الغربة وجع لا ينتهي وخاصة لدى الأديب، فكان ملهماً لأديبتنا، وأينع فكراً وعلماً وإبداعاً، فاجتهدت لتحصل على أعلى الشهادات العلمية، وكانت روائية بأسلوب إبداعي خاص بها.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الأديبة الدكتورة "ابتسام العيسى"، بتاريخ 8 نيسان 2019، لتحدثنا عن مسيرتها ورحلتها الشاقة في دروب العلم ودور الغربة في تحفيزها، فقالت: «أنهيت دراستي الجامعية الأولى في كلية الآداب، قسم اللغة العربية في جامعة "البعث"، والتحقت بجامعة "دمشق" لدراسة الدبلوم، لكنني لم أكمله لأنني غادرت "سورية"، وشغلتني حياة الأسرة والحياة في "إيطاليا"، إلى أن سنحت لي فرصة الدراسة أثناء وجود أسرتي في "النمسا"، فحصلت على القبول في جامعة "فيينا" قسم الدراسات الشرقية، فنلت درجة الماجستير، وكانت بعنوان: "جبران خليل جبران.. مفكراً وأديباً"، ثم حصلت على درجة الدكتوراه عن أطروحتي التي قدمتها بعنوان: "ثالوث المرأة والحب والحرية في شعر نزار قباني".

الرواية الحديثة تأخذ ألف شكل وشكل، ويصح أن نطلق عليها وصف رواية، ورواية الدكتورة "ابتسام عيسى" "رؤى" فيها تنوع فريد متميز في الشكل، وغنى في المضمون، هي امرأة سورية تخرج إلى العالم الغربي لتجد فيه التناقضات، فتسجل مع رفيقاتها انطباعاتها وردود فعلها، لتصل بعد ذلك إلى رؤية خاصة متميزة، أو لنقل فلسفة خاصة إزاء ما يجري، لا تبتعد عن المدارات الإنسانية والوطنية التي تزيدها غنى، وأظن أن هذه الرواية جديرة بالقراءة، ومن الروايات المتميزة التي صدرت مؤخراً

كانت الغربة مجالاً مفتوحاً لتحقيق حلم حملته في نفسي ولم أدخر جهداً في العمل على تحقيقه، ففي الغربة يحاول المرء سبر أغوار المجتمع الجديد؛ خصائصه وقوانينه، فيأخذ منه ما يحتاج إليه أو يناسبه مع أن الصدى الشخصي الحقيقي للمرء لا يجده إلا في المجتمع الذي انحدر منه، وغير خافٍ على أحد أن الغربة تجعل المرء أكثر استقلالية؛ فيتوجه إلى داخل نفسه يحاورها بعمق، فيلتصق بها أو يدعها متروكة لطوارئ بحر غربة لا يرى شاطئه.

الدكتورة ابتسام العيسى

وفي ذات الوقت يبقى حاملاً قضية وطنه بين ضلوعه، وكيف بمن حمل الكثير من جينات حضارة عريقة وقديمة قدم التاريخ».

عن عملها الإبداعي؛ رواية "رؤى"، قالت: «"رؤى" لم تكن محاولتي الأولى في الكتابة؛ إذ كانت لي محاولات شعرية عديدة ونثرية منذ دراستي الجامعية -وما تزال لديّ- لكنها لم ترَ النور بعد، وهذه الرواية قدمت نموذجاً لامرأة سورية تذهب في أحلامها إلى آخر مدى؛ فتنشر قضية وطنها وتكشف المستور والكثير من تفاصيل الحرب الشرسة على بلدها خلال ممارستها لعملها في "الفاو" (منظمة الأغذية والزراعة)، فتكسبُ تضامن الآراء حولها في مجتمعها الجديد للوقوف وقفة حق أمام قضية وطنها. ثم تقف أمام خيارات مغرية عدة، فتختار العودة إلى وطنها وأسرتها لتكمل مسيرة نضال اختارته عنواناً لأي نجاح تناله.

إن الانفتاح على مجتمع جديد يفتح أبواباً عديدة لفهم مختلف لما يمر معك من أحداث، وأثرى ذلك عندي كثرة العلاقات والنشاطات التي شاركت بها هناك مع الجاليات الأجنبية الأخرى في البلد ذاته؛ وهذا كان سبباً مهماً في تذليل معظم الصعوبات، لا بل قد ساعد ذلك الاختلاط مع تلك الجاليات على تعريفهم بحضارة بلدنا الضاربة الجذور وثقافة شعبنا».

للمصاعب في الغربة صدى في النفس والروح، تحدثت عنها وعن تأثيرها بعائلتها، قائلة: «للغربة همومها ومصاعبها وخاصة في البدايات، نظراً إلى اختلاف العادات والتقاليد في المجتمع الجديد، ورحم الله المطران "هيلاريون كبوجي"، الذي كان يقول لنا: (الغربة كربة، والهم فيها حتى الرقبة).

بالنسبة لأبنائي، لم يخلُ الأمر من صعوبات في تكيفهم مع لغة جديدة وثقافة جديدة وخاصة في المراحل الأولى من إقامتنا في كل بلد نسافر إليه، سواء في "النمسا" أو "إيطاليا" أو "أوكرانيا".

وبقدر ما كان يمثل ذلك صعوبة أمامهم كان عامل ثراء لغوي وثقافي لهم، حيث أتاح الواقع الجديد إمكانية التعرف إلى عادات وتقاليد ذاك المجتمع وثقافة وحضارة البلد. إضافة إلى ذلك، كان الحرص على التوازن بين دراستهم باللغة العربية إلى جانب تعلم لغة أي بلد يعيشون فيه كفيلاً في الحفاظ على هويتهم اللغوية وتعلم لغات جديدة تمنحهم معرفة أوسع وأشمل للمجتمع، وكسب ثقافة تغني شخصياتهم؛ وإن كلف ذلك الأسرة العناء والتعب».

الروائي المحامي "عبد الغني ملوك" يتحدث عن عمل الأديبة الروائي قائلاً: «الرواية الحديثة تأخذ ألف شكل وشكل، ويصح أن نطلق عليها وصف رواية، ورواية الدكتورة "ابتسام عيسى" "رؤى" فيها تنوع فريد متميز في الشكل، وغنى في المضمون، هي امرأة سورية تخرج إلى العالم الغربي لتجد فيه التناقضات، فتسجل مع رفيقاتها انطباعاتها وردود فعلها، لتصل بعد ذلك إلى رؤية خاصة متميزة، أو لنقل فلسفة خاصة إزاء ما يجري، لا تبتعد عن المدارات الإنسانية والوطنية التي تزيدها غنى، وأظن أن هذه الرواية جديرة بالقراءة، ومن الروايات المتميزة التي صدرت مؤخراً».

يذكر، أن الدكتورة "ابتسام العيسى" من مواليد "حمص"، عام 1966.