عاصر كبار الأدباء فحفزوه وشجعوه وأثنوا على تجربته، ووجد ضالته في كتابة القصة القصيرة ذات المضمون الإنساني، فحصل على العديد من الجوائز، ويعدّ نجاح تجربته لتأنيه في كتابة القصة، لكنه اتجه في السنوات الأخيرة لدراسة القرآن وتأليف العديد من الدراسات والأبحاث بهذا الاتجاه.

التقت مدونة وطن "eSyria" مع القاص "صفوان حنوف" بتاريخ 5 تموز 2019، ليحدثنا عن انطلاقته، قائلاً: «ظهرت بذور الموهبة لدي منذ الطفولة، فتميزت بالإعراب والتعبير منذ كنت في الصف الرابع الابتدائي، حيث لم يسبقني نظرائي إلا نادراً، فكتبت أول مسرحية في الثالث الإعدادي، لكنها لم ترتقِ إلى مستوى المسرحية فمزّقتها، وكررت المحاولة في الثالث الثانوي فقرأها الأستاذ "فرحان بلبل"، وخاطبني قائلاً: (لو لم أعلم أنك كاتبها لقلت كاتبها من أضعف كتاب المسرحية، ولا تخلو المسرحية من بعض المقومات المهمة التي أجدت فيها، لكن عموماً المسرحية للتمزيق)، فكان حديثه دافعاً للتوجه إلى القصة القصيرة، وكانت بدايتي الحقيقية في مطلع الثمانينات بكتابة قصة بعنوان: "الحقيقة والشمس" نشرت في صحيفة "العروبة" بـ"حمص" عام 1983، وهي أحد النصوص المشاركة بمسابقة اتحاد الكتاب العرب التي لم تحصل على جائزة على الرغم من أنها تبشر بموهبة، فكانت حافزاً إضافياً للكتابة وخصوصاً بعد معرفتي بالدكتور "سمر روح الفيصل" المُدرّس في كلية الآداب ورئيس لجنة التحكيم، حيث سألته عن رأيه بمشاركتي السابقة، فقال: (لو جئنا بالقصة وقصصناها إلى قسمين، لخرجت معك قصتان؛ الأولى بدأت اجتماعية ولم تنتهِ، والثانية وطنية انتهت من دون أن تبدأ، لذا أقترح عليك أن تعيد كتابتها كقصتين). وفعلاً عام 1991 أعدت كتابتها في قصتين؛ الأولى اجتماعية بعنوان: "المرحوم"، التي فازت بالجائزة الثانية بمسابقة اتحاد الكتاب العرب عام 1996، وحصلت القصة الثانية "السكين" على الجائزة الأولى على مستوى "سورية" عام 1997، ثم حصلت في ذات العام على جائزة البحث الأدبي عن بحثي "الأمثال الشعبية ذاكرة وحكاية"، وهكذا امتلكت الكثير من مقدمات القصص القصيرة، وشاركت عام 1998 بمسابقة "الشارقة" بمجموعة قصصية بعنوان: "زمن الحرائق"، ففازت بالجائزة الأولى على مستوى الوطن العربي عام 1999، وفي عام 2004 كتبت مجموعتي القصصية الثانية بعنوان: "البيدق"، وبعد عدة سنوات كتبت المجموعة الثالثة بعنوان: "رجل يخاف النوم" تتألف من إحدى عشرة قصة من بينها قصة بعنوان: "امرأة بطعم الحب"، وقد حصلت على عضوية اتحاد الكتاب العرب عام 2018، واتجهت الآن بعد تفرغي من العمل الوظيفي باتجاه آخر، حيث كتبت 6 أبحاث مصدرها القرآن الكريم، بعنوان: "الإنسان في القرآن الكريم" كتبتها عام 2013، وهي قيد التدقيق، و"المعجم الشامل في موضوعات القرآن الكريم" قيد الطباعة، كتاب "التجارة مع الله في القرآن الكريم"، وأتناول فيه كيف تكسب رضا الله بأداء الفرائض والابتعاد عما نهى عنه.

كان للعديد من الكتاب والأدباء دور داعم في مسيرتي، وأبرزهم: الدكتور "سمر روح الفيصل"، و"حنا عبود"، و"سلام اليماني"

وفي عام 2004 صدر لي كتاب في "بيروت" بعنوان: "الاسم الرباني وأثره في السلوك الإنساني"، وصدر لي معجم بعنوان: "معجم مكرمات الأنبياء والرسل ومعجزاتهم في القرآن الكريم" عام 2014».

