروف المعيشية الضاغطة لم أستطع تحقيق حلمي والالتحاق بكلية الفنون الجميلة في "دمشق"، لكن ذلك لم يثبط من عزيمتي، فتابعت رعاية موهبتي في فن الرسم، ودرست الفنون التشكيلية من خلال التحاقي بمعهد "صبحي شعيب" للفنون التشكيلية لمدة ثلاث سنوات، وفي عام 2003 تخرجت فيه وشاركت بكافة معارض وزارة الثقافة داخل المحافظة وخارجها، وفي عام 2009 انتسبت إلى اتحاد الفنانين التشكيليين بـ"حمص".

شاركت بلوحتين؛ الأولى لزوجي الذي كانت له بصمات بارزة في مسيرتي الفنية، وله الفضل الأول في مشاركاتي واهتمامي بفني بتشجيعه الدائم. أما اللوحة الثانية، فهي لطفلي، وقد سببت التباساً عند كل من شاهدها، فقد رأوا صورة وجهي من خلال طفلي

لكننا توقفنا عن النشاطات مدة خمس سنوات خلال الحرب الكونية على "سورية"، وخلال هذه الفترة شاركت في عام 2013 بملتقى للفنانين بـ"دمشق" عبر إرسال لوحاتي من دون حضور بسبب الأحداث القائمة في تلك الفترة وصعوبة السفر، وقد فقدت ما يتجاوز العشرين لوحة كانت موجودة في مقر اتحاد الفنانين التشكيليين بـ"حمص" بسبب الحرب».

أميل فرحة

وعن انتمائها إلى إحدى المدارس وظهور اللون الأزرق كعلامة بارزة في أغلب لوحاتها، قالت: «عندما تطلبون من فنان الانتماء إلى مدرسة معينة فأنتم (تؤطرونه)، وأنا أتبع بأغلب أعمالي المدرسة الواقعية، لكنني كثيراً ما أجنح إلى المدرسة التعبيرية، وأميل إلى رسم الإنسان أي البورتريه، وقد تناولت التراث المعماري في "حمص" و"حلب" بعدة لوحات بهدف إبراز الهوية السورية وإظهار طابع كل مدينة.

أما اللون الأزرق، فهو من الألوان الباردة التي أميل إليها، وعلى الرغم مما يوحيه من هدوء، فإن الفنان ليس بالضرورة أن يكون هادئ الطباع، فأغلب الأحيان الفنان متقلب المزاج؛ وهو ما يعطي غنى وتنوعاً في أعماله، فترى ثورة البحر وهدوء الطبيعة من خلال لوحاته، واللوحة فضاء يفرغ عليها الرسام مكنوناته وانطباع روحه، فعندما يملأ روحه الحزن يسكبه فناً في إحدى لوحاته، أو يطير فرحاً فترى الألوان تتراقص من خلال أحد أعماله، وأحاول عادة أن أدخل لون الفرح إلى لوحاتي، وعلى الرغم مما تعطيه الألوان الحارة من دفء فلا بد منها، فوحشية الأحداث كان لها صدى لدى جميع الناس، فكيف بالفنان وهو مرهف الإحساس وأداة التعبير عن أوجاع بيئته ومجتمعه؛ فيعبر بروحه وريشته وألوانه ليستنطق الورق».

لوحة

وعن مشروع "مدى" ودورها فيه، قالت: «مشروع "مدى" الثقافي يضم مجموعة من الشباب من كافة الفئات العمرية ويتنوع بالنشاطات، ودوري فيه مسؤولة الفن التشكيلي، وقد أقمنا العديد من المعارض والنشاطات؛ في "دمشق" "سورية الجمال2016"، و"سورية بتجمعنا"، ضمت المعارض فنانين من كافة المحافظات وخارج "سورية"، ونحن مقبلون على مجموعة من النشاطات الجديدة».

وعن رسالتها الفنية، قالت: «رسالتي لوحتي التي تمثل الفضاء للبوح بأسراري، وإيصال فكرتي المنشودة إلى الناس، وإيصال رسالة من خلال لوحة أشد صعوبة من إيصالها عن طريق قصيدة؛ فالقصيدة على الأغلب معناها واضح على خلاف اللوحة، حيث من الصعب شرحها؛ لأنك بذلك تجعلها ضمن إطار، لذلك يجب تركها لخيال المتلقي؛ إذ أشعر بأنه يقرأ ذاته؛ فتصل إلى كل مشاهد حسب حالته النفسية والوجدانية؛ فالحزين والسعيد والكئيب يرى مواطن خلجاته فيها».

‫‫تضع لمساتها الأخيرة على إحدى لوحاتها

وعن مشاركتها الأخيرة بمعرض "بورتريه"، قالت: «شاركت بلوحتين؛ الأولى لزوجي الذي كانت له بصمات بارزة في مسيرتي الفنية، وله الفضل الأول في مشاركاتي واهتمامي بفني بتشجيعه الدائم. أما اللوحة الثانية، فهي لطفلي، وقد سببت التباساً عند كل من شاهدها، فقد رأوا صورة وجهي من خلال طفلي».

رئيس فرع نقابة الفنانين التشكيلية في "حمص" "أميل فرحة"، قال عنها: «تحمل "كارمن شقيرة" شيئاً جميلاً بداخلها تخرجه إبداعاً في لوحاتها، ونلمس تقدمها في مجال الرسم، حيث لا توفر جهداً في تطوير ذاتها، فنراها دائماً تتفوق على ذاتها من خلال أعمالها، وكانت قفزاتها واضحة في مشاركتها الأخيرة بمعرضنا "بورتريه"، وتميزت خلال ورشة العمل الأخيرة بنشاطها ودأبها وإصرارها على العمل».

الجدير بالذكر، أن الفنانة "كارمن شقيرة" من مواليد "حمص"، عام 1974.