تجرعت الفن بكؤوس من الإبداع منذ طفولتها المبكرة، رسمت على الورق والخشب، فأبدعت برسم خريطة الوطن العربي والحيوانات والزهر، ليكون لها دور فاعل بوضع منهاج التربية الفنية لكافة الصفوف المدرسية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة التشكيلية "سميرة فائق مدور" بتاريخ لتحدثنا عن انطلاقتها الفنية، فقالت: «ترعرعت ضمن أسرة فنية تعشق الفن وتقدره، حيث كان أخوَاي الأكبر مني سنّاً يعشقان الرسم، وكان والداي محفزين ومشجعين على الخلق والإبداع، فكنت أرسم على ما تقع عليه يدي، فأتفنن بالرسم على قطع الخشب التي أحصل عليها، وكنت محط أنظار المدرسين في المدرسة، حيثُ كنتُ المخولة برسم المصورات في دروس الجغرافية والعلوم، وفي الثانوية كان لمدرسة التربية الفنية دور بتبني موهبتي، فبدأت الرسم بالألوان الزيتية بعمر مبكر، وشاركت بعدة معارض، ثم التحقت بمعهد "صبحي شعيب" بعمر السادسة عشرة، حيث كان للفنان "أحمد دراق السباعي" دور كبير في صقل موهبتي وتحفيزي وتعليمي مبادئ الرسم، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة في "دمشق" لإبراز موهبتي بأسلوب أكاديمي باختصاص العمارة الداخلية، ثم توجهت للتعليم والرسم».

تأثرت كثيراً بالأزمة ودخلت بحالة صدمة، ويعود ذلك إلى كون الفنان أكثر حساسية من سواه، فتوقفت عن الرسم بعد أن دمرَّ مرسمي، وسُرقت العديد من لوحاتي، فظهرت الأزمة لاحقاً في لوحاتي بحالة من الكآبة، فرسمت "حمص" القديمة بإحساس الغد، وأن الغد أفضل، ورسمت الدمار والخراب في "حمص" في ملتقى "جوليا دومنا" بأسلوب غير مباشر

تناولت المراكز التي شغلتها ومشاركاتها، قائلة: «أقوم حالياً بدوري كعضو مكتب اتحاد الفنانين التشكيليين فرع "حمص"؛ مسؤولة عن مكتب التصميم الداخلي والثقافة فيه، ومدرسة في معهد إعداد المدرسين والمدارس الفنية في "حمص" منذ عام 1981، وقمت بالتدريس في كلية "حمص" للهندسة المعمارية بعد نيلي دبلوم التأهيل التربوي، ثم قمت بالتدريس في كلية التربية اختصاص معلم صف مادة التربية الفنية وأصول التدريس عام 1998، وعملت موجهة اختصاصية لمادة التربية الفنية في مديرية التربية، ثم رئيسة شعبة التوجيه الاختصاصي منذ عام 2005، وشاركت بلجان تأليف المناهج في وزارة التربية بـ"دمشق" لمدة خمس سنوات، وذلك لتأليف كتب لمادة التربية الفنية لكافة الصفوف المدرسية، وكتاب المعلم وكتاب الطالب عام 2010، وعملت في مركز المتميزين في "حمص" كرئيسة للقسم الفني عام 2018، وأعمل مدرّسة مادة الرسم والمهارات الفنية في الجامعة الوطنية الخاصة، وقد شاركت بالعديد من المعارض الفنية، منها: معرض جماعي لفناني "حمص" في نقابة الفنانين التشكيليين عام 1985، ومعرض "تحية لـ17 نيسان" عام 1986، ومعرض البورتريه ومعارض جماعية في النقابة عام 1989، ومعارض في المركز الثقافي عام 1992، ومعرض الطبيعة الصامتة في "حمص" عام 1997، ومعرض فني متجول في "حلب" و"اللاذقية "عام 2000، ومعرض اللوحة الصغيرة في "حمص" عام 2005، ومعرض فني متجول في "حلب" و"اللاذقية" و"دمشق" عام 2010، ومعرض اللوحة الصغيرة، ومعارض جماعية لفناني "حمص" عام 2010، لكن توقفت عن العمل الفني نتيجة الحرب وفقداني معظم أعمالي الفنية، وفي عام 2017 كانت العودة إلى العمل الفني من خلال معارض جماعية متنوعة المواضيع والمناسبات الوطنية في "حمص"، ومعرض "ألوان من حمص" في المركز الثقافي بـ"أبو رمانة" في "دمشق" مع مجموعة من فناني "حمص" عام 2018، ومعرض "حمص القديمة"، ومعرض البورتريه ومعرض "تحية لـ17 نيسان"، وشاركت في الملتقى الأول "جوليا دومنا" في "حمص"، بمشاركة فنانين من "دمشق" و"السويداء" عام 2018، وتم تكريمي عن مجمل مسيرتي الفنية من قبل محافظ "حمص" وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في "المهرجان السياحي والثقافي الأول" في "حمص" عام 2019».

