منطلقةً من إيمانها بأنَّ الشعرَ هو نتاجُ علاقةٍ بينَ الجمالِ والإحساس، وبأنَّ القصيدةَ وليدةُ تمازجهما معاً، استطاعت من خلال قصائدها وقصصها القصيرة إبرازَ روح الأنثى بكلِّ عواطفها، ناقلةً المتلقيَ إلى عوالمَ من الجمال وسموِّ النفس.

للتعرف أكثر على شخصية "عفاف الخليل" الشاعرة والقاصَّة والمعلمة والأم، مدونةُ وطن "esyria" التقتها بتاريخ 5 آب 2019 وحدثتنا بدايةً عن نشأتها ودور الشعر في ذلك فقالت: «دواوين الشعر والروايات من مختلف المشارب الأدبية كانت حاضرةً من حولي مذ بداية تشكُّل وعيي كفتاةٍ صغيرةٍ في منزل عائلتي، ما زالت تلك الصور محفورةً في ذاكرتي حتى اللحظة وأنا أشاهد والدي الشاعر "محمود الخليل" ورفاقه من أدباء وشعراء، محوِّلين ذاك البيت لما يشبه صالوناً أدبياً بكلِّ ما تعنيه الكلمة، أحاديثهم ونقاشاتهم في شؤون الأدب والفن عامةً والشعر خاصةً إضافة للمكتبة الضخمة هناك، كلّ ذلك جعلني عاشقةً لكلِّ نصٍّ شعري، وقصَّةٍ ورواية، هذه الوقائع شكَّلت خارطةَ سيرٍ لي مع متابعة تحصيلي العلمي، لأجد نفسي من طلاب الأدب الانكليزي الذي أحببته بموازاة عشقي للغة العربية، وحصلت على شهادة البكالوريوس فيه من جامعة "البعث" في عام 1994».

ها هي تتهادى بدلالٍ بجمالها البهيِّ كلَّ ليلةٍ مرصَّعة بالنجوم في سماءٍ صافية ## أمَّا ورود سناها الباهر فقد جمعت عينيها أجمل ما في النور ## وأروعَ ما في الظلام أمَّا السماءُ فلعلها كانت تغارُ من سحر بهائها

رحلة "عفاف الخليل" الفعلية مع نظم الشعر، عنها تقول: «ما ذكرته سابقاً شكَّل لديَّ مخزوناً كبيراً بسبب تمكني من اللغتين العربية والإنكليزية، وجاءت مشاركتي كطالبةٍ في الاحتفالات المتنوعة بجميع المراحل الدراسية، حيث كنت ألقي قصائد لشعراء أحببت شعرهم، إن كانوا من العصر الجاهلي أو من تلاهم أمثال "المتنبي" و"المعرِّي"، وصولاً للكبيرين "نزار قباني" و"محمود درويش"، وليس انتهاءً بشعر "جمال الدين خضور" و"أدونيس"، فالشعر بالنسبة لي هو نتاج ذاكرةٍ فائضة عند الشاعر، وإبداعٌ خاص في لحظة تمتزج فيها الأحاسيس مع صورةٍ بديعة الجمال في نظره، لكن كتاباتي الخاصة بدأت تظهر في المرحلة الثانوية وبعدها الجامعية، وأخذت تتبلور شيئاً فشيئاً مكتسبةً النضج من خلال مشاركاتي في الفعاليات والمهرجانات الشعرية والثقافية إن كان في مدينة "حمص" أم خارجها، كذلك وجودي في بعض المنتديات الأدبية كعضوٍ فيها ومثالها منتدى "مدحت عكاشة" ومنتدى "حمص" الأدبي و"ملتقى الثلاثاء الثقافي" عزّز من نتاجي الشعري، وتنوع المواضيع التي عكستها قصائدي وحتى القصص القصيرة والخواطر التي كتبتها أيضاً».