الأديب الإعلامي عيسى اسماعيل صديق القاص

وتحدث عن المواضيع التي تناولها في قصصه، قائلاً: «تناولت العديد من القضايا والمواضيع ذات البعد الإنساني، فأخذتها من أكثر من جانب، منها: الحب، والمرأة، والتعاون، والفلاح.

ومن خلال معاصرتي للحركة التصحيحية، كتبت عن الانقلابات التي حصلت في ذلك الزمن، وتناولت في قصصي التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب».

صفوان حنوف وقد أنهكته السنوات بجانب كتبه

أما عن أبرز الأشخاص الذين كان لهم دور داعم ومؤثر بمسيرته الأدبية، فقال: «كان للعديد من الكتاب والأدباء دور داعم في مسيرتي، وأبرزهم: الدكتور "سمر روح الفيصل"، و"حنا عبود"، و"سلام اليماني"».

ووجه نصيحة للأدباء المقبلين على العمل الأدبي، قائلاً: «كنت أكتب وأضع أعمالي على الرفوف، فأقوم بالتعديل أكثر من مرة كلما راودتني فكرة جديدة، وأتوجه بالنصيحة للشباب: لا تستعجلوا بنشر نتاجاتكم الفكرية والأدبية، وعليكم التريث لمدة شهر أو شهرين حتى يثبت النص في أذهانكم، فقد كان هذا شعاري في مسيرتي ودفعني إلى النجاح، ولا أظن أنني قدمت عملاً للجمهور لم يكن راضياً عنه».

صفوان حنوف بجانب مكتبته المتواضعة

الأديب الإعلامي "عيسى اسماعيل" تناول القاص "حنوف" في كتابه "أعلام القصة والرواية في حمص" قائلاً: «تتميز قصص "حنوف" بالسرد الجميل الممتع الذي يجذب القارئ أو المستمع من خلال الأحداث المثيرة والمدهشة التي يبرع في ابتكارها، بعبارات شائقة ومفردات واضحة في توظيفها لمصلحة عملية القصّ، كما نرى في قصته "خيط الدم" وهي قصة رجل يختفي فجأة ويطول اختفاؤه القسري، وعندما يظهر فجأة ويطرق باب منزله يفتح الباب شقيقه ويتفاجأ به، فيقول الشقيق متألماً لأخيه الذي ظهر فجأة ليجده في منزل واحد مع زوجته "زوجة الغائب": "يا أخي لو أنني عرفت"، ومن خلال هذه العبارة نكتشف مقدار ألم الشقيق الذي تزوج زوجة أخيه الغائب الذي ظن الجميع أنَّه مات.

تركز قصص "حنوف" على الجانب الإنساني والمشاعر الإنسانية السامية التي تظهر من خلال الأحداث المؤلمة والنادرة، فيجعل الأخلاق الفاضلة صمّام أمان في الحياة الإنسانية. تجعل قصص "حنوف" السلوك القويم هدفاً لها والضمير الحر مرادها، إنها قصص تعزز مفهوم الحق والخير والجمال.

إن من يقرأ قصص "حنوف" يشعر بالمتعة والفائدة، بالتأكيد تكون المتعة أكبر عندما نستمع إليه وهو يلقي قصصه ذلك الإلقاء الجميل بصوت تتكيف نبراته مع الحدث والموقف. ويقول الناقد "علي الصيرفي" في كتابه "صدى الأقلام": "يعمل "صفوان" ويعمل حتى يزيح الكثير من العتمة، ويطلق بعض الإشعاعات النورانية، كي يقدم قصصاً تشمل الفائدة والمعرفة، يختزن الهموم ويوزعها، ويركز على الهموم الاجتماعية والشخصية والوطنية"».

يذكر، أن "صفوان حنوف" من مواليد "حمص" عام 1951، يحمل إجازة في العلوم الاقتصادية من "حلب" عام 1988، متزوج ولديه خمسة أولاد؛ أكبرهم "ساري" حاصل على إجازة بالكيمياء، وقد استشهد عام 2017 أثناء أداء خدمة العلم فداء للوطن، و"أسامة" حاصل على إجازة من كلية الهندسة المعلوماتية ودبلوم تأهيل تربوي، و"صفوة" حاصل على إجازة بكلية الآداب، قسم اللغة الإنكليزية وترجمان محلف، و"غنى" ماجستير باللغة الإنكليزية ترجمان محلف، و"معتز" حاصل على ماجستير بإدارة الأعمال.