الفنان التشكيلي عون الدروبي

وتحدثت عن دورها في تطوير المناهج، قائلة: «أنا من الذين وضعوا اللبنة الأساسية لمادة التربية الفنية التشكيلية لكل مدارس القطر ضمن كتب مدرسية، حيث لم تكن سابقاً، وعملنا منذ عام 2005 على ذلك لكل المراحل الدراسية، ثم درّست في كلية التربية بجامعة "البعث"، وعملت دائماً على ربط مواد التربية بالفن، وكيف يمكن أن نساعد الطفل على التعبير، حيث يمكن أن نوصل إليهم الكثير من الأفكار ليس الفنية فقط، وإنما الحياتية أيضاً، ومازلت أدرّس في الجامعة».

وعن رحلة بحثها عن ذاتها، قالت: «يغلب على لوحاتي الواقعية، حيث بدأت رسم كل ما حولي من الواقع، لأنه يؤكد على المهارات وحاجة الفنان إلى الواقع حتى لو انتقل إلى التجريد، فالرسم الواقعي بداية أي فنان، لكنني اتجهت إلى الانطباعية لأنها خرجت بالفن من المراسم إلى الطبيعة واللون والإضاءة والشمس والألوان المتحركة، وهو جوهر الانطباعية؛ فترى اللون فيها متحركاً، وأنا وجدت نفسي فيه، فأحببت أن يسيطر اللون على مجرى اللوحة، واتبعت شيئاً من الواقعية، وأدخلت شيئاً من إحساسي من خلال اللوحة، وأنا أبدأ وضع اللوحة أمامي، ثم أتلمس اللون الذي أشعر بأنه الأقرب إليّ في تلك اللحظة، واللون يقودني إلى اللون الثاني، فترى لوحاتي أحياناً تضج بالألوان الحارة، وتارة أخرى بالألوان الباردة، وعلى الرغم من أن بعض الألوان هادئة، إلا أنها تضج بالحياة، ويرتبط ذلك بنفسية الفنان؛ فأحياناً يرى أنه يجب أن يعبر بطريقة قوية وحادة، وأميلُ إلى رسم الطبيعة الحيَّة، لكنني رسمت "حمص" القديمة، ونحاول إعادة الفنانين إلى الطبيعة ليرسمها كل فنان من منظوره سواء بأسلوب واقعي أو تجريدي، وهي خطوة من خطواتنا في الاتحاد».

الفنانة أمام لوحاتها

وتناولت تأثير الحرب في أعمالها، قائلة: «تأثرت كثيراً بالأزمة ودخلت بحالة صدمة، ويعود ذلك إلى كون الفنان أكثر حساسية من سواه، فتوقفت عن الرسم بعد أن دمرَّ مرسمي، وسُرقت العديد من لوحاتي، فظهرت الأزمة لاحقاً في لوحاتي بحالة من الكآبة، فرسمت "حمص" القديمة بإحساس الغد، وأن الغد أفضل، ورسمت الدمار والخراب في "حمص" في ملتقى "جوليا دومنا" بأسلوب غير مباشر».

الفنان التشكيلي "عون الدروبي" صديق الفنانة، قال: «في الفترة الأخيرة ازداد نشاط الفنانة "سميرة مدور"، فأصبح لديها منتوج فني جميل، نلاحظ تحسن وتطور في مستواها الفني من خلال متابعة مشاركاتها في المعارض منذ المعرض الأول حتى الآن، فتميزت بمسيرة فنية طويلة تزداد فيها تألقاً يوماً بعد يوم، ونتلمس الواقعية في لوحاتها بتصرف، ضمن المدرسة الواقعية مع تحريفها بما يناسب الحالة التي تمرُّ بها، ويبقى التفاؤل عنوان لوحاتها، فعلى الرغم من التهجير والحزن إلا أن الأمل والإشراق لا يفارق روحها ولا أعمالها الفنية، فهي ترسم الحقول والأزهار وتلون بضوء الشمس».

لوحة من معرضها الأخير

يذكر، أن الفنانة "سميرة مدور" من مواليد "حمص" عام 1959، متزوجة ولديها ابن (طبيب أسنان)، وابنة (مهندسة معمارية).