دواوين الشاعرة وبعض من شهادات التكريم

عن بحور الشعر العربي التي تفضلها وعلاقتها مع الشعر الغربي وترجمته، تابعت قائلةً: «نهلت الكثير من نتاجات والدي الشعرية وتأثرت بها، ومعه اطّلعت على بحور الشعر العربي بتنوعها، هذا ما جعلني قادرةً على النظم بطرقٍ عدَّة، إن كان الشعر الكلاسيكي الموزون أم شعر التفعيلة، لكن الشعر المنثور هو أكثر ما أفضِّله ويطغى على صورة قصائدي، لأنّه يجعلني متحررةً من كلِّ قيدٍ لكلماتي ولصوري الشعرية، فمعه القصيدةُ سابحةٌ في فضاءٍ أوسع رحابةً وحريةً، أمَّا الشعر الغربي فقد قرأت الكثير من دواوينه المترجمة في صباي، وجاء تخصصي في دراسة اللغة الانكليزية عاملاً مساعداً لي في متابعته أكثر، معززاً من ذائقتي الشعرية نحوه، تأثري كان واضحاً في أدب "وليم شكسبير" و"اللورد بايرون" اللذين حفظت أشعارهما عن ظهر قلب، أمَّا "وردث وورث" فقد كنت أستمتع بقراءة شعره بشكلٍ مميّز أكثر».

من شعرها المترجم للشاعر "اللورد بايرون" نقتطف مايلي:

قصة قصيرة من منشوراتها

«ها هي تتهادى بدلالٍ

الشاعرة رحاب ابراهيم رمضان

بجمالها البهيِّ كلَّ ليلةٍ

مرصَّعة بالنجوم في سماءٍ صافية

أمَّا ورود سناها الباهر

فقد جمعت عينيها أجمل ما في النور

وأروعَ ما في الظلام

أمَّا السماءُ فلعلها كانت تغارُ من سحر بهائها».

"عفاف الخليل" العاشقة كأمٍّ ومعلّمة أجيال ٍ وأنثى أولاً، عن توظيف مشاعرها تلك في نتاجها الشعري أضافت تقول: «الشاعر هو مرآة لما حوله من أحداثٍ تقع ويتأثر بها طبعاً، بالنسبة لي الشعر هو مغازلةٌ لطيفة بين الجمال الذي يراه وبين إحساسه به، والقصيدة يجب أن تنقل الواقع المعاش بجميع حالاته المحزنة والمفرحة، فمثلاً ما مرَّ به وطننا من أحداثٍ مؤلمةٍ، استوجب حضور عشقي له في قصائدي بمجملها، ولم يغب عنها سمو رسالة الشهادة والشهيد، فأنا ابنة هذه الأرض وما يصيبها يصيبني بكلِّ تأكيد، أمَّا الأمومة التي هي أعظم هبات الخالق للمرأة، كوني لامستها كإبنةٍ أولاً ومن ثمَّ كأم ومعلمة لطلابي، لم تكن أشعاري خاليةً من وصف ذلك الشعور والعطاء المكنون في طبيعتها الإنسانية، في جميع تلك الحالات فإنَّ طابع الغزل هو السائد حتماً في سطور قصائدي، هذا لأنّي أعدّ اللغةَ الشعريةَ معادلةَ انسجامٍ بين وردةٍ ونحلةٍ، ينتج في ختامها العسل».

هذه بضع أبياتٍ من قصيدةٍ تتغنى بالوطن والشهادة تقول فيها:

«سورية اليوم للأبطال ملحمة صرنا لأمتنا التاريخ والعصبا

والغوطة اليوم صارت للغلا علماً قد صافحت بمزايا صبرها حلبا

إذ كان تربها للفيحاء مفخرةٌ والآن صار لدى أرجائها ذهبا

في حمص صرنا إلى عمر الشهيد غداً نهدي إليه قناديل المنى حدبا».

