حوَّل إعاقتَهُ التي لازمتهُ منذُ الطفولةِ إلى دافعٍ للتميُّز الرياضيّ، مثبتاً أنَّ العزيمةَ والإرادةَ الصلبة والمثابرةَ تصنعُ الشيءَ الكثيرَ للإنسان، ليسجلَ بصمتَهُ الخاصةَ في رياضةِ المعوقين على مستوى الجمهورية لسنواتٍ طويلة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيلول 2019 التقت "طلال الأحدب" صاحب الإنجازات في أكثر من لعبةٍ رياضيةٍ ليتحدث عن نشأته فقال: «ولادتي كانت في بيئةٍ ريفيةٍ ضمن عائلةٍ تمارس الزراعة سبيلاً وحيداً للعيش الكريم، ورغم الإعاقة التي لازمتني منذُ سنين طفولتي الأولى نتيجة إصابتي بمرضِ شلل الأطفال، وفقداني الكامل لحركة أطرافي السفلية، إلاَّ أنَّ ذلك لم يمنعني من متابعة تحصيلي الدراسي، حيث أتممت جميع المراحل برغبةٍ ومثابرةٍ حتى حصلت على الشهادة الثانوية العامة عام 1986، بعدها اتجهت للدراسة في المعهد المتوسط للإلكترون حيث كان لديَّ ميولٌ نحو هذا التخصص، لكنَّ ظروف التنقُّل والمعيشة اضطرتني إلى التوقف عن المتابعة لاحقاً».

تعرَّفت على اللاعب "طلال الاحدب" منذ بدايات انتسابه لصفوف نادي "السلام" الرياضي للمعوقين، استلمت مهمة تدريبه بدايةً في لعبة القوة البدنية وقد برع فيها محققاً ألقاباً على مستوى الجمهورية وفي البطولات العربية، طموحه اللا محدود ونشاطه وحبُّه للرياضة دفعاه لتحقيق الانتصارات والألقاب في جميع الألعاب التي مارسها، وقد كنت فخوراً جدَّاً بتميّزه كوني من أشرف على تدريبه، هو يمثِّل قوةَ الإرادةِ والتصميم بأبهى صورةٍ ممكنةٍ من خلال ما أنجزه في تاريخه

وعن دخوله عالم الرياضة والبدايات بممارستها تابع قائلاً: «الرياضة كانت مجرَّد اهتمامٍ بمتابعة أخبارها عِبرَ البرامج التلفزيونية والصحف الرياضية، لكنها أصبحت واقعاً وممارسة عام 1994 عند زيارتي مع المدرِّبة المتخصصة بكرة الطاولة "فكرت أصلان" إلى مقرِّ نادي "السلام" للمعوقين، حيث أعدّها صاحبة الفضل الكبير عليَّ فيما وصلت إليه لاحقاً من خبرةٍ وإنجازات، العدد القليل للاعبين في ذلك الوقت جعلني مع زملائي نتجه لممارسة عدَّة ألعابٍ في آنٍ واحد، وفي نهاية العام نفسه كان تتويجي الأول كبطلٍ للجمهورية في لعبة السباحة خلال البطولة التي جرت في مدينة "دير الزور"، ونلت فيها سبع ميدالياتٍ متنوّعة الدرجات، مع قلَّة الفرص التدريبية لنا كرياضيين أصحاب إعاقة إلاَّ أنني تابعت في احتلال المراكز الأولى لاحقاً، وكان آخرها حصولي على المركز الثالث في مسابقتي التتابع الجماعي والفردي ضمن منافسات بطولة الجمهورية التي جرت في مدينة "اللاذقية" العام الفائت، وبحكم تدريبات القوة البدنية اللازمة لبناء أجسامنا وقدراتنا، اتجهت للمشاركة في مسابقات بطولة الجمهورية لرفع الأثقال، وهنا أقف عند ذكر المدربين "طلال النجار"، و"عبد الباري هواش" فقد أشرفا على تدريبي مع زملائي في النادي، وأعطونا من خبرتهما الواسعة الشيء الكثير لأحقِّق عام 1995 لقب بطولة الجمهورية بوزن 52 كغ، في حينها تمّت دعوتي لأوّل مرةٍ للمشاركة مع المنتخب الوطني في البطولة "العربية الأفريقية" التي أقيمت في "دمشق"، ونلتُ أثناءها المركز الثاني والميدالية الفضية، إصراري على التدرُّبِ المستمرِ والمشاركات الدائمة في جميع الدورات والبطولات جعلني محافظاً على لقبي هذا سنواتٍ طويلة كان آخرها عام 2017».