مؤلفاتها من القصَّة القصيرة والخاطرة عنها تقول: «لي مخطوطٌ يتضمن مجموعة قصص قصيرة لأحداثٍ كنا لا نتوقع حدوثها سوى في روايات الخيال، لكنها للأسف حصلت حقَّاً في بلدنا، تحمل في طياتها الكثير من الأسى والألم والحزن الذي عشناه، دوري هنا كشاعرة وكاتبة دفعني لكتابة تلك القصص مختلفة المواضيع ولكن ذات الهدف الواحد، ألا وهو توثيق ما جرى ولكن بصورةٍ لا تخلو من الشعر وقد أسميتها "مذكرات حرب"، أمَّا الخاطرة فقد هدفت منها إلى إلقاء الضوء على فكرةٍ معينة أردت إيصالها للمتلقين بهدف زيادة الوعي الجمعي بينهم، وتحفيز عامل الخير في نفوسهم، ساعدني في ذلك دراستي لعلوم الطاقة التي أتجهز لنيل شهادة الدبلوم فيها قريباً، وأيضاً شهادة الدبلوم في التأهيل التربوي التي نلتها في عام 1997، بخصوص نتاجاتي فقد نشر قسمٌ كبير منها في صحف ومجلات محلية، وإقليمية، ومنها صادرٌ باللغة العربية في دول أوروبية».

الشاعرة "رحاب ابراهيم رمضان" في مداخلةٍ عنها تقول: «"عفاف الخليل" نجحت كمربيةٍ فاضلةٍ مع طلابها، عاكسةً عاطفة الأمومة التي امتلكتها ليس فقط لأبناء رحمها، نلمح في شعرها ذاك العبق الأنثوي الفيَّاض المساند للمرأة، والذي يأخذ بيدها لدرب النور والإبداع، هذا نراه في قصائدها التي تجلَّى فيها حبّ الوطن وتقديس الشهادة بأبهى صورةٍ ممكنة، فيها من الخيال واللوحات الجميلة الكثير، نشطت في ترجمة الشعر الغربي وفي إلقائه مساهمةً في نشر وتداخل الثقافات الأخرى مع الشعر العربي البليغ بأسلوبٍ سلسٍ ومميز، برعت في كتابة القصة من خلال سبكها المتين والمترابط بحوارٍ مشوِّق، بعد نقلها الواقع بأمانةٍ فيها».

زميلها المدرِّس "جهاد غمِّيض" قال عنها: «عرفتها منذ 15 عاماً كانت فيها مثال المعلمة والمربية لطلبتها الذين أحبتهم وأعطتهم من علمها ومحبتها بلا حدود، كشاعرةٍ وأديبةٍ كان لها دورٌ كبيرٌ في نشر الأدب والثقافة رغم قساوة الأحداث التي كانت سائدة في مدينة "حمص"، من خلال سعيها لإنشاء النقطة الثقافية في مدرسة "محارب الأحمد" التي تولّت إدارتها فيما بعد، خوفاً من انقطاع الفعاليات الثقافية والأدبية عن جمهور المدينة، كلُّ ذلك برأيي كان نابعاً من الحسِّ الإنساني العالي الذي تتمتع به، والذي لمسته شخصياً في نتاجها الشعري الذي أستمتع به كثيراً».

نهايةً نذكر بأنَّ "عفاف الخليل" من مواليد "حمص" عام 1971 متزوجة ولديها 4 أبناء، في رصيدها من 3 دواوين شعر هي: "نبضات عاشقة"، "أزمنة لصيفٍ آخر"، "إليك أشيل ارتحالي" صدرت توالياً في الأعوام 1999-2005-2018، نالت عنها شهادة الدكتوراه الفخرية من "المجلس الإعلامي الأعلى لفلسطين"، كذلك العديد من شهادات التقدير والتكريم عن مشاركاتها الشعرية في مناسباتٍ عدَّة.