بعض من شهادات التكريم لإحرازه بطولة الجمهورية

وعن الألعاب الأخرى التي مارسها وبرز فيها، أضاف: «كرة الطاولة من الألعاب التي بدأت بها رحلتي الرياضية، حيث كانت تستهويني وما زالت، أوَّل لقبٍ لي كان المركز الثاني على مستوى الجمهورية في عام 1998، ومنذ ذاك الحين لم أغب مطلقاً عن منصة التتويج، وآخرها كان المركز الثاني عام 2016، كما أنني مارست رياضة ألعاب القوى وحصلت على بطولة الجمهورية منذ عام 1995 حتى الآن، وكنت عضواً في المنتخب الوطني حيث شاركت معه في البطولة العربية التي جرت في "الأردن"، وكان ترتيبي الرابع في مسابقات رمي القرص والكرة الحديدية والرمح.

وبحكم دخول ألعاب جديدة ضمن قوائم الاتحاد العربي السوري للرياضات الخاصة، كانت رياضة كرة السلة على الكراسي وجهةً أخرى لي لممارستها على يد المدرِّب "زين العابدين دالاتي"، وحققت مع منتخب "حمص" العديد من البطولات كان آخرها المركز الأول عام 2018، طموحي لم يقف عند ذلك بل اتبعتُ عدَّة دورات في مجال التحكيم لأكثر من لعبة، وأصبحت معها حكم طاولةٍ معتمداً في لعبة كرة السلّة على الكراسي في عام 1996، أيضاً كنت دارساً في الدورات المتعاقبة لنيل شهادة الحكم لرياضة كرة الهدف للمعوقين ابتداءً من عام 1996، وحتى عام 2001 تاريخ نيلي لها».

أثناء التدريبات بكرة الطاولة في النادي

"غسان أبو صلاح" رئيس نادي "السلام" للمعوقين، قال: «"طلال الأحدب" رفيق دربٍ طويلٍ معي منذ بدايات تأسيس النادي، ما يميّزه هو نشاطه الدائم والمثابرة العالية التي يمتلكها من خلال المواظبة على التدريبات رغم الصعوبات التي واجهته وما زالت، يرى في الرياضة أكثر من مجرَّد هوايةٍ وألقابٍ، فهي علاجٌ نفسي وفيزيائي دائم.

ورغم تقدُّمه في العمر ومضي أكثر من ربع قرنٍ على ممارسته للرياضة بألعابٍ متعددة، إلاَّ أنَّ بصمته واضحة ومستمرة في حصد الألقاب على مستوى الجمهورية وحتى في البطولات الخارجية. علاقته بالجميع أكثر من ممتازة والأخلاق الحميدة التي يتصِّف بها جعلته محبوباً من كلَّ شخصٍ عرفه وتدرَّب معه، الإرادة الصلبة والعزيمة التي يمتلكها أهلتاه ليكون بطلاً حقيقياً في تاريخ الرياضات الخاصة في "سورية"».

المدرِّب عبد الباري هواش

"عبد الباري هواش" رئيس اللجنة الفنية لبناء الأجسام والقوة البدنية في "حمص" قال: «تعرَّفت على اللاعب "طلال الاحدب" منذ بدايات انتسابه لصفوف نادي "السلام" الرياضي للمعوقين، استلمت مهمة تدريبه بدايةً في لعبة القوة البدنية وقد برع فيها محققاً ألقاباً على مستوى الجمهورية وفي البطولات العربية، طموحه اللا محدود ونشاطه وحبُّه للرياضة دفعاه لتحقيق الانتصارات والألقاب في جميع الألعاب التي مارسها، وقد كنت فخوراً جدَّاً بتميّزه كوني من أشرف على تدريبه، هو يمثِّل قوةَ الإرادةِ والتصميم بأبهى صورةٍ ممكنةٍ من خلال ما أنجزه في تاريخه».

يذكر أنَّ "طلال الأحدب" من مواليد عام 1967 من قرية "تير معلة" التابعة لريف "حمص" الشمالي، متزوجٌ ولديه ابنتان.